سياسة عربية

تصعيد مصري.. وخيارات معدومة أمام بدء ملء خزان النهضة

أقل من ستة أسابيع تفصل إثيوبيا عن بدء ملء خزان سد النهضة على نهر النيل- أ ف ب

أقل من ستة أسابيع تفصل إثيوبيا عن بدء ملء خزان سد النهضة على نهر النيل، المثير للجدل، مطلع تموز/ يوليو المقبل، وسط سجال بين مصر وإثيوبيا في أروقة مجلس الأمن.

وكانت مصر أعلنت للمرة الأولى، فشل المفاوضات نهائيا في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، ثم انخرطت دول مصر وإثيوبيا والسودان في مفاوضات جديدة في واشنطن برعاية أمريكية، امتدت لبضعة شهور، قبل أن تفشل هي الأخرى في شباط/ فبراير الماضي.

وسط تقارب مصري - سوداني مؤخرا، عُقد، الثلاثاء، اجتماع عبر تقنية الفيديو كونفرنس، ضم رئيسي وزراء مصر والسودان، فضلا عن وزيريّ الخارجية والري، ورئيسيّ جهازيّ المخابرات للبلدين، حيث تناول الاجتماع ملف سد النهضة الإثيوبي من كافة جوانبه.

ولم يتمخض الاجتماع إلا عن تصريح رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، الذي قال فيه إنه سيجري اتصالا برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد؛ لاستيضاح موقفه إزاء العودة إلى مائدة المفاوضات على أساس مسار واشنطن.

"تبادل الرسائل بمجلس الأمن"

وبعد أيام من رسالة مصر لمجلس الأمن بشأن سد النهضة، ردت إثيوبيا، الثلاثاء، باتهام مصر بالسعي لعرقلة بناء السد لأطول فترة ممكنة، مشيرة إلى التعبئة الأولية لخزان سد النهضة، المتوقع أن تنطلق في تموز/ يوليو المقبل، لن تسبب أي ضرر لدول المصب.

وفي وقت سابق، تحدت أديس أبابا القاهرة، وقالت إنها ليست مُلزمة قانونا بالسعي للحصول على موافقة مصر لملء السد وتشغيله، أشار وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارغاشيو إلى أن "إثيوبيا بذلت جهودا استثنائية لاستيعاب مطالب مصر التي لا تنتهي وسلوكها الذي لا يمكن التنبؤ به".

 

 

 

 

وتقول مصر إن "ملء السد وتشغيله "سيعرض الأمن المائي والأمن الغذائي للخطر، بل وجود أكثر من 100 مليون مصري يعتمدون بشكل كامل على نهر النيل لكسب عيشهم"، مُحذّرة في شكواها لمجلس الأمن من أن "هذا وضع يحتمل أن يشكل تهديدا خطيرا للسلام والأمن في جميع أنحاء المنطقة".

وأكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الإثيوبي، محمد بن محمد العروسي، أن موقف بلاده من بدء ملء الخزان لن يتزعزع، وقال في تغريدة له على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي، "تويتر"، إن "مصر لا تملك مجرد حق الحديث عن النهضة إلا بإذن بلادنا، فضلا عن أحقيتها بالحديث عن ملء السد وشؤونه الأخرى".

 

 

 

 

 

"ملء السد أمر واقع"

خبير السدود والمياه الدولي، محمد حافظ، أكد على قدرة إثيوبيا بدء التخزين قريبا "وفقا لمعدلات صب خرسانة الممر الأوسط بسد النهضة؛ فمن الممكن جدا أن تكون إثيوبيا قادرة على بدء التخزين الأولي 4.9 مليار متر مكعب مع منتصف شهر حزيران/ يونيو 2020، حيث سيكون من هناك تدفقات طبيعية بداية من منتصف حزيران/ يونيو حتى نهاية أيلول/ سبتمبر تعادل قرابة 38 مليار متر مكعب".

 

اقرأ أيضا: وزير سوداني يحذر من انهيار سد النهضة الإثيوبي

وأوضح في حديثه لـ"عربي21" "أن هناك ثلاثة خيارات أمام السيسي، الأول هو الخروج من اتفاقية مبادئ سد النهضة بشكل منفرد، ثم السير عبر أروقة مجلس الأمن والمحكمة الدولية، بحيث يكون التحكيم هنا وفقا للقانون الدولي للأنهار الدولية".


واستدرك حافظ: "ولكن هذا الخيار قد يأخذ وقتا طويلا جدا تكون فيه إثيوبيا قد أنهت ليس فقط سد النهضة، بل باقي السدود العلوية الثلاثة التي تقع على مجرى النيل الأزرق وحينذاك سيكون من الصعب تنفيذ أي (أحكام قضائية) على أرض الواقع وتتحول قرارات مجلس الأمن بشأن سد النهضة لنفس نوعية قراراته بشأن".

واختتم حديثه بالقول إن "الخيار الثاني هو الدخول في حرب ضد (إثيوبيا) من خلال هجوم جوي مكثف على السد، ولكن قد يتكلس الغبار الناجم عن الدمار، ويسد مجري النيل الأزرق للأبد، أو ينحرف مجراه، والخيار الثالث والأخير، هو ضخ استثمارات زراعية في السودان لتعويض العجز والنقص".

"الموقف الإثيوبي والمصري"

بدوره، قال أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، عبد الله الأشعل، إن "الموقف الإثيوبي واضح، وهي في وضع القوي، وستبدأ في مل الخزان في تموز/ يوليو المقبل، الموقف المصري ضعيف وغير قوي وغير مقنع حتى على المستوى الداخلي؛ لأن إثيوبيا تخطط لإبادة الشعب المصري".

وأضاف، في تصريحات لـ"عربي21": "إثيوبيا تحظى بدعم أفريقي، على عكس مصر، والحكومة الحالية جردت البلاد من كل أوراق القوة، ومجلس الأمن لن يستطيع فعل شيء لها"، مشيرا إلى أن "مصر طلبت من مجلس الأمن أن يطالبوا إثيوبيا بعودة التفاوض مُجددا فقط، وهذا ليس مهمة المجلس، الذي يجب أن مخاطبته بلغة حقيقية وواقعية لما يمثله السد من إخلال بالأمن والسلم الدوليين بالمنطقة".

ورأى الأشعل أن "وضع أي تصور أو خيارات للتعامل مع الأزمة الراهنة غير مجد؛ لأن من سيقوم على تنفيذها حكومة غير معنية أو قوية أو قادرة على اتخاذ القرار، لذلك فكل الخيارات غير مجدية"، مؤكدا في الوقت نفسه أن "موقف السودان الأخير ليس معناه انضمامها لمصر، وإنما البحث عن مصالحها".