نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الوهن والضعف الذي بلغته المملكة الهاشمية فيما يتعلق بحماية المقدسات الإسلامية في فلسطين، وعجزها عن منع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، المدينة التي تحتل المرتبة الثالثة في قلوب المسلمين من حيث القدسية بعد مكة والمدينة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الملك عبد الله الثاني لم يدخر جهدا خلال الأيام القليلة الماضية من أجل ثني الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قراره بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل.
وذكرت الصحيفة أن وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، قد عبر لنظيره الأمريكي ريكس تيلرسون عن تحفظ الأردن من هذا القرار؛ معتبرا أنه سيخلف تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة، لما تحمله المدينة المقدسة من مكانة كبيرة في عيون الفلسطينيين والأردنيين والعرب والمسلمين. وفي هذا السياق، حذر ملك الأردن من عواقب هذا القرار داعيا إلى عقد اجتماع للقمة العربية.
اقرأ أيضا: تركيا والأردن يجددان رفض أي قرار أمريكي يمس القدس المحتلة
وأشارت الصحيفة إلى الصلة التاريخية التي تربط العائلة الهاشمية بمدينة القدس، فقبل قرن من الآن قام الحسين بن علي شريف مكة، والمتحدر من عائلة تنتسب للرسول محمد صلى الله عليه وسلم والحامي بالوراثة لمكة والمدينة قبل أن يفتك ابن سعود الحجاز، بالتقرب من المسؤولين القوميين على القدس وتكفل بتمويل ترميم المسجد الأقصى سنة 1924.
منذ ذلك الوقت، أصبح الحسين راعيا لثالث الحرمين الشريفين، المكان الذي عرج منه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء. وعند وفاته، دفن الحسين في حرم المسجد الأقصى، ليخلفه ابنه عبد الله أميرا على شرق الأردن بمساندة بريطانية، وأصبح بهذا الوريث الشرعي للقب حارس الأماكن المقدسة لدى المسلمين.
وأوردت الصحيفة أن الملك عبد الله قد اغتيل سنة 1951، أثناء استعداده للصلاة في المسجد الأقصى، ليتواصل مسلسل توريث لقب حراسة الحرم ويحمل ابنه الحسين المشعل ثم يخلفه في ذلك الملك عبد الله الثاني. وفي هذا السياق، أشرفت العائلة الهاشمية في ثلاث مناسبات على ترميم المسجد الأقصى.
ونقلت الصحيفة عن مدير مركز القدس، عريب الرنتاوي، قولا أفاد فيه بأن "الملك يحمل جزءا من شرعيته بالاستناد على هذا البعد الديني، لذا فإن أي هجوم على هذه المعالم يجعله في موقف محرج". ومن جهتها، أعربت الدولة العبرية عن احترامها لدور السيادة الموكل للملك حسين، وذلك بعد غزو القدس سنة 1967 وتوقيعها لمعاهدة 1994 مع الملك.
وأفادت الصحيفة أن إسرائيل تفرض سيطرتها الأمنية من أجل ضمان النظام والوصول إلى الأماكن المقدسة، في حين تخضع هذه الأماكن نظريا لإشراف المؤسسة الوقفية التابعة لسلطة الملك إداريا. وخلال سنة 2013، ناقش الملك معاهدة تؤكد فيها السلطة الفلسطينية على الدور الذي تضطلع به العائلة الهاشمية في حماية الأماكن المقدسة.
وتحدثت الصحيفة عن الضعف الذي بات يشهده النظام الأردني منذ السنوات السابقة، خاصة مع تصاعد الأصوات اليهودية المنادية ببناء هيكل المعبد على أنقاض قبة الصخرة، ما أثار بعض التوترات داخل المجتمع الأردني. والجدير بالذكر أن المواجهات التي وقعت سنة 2014، بين الشباب الفلسطيني في القدس الشرقية والشرطة الإسرائيلية بالقرب من المسجد الأقصى، قد ألقت بظلالها على استقرار الشارع في العاصمة عمان.
وعلى خلفية ذلك، دعا جزء من طيف المعارضة، وخاصة المنتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، إلى إعادة النظر في معاهدة السلام. كما سحبت الأردن سفيرها لدى إسرائيل إلى أن تدخل وزير الشؤون الخارجية في إدارة باراك أوباما، جون كيري، وفرض إعادة تعريف للقوانين المتعلقة بالحرم الشريف.
اقرأ أيضا: برلمانيون أردنيون أمام السفارة الأمريكية ودعوة لتظاهرة شعبية
ونقلت الصحيفة عن المحلل السياسي في مجموعة الأزمات الدولية، أوفر سالزبورغ، قولا بين فيه أن "اعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل على القدس يمثل انقلابا شخصيا على الملك، ولن تفوت المعارضة هذه الفرصة للطعن في شرعيته". ولئن تمكن النظام الأردني حتى الآن من تجاوز العاصفة التي ضربت الشرق الأوسط، إلا أنه ما زال ضعيفا أمام ما يواجهه من معدلات بطالة مرتفعة، ووجود قرابة مليون لاجئ سوري على أرضه، بالإضافة إلى انتشار الفكر السلفي بين مواطنيه.
وفي الختام، أورد عريب الرنتاوي أن "حالة الاحتقان ستزداد في الأيام المقبلة إذا اتخذت الولايات المتحدة مثل هذه الخطوة، خاصة أن قرابة نصف سكان الأردن من الفلسطينيين. ولكنهم، سيصبون جام غضبهم على الحكومة العبرية والأمريكية لدعمها الكيان الغاصب في مواقفه المتطرفة بحق المسلمين".
"علماء المسلمين" يدعو لتنظيم فعاليات احتجاجية نصرة للقدس
ماذا ينتظر الشرق الأوسط بعد نقل السفارة إلى القدس؟
اجتماع طارئ للجامعة العربية السبت لبحث قرار ترامب