ملفات وتقارير

هل تباغت فصائل إدلب النظام بفتح جبهات جديدة؟

مدينة حلب وريف اللاذقية الشمالي من المحاورة المحتملة لهجمات مباغتة لتشتيت تحرك النظام نحو إدلب- جيتي

تجددت المواجهات البرية في جبهات إدلب، مع بدء قوات النظام عملية عسكرية جديدة ضد فصائل المعارضة على أكثر من محور في شرقي معرة النعمان، وفي ريف حلب الغربي.

وباتت قوات النظام على مسافة قريبة من مدينة معرة النعمان الاستراتيجية في ريف إدلب الشرقي، ما دفع بمراقبين عسكريين إلى دعوة الفصائل لتغيير تكتيكاتها الدفاعية، والانتقال إلى الهجوم، وذلك لتحقيق شيء من التوازن العسكري مع قوات النظام، وعرقلة مخططات الأخيرة بالتقدم والسيطرة على المزيد من المناطق.

وكانت قوات النظام قد أحكمت سيطرتها خلال اليومين الأخيرين، على قرى عدة متاخمة لمدينة معرة النعمان، وذلك بعد الهجوم الأخير الذي بدأته يوم ليل الجمعة الماضي، حيث تمكنت من السيطرة على بلدات الدير الشرقي وتلمنس، لتفصلها بذلك  مسافة نحو ثلاثة كيلومترات عن مدينة معرة النعمان.

ووفق تقديرات عسكرية، فإن قوات النظام تخطط لجعل معرة النعمان قاعدة عسكرية متقدمة لمواصلة الهجمات نحو عمق محافظة إدلب، وذلك في حال لم تطرأ أي مستجدات تعيق تحقيق هذه المخططات.

ولم يستبعد مراقبون تحدثت إليهم "عربي21" أن تقدم الفصائل على فتح جبهات جديدة مع النظام لتشتيت تركيزه الهجومي، والتقليل من فعالية الغطاء الجوي الذي تؤمنه الطائرات الحربية الروسية والسورية، من خلال الاستفادة من الدعم العسكري التركي الذي وصل إلى يد الفصائل.

وفي حديث لـ"عربي21"، أكد القيادي في "الجيش السوري الحر"، النقيب عبد السلام عبد الرزاق، أن الغلبة العسكرية للطرف الذي يختار توقيت ومكان المعركة، وخصوصا إذا لم يكن هناك تناسب إطلاقا في السلاح والعتاد.

وأوضح أن الدفاع على محاور التقدم التي يختارها العدو أمر صعب للغاية، ويحتاج لتضحيات كبيره بسبب التدمير الكامل وحرق محور التقدم، مشيراً إلى استخدام روسيا سياسة الأرض المحروقة خلال عمليات التقدم الأخيرة لقوات النظام، نحو معرة النعمان شرقي إدلب.

 

اقرأ أيضا: ما سبب الانهيار السريع لفصائل المعارضة السورية بريف إدلب؟

وبالبناء على المعطيات تلك، بدا عبد الرزاق جازما بأن ليس لدى المعارضة خيار عن فتح جبهات جديدة ضد النظام، معتبرا أن من شأن ذلك تشتيت نيران العدو.

وأضاف أن الهجوم هو السبيل الأنجع للدفاع، حيث أثبت هذا الأسلوب نجاحا كبيرا في الأسابيع الماضية، عندما قامت الفصائل باستنزاف قوات النظام في مجور أبو جريف، بعد اختيارها لمحور التقدم.

وإجابة على سؤال عن الجبهات المتاحة أمام الفصائل لشن هجمات ضد قوات النظام، لفت عبد الرزاق إلى وجود أكثر من خيار، منها محاور مدينة حلب حيث لا تبعد الفصائل عن مركز المدينة إلا كيلومترات معدودات.

حلب

وحسب عبد الرزاق، فإن فتح عملية نحو أحياء حلب الغربية، يعطي الفصائل حيزا للمناورة، خصوصا أن القتال هناك سيتحول إلى قتال شوارع، وهو ما يبطل فارق السلاح والعتاد من طيران ودبابات وغيره.

وتابع بأن نقل المعركة إلى جبهات أكثر تجهيزا من جانب الفصائل، يساعد الأخيرة على حماية مناطقها، بدلا من الاكتفاء بالدفاع.

ومن الجبهات المتاحة الأخرى، طبقا لمصدر عسكري من الفصائل رفض الكشف عن اسمه خلال حديثه لـ"عربي21"، محور ريف اللاذقية الشمالي.

الكبينة

وتنبع أهمية جبهة الكبينة الواقعة في جبل الأكراد، حسب المصدر، من كونها إحدى أهم التلال الحاكمة لريف اللاذقية الذي يعتبر من أكثر المناطق أهمية بالنسبة للنظام السوري، ولروسيا التي تقع قاعدتها العسكرية الرئيسية في سوريا (حميميم) على مقربة منها، إلى جانب إشرافها على منطقتي سهل الروج في إدلب، وسهل الغاب في ريف حماة الشمالي.

