سياسة عربية

مشروع قانون مصري لخصم تعويضات قتلى الأمن من رواتب الموظفين

البرلمان المصري ارشيفية
تقدم نائب في البرلمان المصري بمشروع قانون لدعم أسر ضحايا ومصابي الجيش والشرطة، يتضمن خصم نسبة من رواتب جميع العاملين فى الدولة بالقطاعين العام والخاص لتمويل صندوق يتم إنشاؤه لهذا الغرض.
 
وأوضح النائب معتز محمود، في تصريح لصحيفة "اليوم السابع" يوم الخميس الماضي، أن أجور العاملين في القطاع العام تقدر بما يقرب من 240 مليار جنيه، فيما تبلغ أجور العاملين في القطاع الخاص 500 مليار جنيه، ما يعني أن  خصم 0.5% من هذه الأجور سيوفر نحو 1.2 مليار جنيه شهريا، يتم إنفاقها على رعاية أسر الشهداء والمصابين بعد إقرار القانون من قبل البرلمان خلال أيام.
 
وكثيرا ما أعلن النظام المصري منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013 صرف تعويضات لأسر ضحايا العمليات الإرهابية من الجيش والشرطة، دون أن تكون هناك قيمة ثابتة لهذه التعويضات، بل كانت تختلف حسب رتبة القتيل، وحسب التبرعات التي يقدمها بعض رجال الأعمال مثل رحلات الحج والعمرة.
 
استحقاق دستوري
 
وتكررت طوال السنوات الأربع الماضية المطالبات بتخصيص تعويضات مناسبة مادية ومعنوية لأسر الضحايا، ومعاش ليضمن لهم حياة كريمة، عبر سن قانون جديد ينظم هذه التعويضات ويحدد قيمتها.
 
وفي تصريحات صحفية، أكد رئيس مجلس النواب علي عبد العال أن إصدار قانون "تعويض أسر شهداء وضحايا الأحداث الإرهابية"، وإنشاء الصندوق اللازم لتمويل هذه التعويضات، يعد من أولويات البرلمان خلال الأيام القليلة المقبلة، داعيا لجنة الشؤون التشريعية للبدء في مناقشة القانون.
 
وأوضح النائب محمود نبيه أن تعويضات شهداء ومصابي الجيش والشرطة، تتضمن صرف ما يعادل 100 ضعف الحد الأدنى للأجور لأسر كل شهيد أو مصاب بعجز كلي، و50 ضعف الحد الأدنى للأجور للمصابين بعجز.
 
من جانبه، أكد رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب بهاء الدين أبوشقة، أنه سيتم إصدار قانون تعويضات في أقرب وقت ممكن، مؤكدا أن هذا القانون يعد استحقاقا دستوريا وفق نصوصه الواضحة.
وقال أبو شقة، خلال مداخلة مع قناة "صدى البلد" مساء الأحد الماضي، إن تمويل صندوق أسر الشهداء سيكون من خلال تخصيص جزء من الرسوم الإدارية، مشيرا إلى أنه سيتم عرض القانون على أسر الشهداء والمصابين من خلال حوار مجتمعي لإبداء رأيهم فيه.
 
تعليمات أمنية؟!
 
وتعليقا على هذا القانون، قال الباحث السياسي عمرو هاشم ربيع، إنه يأتي في إطار تنفيذ مؤيدي النظام من النواب للتعليمات التي يتلقونها من الأجهزة الأمنية، مؤكدا أن النائب الذي اقترح القانون الجديد لا يتصرف من تلقاء نفسه، وأن الجميع يعرف أن الأجهزة الأمنية هي التي تدير البرلمان وتوجهه بإصدار مثل تلك القوانين لخدمة النظام على حساب الشعب.
 
وأوضح ربيع ، في تصريحات لـ "عربي21"، أن النواب التابعين للنظام يتخذون قرارات خاطئة بحجة سعيهم لتحقيق أهداف نبيلة، فالنظام يريد أن يوفر مبالغ مالية لمنح أسر شهداء الشرطة والجيش معاشات استثنائية، وهذا أمر جيد جدا ويعد من أبسط حقوقهم، لكن ليس على حساب الشعب وليس من رواتب الموظفين البسطاء.
 
وأشار إلى أن 80% من الشعب المصري أصبح ينتمي للطبقة الفقيرة، بعد أن تأثروا بقرارات تعويم الجنيه، وأصبحت الطبقة الوسطى تعاني الآن بشدة وأصبحت رواتبهم لا تكاد تغطي احتياجاتهم الأساسية، متسائلا: "كيف يأتي عضو في البرلمان ويقول للناس إننا سنخصم جزءا من هذه الرواتب الهزيلة أصلا؟ ولماذا لا يتبرع نواب البرلمان بالبدلات التي يحصلون عليها، وتقدر بملايين الجنيهات، لتعويض أسر الشهداء إذا كانوا صادقين في توجهاتهم؟
 
نوايا خبيثة
 
لكن الخبير الاقتصادي مصطفى عطوة قال إنه يعتقد أن وراء هذا القانون نوايا خبيثة من جانب النظام تجاه موظفي الدولة.
 
وأوضح عطوة، لـ "عربي21"، أن النظام يسعى لإجبار الموظفين العاملين في القطاع الحكومي على الخروج من الوظيفة للتقاعد المبكر، مؤكدا أن عبد الفتاح السيسي أكد أكثر من مرة أنه سيقلل أعداد موظفي الجهاز الإداري للدولة، الذي يضم نحو 7 مليون موظف تم التعاقد معهم خلال عقود طويلة، ويستنزفون أموالا كثيرة من خزينة الدولة، دون أي عائد اقتصادي من وراء عملهم.
 
وأكد أن اقتطاع هذه الأموال من موظفي الدولة أمر بالغ الصعوبة، لأن هؤلاء الموظفين يطالبون بعلاوة حتى تتماشى رواتبهم مع الارتفاع الأخير في الأسعار، الذي شهدته البلاد جراء القرارات الاقتصادية وارتفاع التضخم بعد تعويم الجنيه، حتى إن الحد الأدنى للأجور البالغ 1200 جنيه، لم يعد قادرا على سد احتياجات المواطنين الأساسية.
 
واستبعد مصطفى عطوة أن تنجح الحكومة في تمرير هذا القانون، متوقعا أن يُقابل برفض شعبي من جانب موظفي الحكومة، مثلما حدث في قانون الخدمة المدنية، كما أن النواب سيواجهون ضغوطات كبيرة من أهالي دوائرهم الانتخابية.