ملفات وتقارير

7 دلالات حول تورط قائد عسكري مصري كبير بالفساد

تسلط هذه القضية الضوء على غياب الرقابة على مالية الجيش
يحمل ما يثار من معلومات أذاعتها فضائية "مكملين" حول وضع قائد الجيش الثالث المصري السابق، الفريق أسامة عسكر، تحت الإقامة الجبرية؛ بتهمة الاستيلاء على 500 مليون جنيه من المال العام المخصص لتنمية سيناء؛ عدة دلالات حسب محللين.

وعزز الجيش المصري هيمنته على الاقتصاد المصري في أعقاب ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، وتوسعت إمبراطوريته الاقتصادية لتشمل معظم قطاعات الإنتاج، فضلا عن خضوع أراضي الدولة غير الزراعية لسيطرته المباشرة.

اقرأ أيضا: مكملين: اعتقال قائد عسكري مصري في اتهامات مالية (شاهد)

وكشف تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في آذار/ مارس 2014، أن الجيش يسيطر على 60 في المئة من اقتصاد البلاد، و90 في المئة من أراضي مصر.

وقالت قناة مكملين الفضائية، الأحد، نقلا عن ثلاثة مصادر عسكرية إن الفريق أسامة عسكر، رهن الاعتقال على خلفية اتهامات مالية باختلاس أو إهدار نحو 500 مليون جنيه من مشروع تنمية سيناء.



وتحدث محللون عن دلالات هامة لواقعة الفريق عسكر، هي كالتالي:

أولا: تكشف الواقعة عما يجري من وقائع فساد غير معلومة داخل إمبراطورية الجيش الاقتصادية.

وفي هذا الإطار، أكد تقرير لمنظمة الشفافية الدولية في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، وضع مصر ضمن تصنيف "حرج"، وهو التصنيف الأسوأ في مؤشر مكافحة الفساد بقطاع الدفاع بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وقال أستاذ الدراسات الأمنية بجامعة إكستر البريطانية، عمر عاشور، في تصريحات صحفية أيلول/ سبتمبر 2015: "إن الهم الأكبر لقادة الجيش أصبح تحقيق أعلى قدر من الأرباح بعيدا عن المراقبة، وهو ما يجعل من هذه الإمبراطورية الاقتصادية سببا من أهم أسباب تمسكهم بالسلطة، واحتكارهم كافة المناصب المدنية من أجل تدعيم نفوذهم".

ثانيا: تؤدي الواقعة لتشويه سمعة المؤسسة العسكرية، والتقليل من شأن الجيش المصري بمقابل جيوش المنطقة.

وحذر تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني في 26 آذار/ مارس 2016؛ من مخاطر توسع "الإمبراطورية الاقتصادية العسكرية بمصر" على مدى جاهزية الجيش لخوض الحروب، بسبب تفرغ قادته للهيمنة على كل فروع الاقتصاد والخدمات، و"تحصيل المكاسب المالية لهم ولمحاسيبهم المقربين منهم".

ثالثا: تؤكد الواقعة أن النتيجة الطبيعية لتدخل الجيش بالحياة المدنية هي انهيار سمعة القادة العسكريين وتورطهم في نهب وسرقة أموال الدولة.

وقال تقرير منظمة الشفافية الدولية عام 2015، إن هناك أدلة على أن العديد من ميزانيات الدفاع المتزايدة تنفق بشكل غير صحيح بسبب الفساد، والمحسوبية، وانعدام الشفافية.

وأشار التقرير إلى أن إشراك الدفاع في القطاع الخاص يشكل خطرا كبيرا للفساد بمصر، موضحا أن "أرباح قوات الدفاع (أو الأفراد داخلها) نادرا ما تعرف"، وأن "انعدام الشفافية يخلق مخاطر تحقيق كبار العاملين بمؤسسات الدفاع فوائد كبيرة من قطاع الأعمال الخاص".