 

وبحسب المصدر العسكري ذاته، فإن التقدم على هذه الجبهة يعني تهديد البيئة الحاضنة للنظام، ما يعني خللا في كل بينة "قوات النظام" التي يقودها ضباط من الساحل السوري، من الأقلية العلوية.

 

اقرأ أيضا: النظام السوري يتقدم بحلب وإدلب ويقتحم شرق معرة النعمان

وفي سياق الحديث عن جبهة الكبينة وفتحها كخيار بيد الفصائل لحماية مناطق نفوذها في شمال غرب سوريا من هجمات قوات النظام، أشار القيادي في الجيش الحر، العقيد مصطفى البكور، في حديثه لـ"عربي21" إلى صعوبة فتح جبهة الساحل من قبل الفصائل.

وأوضح بقوله: "عسكريا يعني خروج الفصائل المتواجدة على الجبهة هناك من معاقلها إضعافا لها، وخصوصاً في ظل حالة الطقس السائدة، لأن التحرك فيها في ظل الأمطار والثلوج أمر صعب للغاية".

معوقات

واعتبر البكور أن فتح معركة الكبينة في هذا التوقيت، بأنه "أمر لا يصب في صالح الفصائل"، مستدركا "الخيار الأفضل هو التمسك بالموقف الدفاعي، مع شن عمليات التفاف صغيرة على نقاط النظام بغرض استنزاف العدو وتشتيت دفاعاته".

وقال: "نتفهم الدعوات التي تأتي من المدنيين، التي تطالب بفتح جبهة الساحل، غير أن الواقع العسكري على الأرض، والتوقيت غير مساعد لنا كفصائل".

الناشط السياسي مصطفى النعيمي، استبعد بدوره أن تقدم الفصائل على فتح جبهات جديدة، نظرا لما يتطلبه ذلك من كميات كبيرة من السلاح والأفراد.

وقال لـ"عربي21"، إن ما يصعب المهمة كذلك، وجود تشكيلات عدة من جانب النظام (قوات نظام، مليشيات إيرانية، مليشيات محلية، مليشيات روسية)، وهو الأمر الذي يصعب رصد تحركاتها.

ولا يعني ذلك، حسب النعيمي، أن الفصائل غير قادرة على القيام بمثل هذه التحركات، خصوصا بعد وصول دعم عسكري لها من تركيا.

وكانت تقارير إخبارية متعددة، قد كشفت عن قيام رئيس جهاز الاستخبارات التركي حقان فيدان بترأس اجتماع، شارك فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر اتصال مرئي مباشر، شارك فيه العديد من قيادات فصائل المعارضة.

وخلال الاجتماع، أبلغ أردوغان قادة الفصائل الثورية السورية بأن "يتجهزوا للمعركة الكبرى". وأبلغ الجانب التركي قيادات الفصائل بأن المباحثات مع روسيا لم تحقق نتيجة، وأن الأخيرة ماضية في حلها العسكري، وبالتالي يجب على الفصائل الثورية بأن "تدافع عن نفسها في وجه الحملة التي تتعرض لها.

 

اقرأ أيضا: WP: هذا هو التهديد الحقيقي الذي يواجه نظام بشار الأسد

استنزاف

وفي الاتجاه ذاته، أكد الناشط السياسي مصطفى النعيمي، أن أي تحركات مباغتة ضد قوات النظام، من شأنها زيادة استنزاف النظام، وقال "لا يملك النظام، ولا حتى روسيا، ترف الوقت في إدلب، فالعمليات بالنهاية تحتاج تمويل والاقتصادي السوري ما عاد قادرا على تغطية ذلك".

ولذلك ووفق النعيمي، عمدت روسيا مؤخرا إلى مصالحة المليشيات الإيرانية، لضمان مشاركتها في معارك إدلب.

وكان "تلفزيون سوريا" المعارض، قد أكد قبل أيام نقلا عن مصادر خاصة، أن توافقا إيرانيا روسيا قد تم في حلب، على إنهاء التوترات بين المليشيات المحسوبة على الجانبين، تحضيراً لهجوم واسع على إدلب.

وحسب المصادر، فإن اجتماعات متتالية جرت لاحتواء الخلافات بين المليشيات المحسوبة على إيران، من العشائر العربية، والمليشيات المحسوية على روسيا.

وتعتبر الهجمات التي تشنها قوات النظام على إدلب والأرياف المتصلة بها، استمرارا للعملية العسكرية التي بدأتها قوات النظام وروسيا في نيسان/أبريل 2019، والتي سيطر النظام خلالها على كامل ريف حماة الشمالي، ومنطقة خان شيخون.

ومن الواضح نظرا لتركز العمليات على مقاطع الطريق الدولي "حلب- حماة" أن الهدف من المعارك الحالية هو السيطرة على كامل الطريق الدولي، تمهيدا لإعادة افتتاحه أمام الحركة التجارية، بعد التوصل إلى اتفاق جديد مع تركيا الضامن عن المعارضة في الشمال السوري.