صحافة دولية

موقع: لماذا تسعى عُمان للعب دور الوساطة بالحرب الأفغانية؟

تعدّ عمان سلطنة عمان وسيطا غير منحاز وعمليا في الوقت ذاته- أرشيفية
نشر موقع "دويتشه فيله" الألماني حوارا مع الخبيرة في الشؤون العمانية، آنا سونيك، تطرق من خلاله إلى دوافع المؤتمر الذي تسعى سلطنة عمان لتنظيمه؛ من أجل البدء في محادثات السلام في أفغانستان، وعن الدور الذي يضطلع به هذا البلد على الصعيد الدبلوماسي.
 
وقال الموقع، في الحوار الذي ترجمته "عربي21"، إن سلطنة عمان تبدي رغبة في إنهاء الصراع الدائر في أفغانستان مع حركة طالبان، وتريد أن تلعب دور الوسيط؛ من خلال الدعوة إلى هذا المؤتمر.
 
وفي إجابتها عن سؤال الموقع عن دوافع عمان وراء تلك النوعية من المؤتمرات، أفادت سونيك بأن هذا البلد لعب دور الوسيط في العديد من الصراعات الدائرة في المنطقة العربية في الماضي والحاضر. وقد أثبتت الأيام أن سلطنة عمان وسيط غير منحاز وعملي في الوقت ذاته.
 
وأوضحت آنا سونيك أنه خلال الحرب الباردة، حين كانت أغلب دول الخليج تربطها علاقات قوية بالغرب، كانت سلطنة عمان أول دولة خليجية تفتح قنوات الاتصال مع الاتحاد السوفيتي بشكل رسمي. كما كانت السلطنة أول دولة عربية تعترف باتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، فضلا عن أنها رفضت التصويت لصالح مقاطعة مصر بعد الاتفاقية.
 
وأضافت سونيك أنه، منذ تولي السلطان قابوس مقاليد الحكم سنة 1970، تغيرت ملامح السياسة الخارجية لسلطنة عمان تماما، لتصبح أكثر واقعية. وبالفعل، تلعب عُمان في الوقت الحالي دور الوساطة في حرب اليمن بين تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية من جهة، والحوثيين وحلفائهم من جهة أخري.
 
وفي الإجابة عن سؤال الموقع المتعلق بالأهداف المرجوة من لعب دور الوسيط بين بعض الدول، أوضحت سونيك أن هذا الدور يعدّ استراتيجية قديمة للدول الصغرى. فتلك الدول تعلم جيدا أنها لن تستطيع الدفاع عن نفسها ضد أي تهديد خارجي، فهي تسعى بتلك الطريقة لكسب المزيد من الحلفاء؛ لمساعدتها في حفظ أمنها القومي. ولهذا السبب، تقحم الدول الصغيرة نفسها في الصراعات الدولية والإقليمية كوسطاء، بحثا عن دور في السياسة الدولية، ولعل هذا هو الحال بالنسبة لسلطنة عمان وقطر والكويت.
 
كما تساءل الموقع عن الاختلافات الجوهرية في السياسة الخارجية العمانية عن سياسة باقي دول الخليج. فعلى سبيل المثال، تقود المملكة العربية السعودية تحالفا خليجيا؛ من أجل قطع العلاقات مع دولة إيران الشيعية. وعلى النقيض، سعت سلطنة عمان إلى التقرب من إيران، في دور غير مفهوم لسياستها الخارجية.
 
وردا على سؤال الموقع، أشارت سونيك إلى أن سلطنة عمان تختلف تماما عن باقي دول مجلس التعاون الخليجي، فهي ليست مملكة أو إمارة، ولكنها سلطنة. ففي حين تسيطر العائلات المالكة في الدول الخليجية على مقاليد الحكم، فضلا عن أرفع المناصب، يتمتع السلطان في عمان بسلطة مطلقة. وعلى غرار الأردن والمغرب، فالسلطان قابوس لديه عائلة صغيرة، وليس له أبناء، وبالتالي من البديهي أن يختلف جوهر الحكم هناك عن باقي دول الخليج.
 
وبينت سونيك أن سلطنة عمان هي الدولة الوحيدة التي يسود فيها مذهب الإباضية. ونتيجة لذلك، تعد السلطنة بعيدة كل البعد عن الصراعات الطائفية الدائرة في المنطقة. إلى جانب ذلك، تتمتع السلطنة بعلاقات جيدة مع العديد من الدول الآسيوية والأفريقية، التي تمتد من زنجبار حتى شبة الجزيرة الهندية. ومنذ القدم، تحاول سلطنة عمان تحسين علاقتها مع العديد من الدول وليس جيرانها فحسب.
 
وعند سؤال الموقع عن سبب الاستقرار الداخلي للبلاد، أوضحت سونيك أن كلمة "استقرار" لها أوجه عديدة. فنظرا إلى أن فترة حكم السلطان قابوس تعدّ الأطول مقارنة ببقية الحكام العرب، ساعده ذلك في تثبيت أركان حكمه على مدى عقود، وتفادي نشوب أي صراع يهدد أمن البلاد واستقرارها مستقبلا. وفي سياق متصل، أضافت سونيك أن عُمان شهدت بعض المظاهرات أثناء الربيع العربي، وهو ما لم يحدث من قبل، لكنها كانت محدودة، ولم تطالب بإسقاط النظام، وإنما بإجراء إصلاحات، وقد تمكنت الحكومة من إخمادها.
 
وفي إشارة الموقع إلى مدى ارتباط مفهوم الاستقرار بشخص السلطان قابوس، أكدت سونيك أن السلطان هو أحد دعائم الاستقرار في البلاد بالفعل. فقد شيد بنية تحتية قوية، من خلال توحيد البلاد، والقضاء على النزاعات الانفصالية. ومن المفارقات، أن السلطان يعدّ في الوقت ذاته عاملا لعدم الاستقرار في المستقبل، فهو يبلغ من العمر 77 سنة، وليس له أبناء. بالإضافة إلى ذلك، فإن السلطان في الوقت الحالي مريض، وذهب للعلاج في الخارج أكثر من مرة. وفي حال وفاته، من الممكن أن يحدث العديد من الصراعات على العرش.
 
وفي الختام، أشارت الباحثة في شؤون الخليج إلى أن السلطان قام باتخاذ عدة إجراءات من شأنها تفادي هذا الصراع. وبما أن استقرار البلاد ارتبط منذ فترة بشخص السلطان، فإن عدم وجوده من المتوقع أن يؤثر على استقرارها. ولكن لا يمكن الجزم بذلك.