تعيد ذكرى مهاجمة الاحتلال الإسرائيلي سفينة "مافي مرمرة" إلى الأذهان جريمة مركبة قتل فيها نشطاء عزل هبوا لكسر حصار مفروض على قطاع غزة منذ سنوات.
ففي 31 أيار/مايو 2010 هاجم سلاح البحرية الإسرائيلي
سفينة التضامن التركية "مافي مرمرة"، قرب شواطئ القطاع المحاصر، ما أسفر
عن استشهاد 10 متضامنين أتراك.
وكانت "مافي مرمرة" ضمن "أسطول الحرية"،
وهو مجموعة من 6 سفن اثنتان منها تتبعان لهيئة الإغاثة الإنسانية التركية "IHH".
وحملت السفن الست على متنها نحو 10 آلاف طن من مواد
الإغاثة والمساعدات الإنسانية، إضافة إلى نحو 750 ناشطا حقوقيا وسياسيا، بينهم صحفيون
يمثلون وسائل إعلام دولية.
تفاصيل الجريمة
أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي آنذاك النار مباشرة على
المتضامنين المدنيين و"العزّل" على متن السفينة، ما أدى إلى استشهاد 10 من
الناشطين الأتراك.
اقرأ أيضا: غزة تحيي الذكرى العاشرة لهجوم الاحتلال على "مافي مرمرة"
من بين الشهداء 9 متضامنين سقطوا على متن السفينة،
فيما توفي الناشط التركي العاشر متأثرا بجراحه في أحد مستشفيات العاصمة أنقرة يوم
23 مايو 2014.
وأدت العملية العسكرية الإسرائيلية كذلك، إلى إصابة
56 ناشطا، فيما تم اعتقال بقية المتضامنين الذين كانوا على متن السفينة لمدة يومين
قبل الإفراج عنهم.
ومن أبرز الأهداف الإنسانية للسفينة، بحسب ما قاله
متضامنون في حينه، "كسر الحصار الإسرائيلي البري والبحري عن قطاع غزة".
وأبحرت "مافي مرمرة" من ميناء "لارنكا"
القبرصي في 29 مايو 2010، بعد عدة أشهر قضتها في الاستعداد لهذه "المغامرة".
وكان مراقبون قد توقعوا قبيل انطلاق "مافي مرمرة"
وباقي سفن الأسطول، أن تتعرض للاستهداف الإسرائيلي، لكن هذا لم يثن المتضامنين عن مواصلة
الجهود لكسر الحصار.
توتر العلاقات الرسمية
تسبب الهجوم الإسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة"
بتوتر العلاقات بين تركيا والاحتلال الإسرائيلي، أدى إلى سحب سفير أنقرة من "تل أبيب".
وبرر الاحتلال هجومه "بعدم حصول مافي مرمرة،
على تصريح رسمي للدخول إلى شواطئ قطاع غزة".
ولعودة العلاقات بين الجانبين، وضعت تركيا عدة شروط،
وهي "ضرورة تقديم إسرائيل اعتذارا رسميا عن الحادثة، وتعويض ضحايا السفينة، ورفع
الحصار عن القطاع".
وفي ذلك الوقت، لم ينفذ الاحتلال أيا من تلك الشروط،
ما دفع أنقرة لتخفيض علاقاتها الرسمية مع تل أبيب إلى أدنى مستوياتها.
وفي إطار ذلك، خفضت تركيا مستوى التمثيل الدبلوماسي
إلى مستوى قائم بالأعمال، كما أنها علقت جميع الاتفاقيات العسكرية مع الاحتلال الإسرائيلي.
عودة العلاقات
في آذار/مارس 2013، قدم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو، عبر اتصال هاتفي، اعتذارا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان (الرئيس
الحالي، ورئيس الحكومة آنذاك) بشأن الهجوم، وفي ذات اليوم، أعلنت الحكومة التركية رسميا
قبول الاعتذار.
وفي 27 حزيران/يونيو 2016، أعلن الجانبان التركي
والإسرائيلي، توصلهما إلى اتفاق لإنهاء الأزمة بينهما.
