قال خبراء في الزراعة والتموين إن قرار الحكومة المصرية بزيادة مساحة الأرز بعد قرار تقليص زراعته وحظره في أماكن أخرى، العام الماضي، دليل على فشل سياساتها الزراعية، وعشوائية قراراتها.
وأعلنت وزارة الزراعة المصرية، الأربعاء، زيادة مساحة زراعة الأرز إلى 1.1 مليون فدان في موسم 2019، ارتفاعا من 800 ألف فدان العام الماضي؛ لتقليل فاتورة استيراد الأرز من الخارج، وثبات أسعاره.
وأقر البرلمان المصري العام الماضي تعديلا على قانون الزراعة، يقضي بتوقيع عقوبتي الحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر، وغرامة لا تزيد على 20 ألف جنيه عن الفدان الواحد، على من خالف قرار الوزير بزراعة محاصيل شرهة للمياه كالأرز.
وقامت السلطات بإتلاف وحرق آلاف الأفدنة المخالفة، وتغريم عدد كبير من الفلاحين، واحتجاز بعضهم في مراكز الشرطة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الأرز من 5 جنيهات إلى 12 جنيها للكيلو الواحد.
ورغم السماح باستيراد الأرز في 2018، للمرة الأولى، بعد أن كانت تملك فائضا منه، عجزت الحكومة عن توفير حصة المواطنين من الأرز في بطاقات التموين، في أكثر من مرة، واضطرت إلى طرح المكرونة بديلا عن الأرز، إلا أنها لم تلق قبولا لدى المواطنين.
فشل الفساد
ورأى نقيب الفلاحين الأسبق، عبدالرحمن شكري، أن القرار كان متوقعا، قائلا: "القرار بالنسبة لأي مراقب كان متوقعا لأسباب كثيرة؛ منها فشل موظفي السيسي في إيجاد بديل أرخص للأرز المصري، لم يحقق المستورد أي مكاسب بسبب عدم الإقبال عليه، وتكبدت الحكومة خسائر كبيرة بعد شرائها 80 ألف طن أرز، ورفضها المستهلك المصري، وأعدمتها الحكومة".
وأضاف لـ"عربي21" أن "دفع الحكومة لذلك هي منظومة الفساد التي تصورت حينها أنه مصدر جديد للكسب على حساب الشعب، كما أن عدم توافر العملة الصعبة بسبب الإنفاق على متطلبات العاصمة الصحراوية وغيرها ساهم في اتخاذ القرار.
السبب الآخر، هو أن كميات القمح المصري أقل بكثير من المتوقع لتغطية الفجوة الغذائية في الخبز، وفاتورة استيراد القمح كبيرة، وأخيرا رغبة الحكومة في الانقضاض على كميات من الأرز لتوفير بعض العملة الأجنبية القليلة جدا لديها".
واعتبر أن قرارات الحكومة المتناقضة "تدل على التخبط والفشل، فبعد إصدار قوانين تجرم زراعة أهم محصول غذائي، وتدمير المشاتل، وتغريم الزراع، وسجنهم، دون دراسة وافية للأمر، وتسارع المؤسسات الفاسدة في دعم قرارات الحكومة المتهورة بدلا من تبصيرها بالنتائج التي ستترتب على ما أقدمت عليه، من يتحمل النتائج غير الفلاح المصري والمواطن المصري؟".
وتساءل شكري: "من المسؤول عن حجم الخسائر العام المضي للفلاح، وحجم البطالة في القطاع الزراعي، والقطاع التجاري، ونصف مليون عامل في مضارب الأرز بلا عمل، من المسؤول عن هذه القرارات المتخبطة على حساب الفقراء؟".
عبث وتخبط زراعي
وفند الخبير الزراعي، مستشار وزير التموين الأسبق، عبدالتواب بركات، سياسة الحكومة المصرية الزراعية، قائلا: "تراجعت الحكومة عن قرار تخفيض مساحة الأرز، الذي جاء بعد سنوات من محاربة زراعته، وتجريم مزارعيه، وبعد العبث بقانون الزراعة، وحرمان الفلاحين من زراعة المحصول النقدي الذي يدر لهم بعض المال ويوفر لأسرهم الغذاء".
مضيفا لـ"عربي21": "أن القرار الماضي حرم المصريين من غذائهم الرئيسي لعدة سنوات؛ بسبب تخفيض المساحة، ثم عالجت الحكومة خطأها باستيراد أرز هندي لم يستهلكه المصريون؛ بسبب انخفاض جودته وتدهور صفاته".
مشيرا إلى أنه "لم بعد السؤال المطروح هو لماذا تراجعت الحكومة عن قرار تخفيض مساحة الأرز، ولكن السؤال الواجب الآن هو لماذا أقدمت حكومة الجنرال السيسي على تخفيض المساحة المنزرعة بالأرز ومحاربة زراعته بحجة شح المياه، بالرغم من إعلان إثيوبيا عن تعثر بناء سد النهضة وعدم تخزين المياه هناك؟
وتساءل بركات أنه "بعد تراجع الحكومة عن قرار تخفيض المساحة، هل يتحلى الجنرال السيسي بالشفافية ويعلن عن أسباب محاربته مزارعي الأرز على مدار أربع سنوات، وتغريم المزارعين، والتشدد في تحصيل الغرامة، وسجن المتعثرين، وإعلانه رفض العفو عن المزارعين، واتهامهم بتبديد المياه، ومن ثم يعتذر إليهم ويوجه الحكومة بتعويضهم عن حرق محصولهم وسجن من زرع منهم؟".
سياسة الجوع
وفند نقيب الفلاحين سياسة الحكومة الزراعية، وقال في مقال له، قبل يومين، بموقع الفلاح اليوم، المعني بأخبار الزراعة والفلاحين بمصر، "إن استمرار وزارتي الري والزراعة في سياسة تقليل مساحة زراعة الأرز بحجة توفير المياه يتسبب في الجوع ولا يمنع العطش".
مؤكدا أن "حل مشكلة نقص المياه تبدأ بتغيير طرق الري من الغمر للتنقيط أو الرش والري المحوري، وتغيير طرق الزراعة واتباع طرق أخرى، وزراعة الأصناف الجديدة قليلة استهلاك المياه، وذات الإنتاج الوفير".
التضخم السنوي في مصر يستمر بالصعود لمستويات جديدة
استحواذ خليجي على الدخان المصرية.. السهم بسعر علبة سجائر
ابن زايد يزور سيؤول ويوقع اتفاقات ضخمة تجاوزت مليار دولار