بورتريه

رياض حجاب.. المستقيل والمستتر بشكوك "المعارضة" (بورتريه)

سوريا المعارضة السورية رياض حجاب الهيئة العليا بورتريه
كان دائما في المنطقة الرمادية، وساندته بقوة الدول الراعية في البداية كجزء من معركتها لإسقاط النظام في دمشق، ثم أصبحت مساندة "رفع عتب" وبروتوكولية، وبعض المعارضين لم يتقبلوا انتقاله إلى صفوفهم وارتفاع أسهمه. 

وقال عنه المعارض فايز ساره، إن "حجاب كان ابنا عميقا للنظام، بالتالي من الطبيعي ألا يصبح ابنا عميقا للثورة".

ينتمي رياض فريد حجاب، المولود في عام 1966 في دير الزور شرق سوريا، والحاصل على الدكتوراه في الهندسة الزراعية، إلى الطائفة السنية، وكان يعد من "المخلصين للحزب وللدولة"، فهو عضو قيادة وأمين عام فرع دير الزور لحزب "البعث العربي الاشتراكي" ما بين عامي 1998 و2008.

وعين محافظا للقنيطرة ثم محافظا للاذقية، ما بين عامي 2008 و2011. علما بأن هاتين المنطقتين تكتسبان أهمية كبيرة، كون الأولى لها خصوصية أمنية نظرا إلى تماسها مع فلسطين المحتلة، والثانية تضم العديد من مراكز القوى، وخصوصا "آل الأسد".

شغل منصب وزير الزراعة في حكومة عادل سفر، التي شكلت في عام 2011، حتى تكليفه بتشكيل الحكومة في عام 2012 لينشق بعدها بنحو شهرين عن النظام ويغادر سوريا مع عائلته إلى الأردن.

وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن حجاب أقيل من منصبه، وخرج حجاب من سوريا بعد أن قام "الجيش الحر" بتأمين خروجه من درعا إلى الأردن مع عائلته وعائلات إخوته.

وفي مؤتمر صحفي عقده حجاب في عمان، قال فيه إنه "لم يقل من منصبه، وأنه انشق بإرادة منه"، وقال إنه "جندي مخلص من جنود الثورة السورية".

وقرر حجاب الانشقاق عن النظام بعد استخدام العنف ضد المحتجين بعد اندلاع ثورة الربيع العربي في سوريا، وهو ما شكل عملية الانشقاق لأرفع مسؤول سوري منذ بدء الأحداث عام 2011.

وكما هي التعيينات مفاجئة في الوطن العربي، فكذلك الاستقالات، إذ أعلن رئيس "الهيئة العليا للمفاوضات" المنبثقة للمعارضة السورية رياض حجاب، استقالته من منصبه الذي يشغله منذ عام 2015، في خطوة تلتها سلسلة من القرارات المشابهة لعدد من المسؤولين في الهيئة.

ولفت في بيان له إلى محاولات قوى خارجية تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ عبر صفقات جانبية تتم دون استشارة الشعب السوري، في إشارة إلى محادثات وقف إطلاق النار التي تقودها روسيا.

وقال إنه بذل جهده "أمام محاولات خفض سقف الثورة، وإطالة أمد نظام بشار الأسد".

وقال حجاب في بيان استقالته: "بعد مسيرة تقارب السنتين من العمل الدؤوب للمحافظة على ثوابت الثورة السورية المجيدة التي لم نحد عنها طرفة عين، أجد نفسي اليوم مضطرا لإعلان استقالتي من الهيئة العليا للمفاوضات متمنيا لها المزيد من الإنجاز، ولبلدي الحبيب سوريا السلم والأمان والاستقرار".

وجاءت استقالة حجاب قبل يومين من انطلاق "مؤتمر الرياض" بدعوة من وزارة الخارجية السعودية.

وقال قيادي معارض إن حجاب استبق باستقالته مؤتمر الرياض، وعلى جدول أعماله تشكيل هيئة عليا للمفاوضات، بالتالي انتخاب منسق جديد لها، تمهيدا لتشكيل وفد مفاوض إلى محادثات جنيف المقررة في 28 من الشهر الجاري.

وشكل توحيد وفد قوى المعارضة إلى جنيف مطلبا لجهات عدة بينها الأمم المتحدة وروسيا وحتى دمشق، لكن قياديا في "الهيئة العليا للمفاوضات" قال إن "توحيد مجموعات المعارضة مهمة صعبة في ضوء التباين في وجهات النظر، خصوصا حيال مصير الأسد".

ولطالما عانت قوى المعارضة الرئيسة في السنوات الماضية من انقسامات وصراع نفوذ تبعا لمصالح وأجندات داعميها.

ويتحدث محللون عن ضغوط تبذلها روسيا على المعارضة السورية عبر داعميها السعودية وتركيا للقبول بتسوية سياسية تعمل على انضاجها وتتضمن بقاء الأسد في منصبه.

وعلق الإعلامي في قناة "الجزيرة" القطرية، فيصل القاسم، على سلسلة الاستقالات الجماعية من "الهيئة العليا للمفاوضات" والتي تقدمها رئيس الهيئة رياض حجاب بقوله: "استقالة رياض حجاب وأعضاء الهيئة العليا للمفاوضات على رمزيتها البسيطة ضربة موفقة ضد المتاجرين بالقضية السورية".

أما وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، فقال في إفادة صحفية مقتضبة: "إن تراجع شخصيات المعارضة ذات الفكر المتشدد عن لعب الدور الرئيس سيجعل من الممكن توحيد هذه المعارضة غير المتجانسة، في الداخل والخارج، حول برنامج معقول وواقعي وبناء بشكل أكبر".

وأوضح أن "رياض حجاب جر فريقا من المعارضة إلى الاتجاه الخاطئ، وحاولوا أن يستخدموا أسلوب الإنذار مشترطين خروج الرئيس بشار الأسد، وهو ما يتعارض مع قرارات مجلس الأمن، التي تؤكد أن السوريين هم من يقررون مصير بلدهم".

ونقلت وسائل إعلام لبنانية مقربة من سوريا أن حجاب "محبط"، وذلك نقلا عن مسؤول أمريكي، ويتهم بعض أطراف المعارضة في سوريا بأنها أوهمته بأن سقوط النظام السوري بات قاب قوسين أو أدنى.

وانتقد حجاب توزيع المناصب في المعارضة، قائلا إنها تخضع لرغبات الدول التي تشارك في الحرب على سوريا.

ولا يبدو حجاب مرضيا عنه من الحكومات المؤثرة في الملف السوري، وحين تحتفل موسكو بخروجه رسميا من قيادة المعارضة، ولا يبكيه أحد من رعاة الحوار والمفاوضات السورية وأطراف الأزمة، فإن ذلك يشير إلى تضارب للمصالح، وفق معلقين.

ويعد تعدد المرجعيات للمعارضة وعدم اتفاقها على برنامج سياسي وعسكري، وعلاقتها بالدول الراعية أو المستضيفة ولأجندتها ومصالحها، أضعفها، وفق ما أكده ناشطون سوريون، رأوا أن حجاب جزء من خسائر الثورة، وسيعود إلى دائرة العتمة من جديد.