رابعا: تكشف الواقعة أيضا كيف يتصرف قائد الانقلاب في المال العام بطريقة فردية، وذلك بمنحه الفريق أسامة عسكر 10 مليارات جنيه لتنمية سيناء؛ لا يعلم أحد إن كانت من ميزانية الدولة أم الجيش أم مساعدات خارجية.

وفي الأول من شباط/ فبراير 2015، قال السيسي إنه "تم تخصيص ميزانية 10 مليارات جنيه للتنمية ومكافحة الإرهاب بسنياء"، وضعت تحت تصرف الفريق أسامة عسكر، قائد القيادة الموحدة لشرق القناة.

وانتقد الكاتب والبرلماني السابق، أمين اسكندر، واقعه تسليم السيسي للفريق عسكر؛ تلك الأموال و"كأنه يصرف من ماله الخاص".

وقال عبر "فيسبوك": "صلاحيات السيسي في الصرف من ميزانية البلد بهذه الطريقة الفردية كشفت عن سلطة غير خاضعة للرقابة، وعن دمج السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بسلطة السيسي".

خامسا: تؤكد الواقعة عدم خضوع تلك الأموال التي ينفقها السيسي بجميع مشروعاته (الكبرى) لإشراف ومتابعة الجهات الرقابية الرسمية.

ويتمتع الجيش في مصر بامتيازات كبيرة في العطاءات والمناقصات، ولا تخضع إيراداته للضرائب مثل باقي الشركات، كما أن موارد المؤسسة العسكرية لا تمر عبر الخزينة العامة للدولة، وهي تخص الجيش وحده، حسب اللواء عادل سليمان، الخبير العسكري ورئيس منتدى الحوار الاستراتيجي، في حديث سابق لـ"عربي21".

وفي ورقة أعدها الباحث أحمد مرسي لمركز كارنيجي للشرق الأوسط، أكد أن "مصادر دخل المؤسسة العسكرية لا تمر عبر الخزينة العامة للدولة، ويوجد مكتب خاص بوزارة المالية مسؤوليته تدقيق حسابات الجيش، وهيئاته وبياناته وتقاريره لا تخضع لسيطرة أو إشراف البرلمان أو أي هيئة مدنية أخرى".

سادسا: تُظهر الواقعة تغول السيسي على دور السلطة التنفيذية (الحكومة) بالصرف خارج الميزانية، وإلغاءه السلطة التشريعة (البرلمان) ودورها الرقابي، وتجاهله السلطة القضائية بعدم إحالة الفاسدين المقربين منه للمحاكمة.

وأشار تسريب "مكملين" إلى وجود قضية أخرى تم إغلاقها، متهم فيها اللواء مجدي أنور، "بإهدار 54 مليون جنيه، لكن لقربه من المشير حسين طنطاوي، فقد تمت تسوية القضية"، بحسب المحطة.

وأدى تعديل المجلس العسكري، في أيار/ مايو 2011، لقانون القضاء العسكري، رقم 25 لسنة 1966، لوضع منظومة الجيش الاقتصادية خارج إطار المحاسبة، حيث حصر مساءلة الضباط حال تورطهم بقضايا فساد مالي؛ أمام القضاء العسكري، دون القضاء المدني أو جهاز الكسب غير المشروع.

سابعا: تكشف الواقعة حجم الصراع بين قادة الجيش على الأموال والمشاريع والأرباح، برفض الفريق عسكر إعادة تلك الأموال وقوله "إن هذا حقي"، بحسب التسريبات.

وقالت منظمة الشفافية الدولية: "هناك أدلة تشير إلى أن ضباطا بجميع الرتب، يمتلكون مشاريعهم الخاصة ويستفيدون بشكل كبير من البنية التحتية والمرافق، بجانب شبكة المتقاعدين العسكريين التي تترأس أو تشرف على المؤسسات والمنشآت التجارية الحكومية، أو تشارك في العقود الاستشارية، وقد تمتد هذه الممارسات إلى تشكيل شركات خاصة للحصول على العقود من الباطن".