يشهد العراق ولبنان منذ تشرين أول (أكتوبر) الماضي حركات احتجاجيّة واسعة النطاق ضد النظام السياسي القائم في كل من البلدين للمطالبة بالتغيير الشامل هناك. وبالرغم من محاولات إخماد هذه الاحتجاجات تارةً عبر الاحتواء وطوراً من خلال القوّة الغاشمة، فإنّ هذه الثورات لا تزال مستمرة هناك.
احتجاجات عابرة للانقسامات
تتميز هذه الانتفاضات في أنّها عابرة للانقسامات الطائفيّة وغير منقادة للضغوطات أو التجاذبات الإقليمية أو الدولية، محرّكها الأساسي هو مجموعة من العوامل لعل أهمّها تدهور الوضع الاقتصادي وغياب الخدمات الأساسية من كهرباء وماء ومواصلات واستشفاء وتآكل البنى التحتية وسوء إدارة الدولة إضافة إلى النهب المنظّم والفساد والمحاصصة الطائفية والمحسوبيات. كل هذه العوامل ساهمت في صهر المتظاهرين في بوتقة واحدة، وركّزت غضبهم على السلطة بمختلف أطيافها.
تختبر الانتفاضات في العراق ولبنان نفوذ طهران الإقليمي، فهي تزعزع الستاتيكو القائم لصالح طهران في البلدين منذ سنوات طويلة، وتهدّد بتغيير التوازنات هناك بشكل قد يؤدي إلى انبعاث الروح القومية والاستقلالية في كلا البلدين
إيران تشيطن احتجاجات لبنان والعراق
منذ اندلاع الانتفاضات في تشرين أول (أكتوبر) الماضي، انخرطت المؤسسات الرسمية الإيرانية الدينية والسياسية والعسكرية والإعلامية على حد سواء في عملية شيطنة للمتظاهرين في البلدين، واصفةً التظاهرات بأنّها مؤامرة صهيونية ـ أمريكية لزعزعة علاقات البلدين بإيران.
يهدف مثل هذا التوصيف إلى نزع الشرعية عن هذه التظاهرات بوصفها مؤامرة خارجية ضد النظام الإيراني، وهو ما يمهد عملياً لتكفيرها سياسياً وأمنياً، وتالياً لإسكاتها من خلال القمع وعنف الميليشيات المحسوبة على طهران. المرشد الأعلى علي خامنئي كان قد أشار إلى ذلك بشكل واضح عندما قال: "لقد خططوا أيضا لبلدنا العزيز، ولحسن الحظ حضر الناس ـ الميليشيات ـ في الساحات في الوقت المناسب وأحبطوا مساعيهم ـ أي مساعي المتظاهرين ـ".
ثبتت إيران خلال العقد الماضي أنّها أقوى الدول قيادة للثورات المضادة داخل إيران وخارجها،
كيف تنظر إيران إلى الاتفاق التركي-الروسي؟
انتفاضة لبنان بين التنميط والتعبيط