نشرت مجلة "
رينكون
دي لا بسيكلوخيا" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن الكيفية التي يمكن من خلالها
اكتشاف حقيقة ما إذا كان طفلك ذكيا.
وقالت المجلة في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الذكاء لا يعني أن تكون متفوقا في
الرياضيات أو الفيزياء، ولا حتى أن تحصل على ملاحظات ممتازة في قواعد اللغة أو حفظ
جميع التواريخ، لأن هذا يعني ببساطة أن تكون تلميذا تطبيقيا. مع ذلك، يعتقد الكثير
من الآباء والمدرسين أن الذكاء يقتصر على المنطق، ويعتقدون أن الطفل الذي لديه
درجات ضعيفة لن ينجح في الحياة لأنه غير ذكي بما فيه الكفاية وقدراته محدودة.
كيف ابتُكرت اختبارات
الذكاء؟
أشارت المجلة إلى أن كل
شيء بدأ في سنة 1905، عندما ابتكر ألفريد بينيه اختبار الذكاء الشهير. استجاب هذا
الاختبار لحاجة معينة، حيث أرادت الحكومة الفرنسية إنشاء تعليم إلزامي للأطفال
الذين تتراوح أعمارهم بين سن السادسة و14 سنة. وبسبب تباين مستويات التلاميذ، كان
هناك حاجة لاختبار لتحليل مدى القدرة على تنفيذ المهام التي تتطلب الفهم، والقدرة
الحسابية وإتقان المفردات.
وأوردت المجلة أن بينيه
أنشأ اختبارا لتمييز الطلاب الذين تسمح لهم قدراتهم بالتكيف مع نظام التعليم
العادي عن أولئك الذين يحتاجون إلى تعزيز إضافي. وفي بريطانيا، قدم عالم النفس
سيريل بيرت التعديلات الأولى لهذه الاختبارات واستخدمها لإثبات أن الذكاء وراثي.
وفي الولايات المتحدة، فعل لويس تيرمان الشيء نفسه وتأكد من أن مثل هذه الاختبارات
أظهرت تفوق البيض والطبقات الثرية على البقية.
مع ذلك، لم تكن فكرة بينيه
تهدف لذلك أبدا، حيث أدرك هذا العالم النفسي أن اختباره لم يكن قادرا على تقييم
الأنواع المختلفة من الذكاء، وأنه قام ببساطة بتجميع مجموعة من المشاكل والعمليات
التي كان على الأطفال حلها بسهولة نسبية في الدورات الأكاديمية المختلفة.
في المقابل، كان هنري
غودارد، أحد علماء النفس الأمريكيين الذين يروجون لاختبارات الذكاء، يدعم النظرية
القائلة إن الأثرياء والناجحين ورثوا الذكاء البيولوجي، الذي تناقلوه من جيل إلى
آخر. وهكذا، أصبح الذكاء من أحد عوامل التهميش ووصمة عار.
ونوهت المجلة بأن
العديد من المهنيين والأولياء لا زالوا إلى اليوم يصدقون هذه النظريات، التي تعود
لأشخاص يعتقدون أن الذكاء هو قدرة ثابتة موروثة، ويربطونها فقط بالقدرة على حل
المشكلات المنطقية. ولكن الذكاء أكثر من ذلك بكثير، ومن الضروري أن يدرك ذلك كل
الآباء الذين لديهم أطفال في طور التعلم.
ما هو الذكاء حقا؟
أوضحت المجلة أن معنى
أن تكون ذكيا لا يعني أن تكون متفوقا في الرياضيات أو الفيزياء ولا حتى في قواعد
اللغة. على العكس من ذلك، الطفل الذكي هو الشخص القادر على إيجاد حلول مختلفة
واختيار أفضل بديل لحل المشكلة. وليس الطفل الذكي الشخص الذي يحل حسابات معقدة
بشكل أسرع من أي شخص آخر، وإنما ذاك الذي يجد حلولا إبداعية لمشاكل الحياة
اليومية.
وأضافت المجلة أن الطفل
الذكي هو الذي ينظر إلى التفاصيل دون أن يفقد المنظور العالمي، ويطرح الأسئلة
دائما، ويريد تجاوز مظهر الأشياء الخارجي، ويكسر الأشياء ليعرف كيفية صنعها، على
الرغم من أنه لا يعرف لاحقًا كيفية إعادة تكوينها. إن الطفل الذكي ليس الذي لا
يخطئ أبدا، وإنما الذي يخطئ ويتعلم من أخطائه، مستخلصا عبرا من شأنها أن تخدمه في
حياته المستقبلية. يتمتع الطفل الذكي بمرونة كافية للتكيف مع التغييرات، حتى لو لم
تكن إيجابية دائما.
وأكدت المجلة أن الطفل
الذكي ليس الذي يجمع الكلمات المعقدة والمعاني النادرة التي تدهش الجميع وإنما
الذي يفكر بشكل مختلف عن غيره، باستخدام الصور أو الموسيقى أو أي وسيلة أخرى
للتعبير عن أفكاره. وهو ليس الذي يتبع القواعد دون أن يرتكب أخطاء، وإنما الذي يفرض
تحديات جديدة ولا يخشى مغادرة منطقة الراحة الخاصة به.
وأفادت المجلة بأن هذا
النوع من الأطفال قادر على أن يضع نفسه في مكان الآخرين، ويعرف كيف ينقل مشاعره
ويستشعر مشاعر الآخرين. إنه يعرف أيضا كيف يقول "لا" عندما يحين الوقت
ويتحمل مسؤولية أفعاله. كما يجيد هذا الطفل الاستماع وهو أيضا حساس للغاية.
وذكرت المجلة أن هذا
النوع من الأطفال هم في الواقع أذكياء على الرغم من عدم حصولهم على أفضل الدرجات
في المدرسة. إن الحياة هي المدرسة الأكثر أهمية والأكثر صعوبة والأكثر تعقيدا ولا
يتطلب اجتياز موادها الحساب والحفظ والقراءة فحسب، وإنما المهارات الأخرى التي لا
يقع تدريسها عادة في المدارس، مثل التفكير التحليلي والمرونة والقدرة على التكيف
مع التغييرات والسيطرة على العواطف.
عموما، لا يختزل الذكاء
في مجرد ملاحظة، بل إنه قدرة تتطور يوما بعد يوم، ومن المفترض أن تساعدنا على
التحسن كأفراد وإيجاد السعادة. لدى الكثير من الأطفال هذا النوع من الذكاء، لذلك
ينبغي أن نسعى إلى الحفاظ عليه وتطويره.