وقال رئيس الوزراء التركي السابق بن علي يلدريم،
خلال مؤتمر صحفي عقده بأنقرة في ذلك الوقت، إن إسرائيل "ستدفع 20 مليون دولار
تعويضات لعائلات الشهداء الأتراك، الذين قتلوا على متن السفينة، وإن البلدين سيتبادلان
السفراء في أسرع وقت ممكن".
اقرأ أيضا: بذكراها الـ10.. "عربي21" تحاور أحد نشطاء "مافي مرمرة" (صور)
وأعلن يلدريم، أن تركيا سترسل أكثر من 10 آلاف
طن من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وهو ما تم بالفعل.
القضاء المحلي والدولي
الملف القانوني للهجوم على "مافي مرمرة"،
تم نقله إلى المحافل القضائية في تركيا والولايات المتحدة، وإسبانيا، وبلجيكا، وإيطاليا.
وعلى الصعيد الأممي، تم نقل الملف إلى مجلس حقوق
الإنسان في الأمم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية.
وعام 2014، قررت المدعية العامة في المحكمة الجنائية
الدولية فاتو بنسودا، عدم ملاحقة "إسرائيل" في قضية هجومها على "مافي مرمرة"،
معتبرة أن "الوقائع ليست على درجة كافية من الخطورة".
وخلال عامي 2017 و2019 (أيلول/سبتمبر) أعادت بنسودا
تأكيد قرارها، بعدما أقرت المحكمة الجنائية بإعادة النظر في القضية.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2019، جددت بنسودا رفضها
ملاحقة "إسرائيل" في قضية "مافي مرمرة"، مطالبة بإغلاق الملف.
إحياء الذكرى السنوية
ناشطون فلسطينيون وأتراك وأوروبيون يحيون سنويا ذكرى
الاعتداء الإسرائيلي على "مافي مرمرة"، عبر تنظيم فعاليات مختلفة.
والجمعة، أحيت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية
"IHH"،
الذكرى العاشرة للاعتداء على "مافي مرمرة".
ونظمت الهيئة فعالية في مكان انطلاق "مافي مرمرة"
بإسطنبول، بمشاركة أقارب شهداء الاعتداء الإسرائيلي، إضافة إلى من كان على متن السفينة
خلال الرحلة.
وفي كلمة ألقاها خلال الفعالية، قال الرئيس المؤسس
لـ"جمعية مافي مرمرة للحرية والتضامن" إسماعيل يلماز، إن السفينة كانت عملا
مدنيا شفافا وطاهرا، يهدف إلى إدراج القضية الإنسانية على جدول أعمال العالم.
وأضاف يلماز: "رغم أننا كنا في المياه الدولية،
فعلوا بنا في 31 مايو ما فعلوه بإخواننا الفلسطينيين على مدى 80 عاما، للأسف فما حدث
كان مجزرة ضمن المياه الدولية".
اقرأ أيضا: الخضري: "مافي مرمرة" علامة فارقة بتاريخ التضامن مع غزة
بدوره، قال إسماعيل، نجل إبراهيم بيلغن أحد شهداء السفينة: "مرت 10 سنوات على استشهاد والدي، هذا اليوم يعني لنا الكثير".
وأضاف: "حتى لو مرت مئة سنة لن ننسى ما حدث،
فلا يعرف هذا الشعور إلا من ذاقه، والفلسطينيون وأهل غزة يعانونه منذ سنوات".
وفي 21 أيار/مايو الجاري، أطلقت الهيئة حملة إلكترونية،
تنديدا باستمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.
وتداول آلاف الناشطين على موقعي التواصل الاجتماعي
"فيسبوك" و"تويتر" وسم (#غزة تحت الحصار).
ونشر هؤلاء ضمن الحملة صورا لمعاناة الفلسطينيين
بغزة، وأخرى للشهداء الأتراك الذين سقطوا خلال الهجوم الإسرائيلي على "مافي مرمرة".
الخضري: "مافي مرمرة" علامة فارقة بتاريخ التضامن مع غزة
تركيا تزود غزة بـ20 ألف شريحة فحص مخبري لكورونا
منظمة تركية تطلق حملة إلكترونية لكسر حصار غزة