طفت محاولة اغتيال ولي العهد السعودي السابق،
محمد بن نايف، إلى السطح بعد أن تسربت أنباء تفيد أن سبب الإطاحة به من ولاية العهد، هي إدمان المسكنات بسبب آثار محاولة الاغتيال الرابعة الفاشلة في 2009 على يد عنصر من
تنظيم القاعدة في اليمن.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز عن سبب تنحية ابن نايف، إنه تم استدعاء الأمراء البارزين على عجل للقصر لمقابلة الملك، وجرى أخذ الأمير ابن نايف إلى غرفة أخرى، حيث جرد من هاتفه النقال، وطلب منه التخلي عن ولاية العرش ووزارة الداخلية.
ويشير التقرير إلى أنه تمت دعوة أعضاء مجلس البيعة، وقيل لهم إن الأمير بن نايف غير صالح للحكم بسبب مشكلات إدمان الدواء، في إشارة إلى المسكنات التي يتناولها بسبب آثار محاولة الاغتيال التي ظل يعاني منها، حيث إنه كان يعاني من آلام مبرحة، فكان يتناول دواء أدمن على ما يبدو عليه.
إصابات بالغة؟
وتنقل الصحيفة عن المحلل السابق في "سي آي إيه" والباحث حاليا في معهد "بروكينغز" بروس ريدل، قوله: "ما شاهدته من الأدلة يشير إلى أن ابن نايف أصيب بجراح من محاولة الاغتيال أكثر مما نشر عنه، وظل يعاني من آلام تناول من أجلها المسكنات التي أصبح مدمنا عليها"، ويبدو أن الحالة أصبحت أكثر سوءا.
ونقلت رويترز عن مصدر سعودي مقرب من الأمير أن: "الملك جاء للقاء محمد بن نايف وكانا وحدهما في الغرفة، وقال له: أريدك أن تتنحى، لأنك لم تستمع للنصيحة بأن تتلقى العلاج من إدمانك الذي يؤثر بصورة خطيرة على قراراتك".
وقال مسؤول سعودي كبير للوكالة إن محمد بن نايف أُعفي من منصبه لاعتبارات المصلحة الوطنية، ولم يتعرض لأي "ضغط أو عدم احترام". وأضاف المسؤول أن أسباب الإعفاء "سرية".
وحاول تنظيم القاعدة في اليمن، وفيه الكثير من السعوديين وعائلاتهم، اغتيال الأمير محمد بن نايف وكان وقتها مساعدا لوالده الذي كان على رأس وزارة الداخلية، وكان الرجل الثاني في المملكة من الناحية الأمنية.
تفجير من مسافة متر
واتهم التنظيم وقتها ابن نايف بالمسؤولية عن سجن عدد كبير من المشايخ والعلماء و 18 ألف مواطن سعودي تنكيلا بهم، وإعداد ما وصفوه بـ"الصحوات".
وهدد التنظيم ابن نايف صراحة في أحد إصدارته، وجاء التهديد على لسان منفذ العملية عبد الله عسيري، ويذكر أنها المحاولة الرابعة الفاشلة لاغتيال الأمير.
وتم نقل عسيري الذي اتصل بالأمير ابن نايف على طائرة خاصة، بعد أن أبدى رغبته بالتوبة وترك القاعدة في اليمن والعودة إلى
السعودية، الأمر الذي أغرى الأمير، فوافق على مقابلته في منزله بجدة.
وفتشت السلطات السعودية عسيري ثلاث مرات قبل أن يلتقي ابن نايف، وفشلت كلها في ضبط العبوة المتفجرة التي أخفاها في جسمه.
وبحسب وثائقي لقناة العربية تحدث فيه شهود عيان، فقد كانت حركة عسيري غير طبيعية خلال اللقاء، متعذرا بأنه يعاني من آلام و"ديسك"، بينما كان السبب هو إخفاء المتفجيرات في أحشائه على ما يبدو.
وقال الوثائقي إن المتفجرات أخفيت في فتحة الشرج، وتم تفجيرها عبر هاتف خلوي، وقال إن الأمير أصيب بإصابات طفيفة وقتها، في يده وأسفل عينه.
وكان يجلس ابن نايف على مقربة من عسيري ولم يفصل بينهما إلى الأريكة، غير أن الانفجار كان عاموديا على ما يبدو من أثاره في الغرفة التي استقبل بها.
وكان ابن نايف أسس "لجان المناصحة" لتقديم الرعاية لمن يتم القبض عليهم في قضايا إرهابية، وإخضاعهم لدورات تعليمية وبرامج شرعية، ودعوية ونفسية واجتماعية، ثم الإفراج عنهم ما لم يكونوا متورطين بتفجيرات وعمليات إرهابية.
وفيما يبدو هنا، تنظيم القاعدة هو من حرم محمد بن نايف من الجلوس على عرش السعودية، يرى مراقبون أنه لم يكن ليجلس على العرش من الأصل في وجود
محمد بن سلمان في المنافسة.
منصب شاغر
كما تم تفسير استحداث منصب ولي ولي العهد في السعودية على أنه طريقة للتخلص من ولاة العهد الذين لا يرغب بوصولهم إلى العرش، بدءا من الأمير مقرن بن عبد العزيز الذي كان وليا لولي العهد الأمير سلمان، الذي قيل إنه سيخرج من ولاية العهد لصالح الأمير مقرن، إلا أن الملك عبدالله توفي وتسلم سلمان الحكم، وتابع بالطريقة نفسها وعين محمد بن نايف وليا لولي العهد، ونجح بإزاحة الأمير مقرن من ولاية العهد.
ثم كرر الملك سلمان السيناريو السابق نفسه مع ابن نايف، وعين نجله وليا لولي العهد، الأمر الذي هيأ الرأي العام لاستقبال نبأ إزاحة محمد بن نايف وصعود ابن سلمان لولاية العهد.
وحاول ابن نايف مقاومة إزاحته من ولاية العهد كما نشرت نيويورك تايمز، لكنه رضخ أخيرا.
ولا يزال منصب ولي ولي العهد شاغرا منذ انتقال ابن سلمان إلى ولاية العهد، بعد أن أمر الملك سلمان بن عبد العزيز بإعفاء الأمير محمد بن نايف من منصبه.
جاء الأمر ضمن حزمة أوامر ملكية تضمنت تعيين وزير للداخلية خلفا لمحمد بن نايف، الذي كان يشغل المنصب نفسه أيضا، إضافة إلى تعيين عدد من الأمراء مستشارين في الديوان الملكي وسفراء بالخارج.