على الرغم من إصدار النيابة المصرية قرارا الأسبوع الماضي بإخلاء سبيل الرئيس
المخلوع حسني مبارك، وتأكيدها أنه غير مطلوب على ذمة قضايا أخرى؛ إلا أنه لم يغادر مستشفى المعادي العسكري الذي يقيم فيه طوال السنوات الست الماضية.
وكان محامي الرئيس المخلوع فريد الديب، قد أعلن أن موكله سينتقل إلى فيلا خاصة به في ضاحية مصر الجديدة خلال يومين أو ثلاثة، لكن تقارير صحفية قالت إن النظام الحالي يرفض مغادرة مبارك المستشفى.
وأكدت مصادر مقربة من مبارك في تصريحات إعلامية، أن الرئيس المخلوع الذي يقترب من عامه الـ89 يخضع لما يشبه "
الإقامة الجبرية" في
المستشفى العسكري؛ بسبب رفض قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي مغادرته، مشددة على أن مبارك لن يغادر المستشفى قبل أن يحدد السيسي شخصيا متى يغادر وإلى أين.
النظام يخشى التظاهرات
وفي هذا السياق؛ قال الباحث السياسي جمال شوقي، إن "مبارك انتهى سياسيا كشخص، إلا أن نظامه ما زال موجودا بأفكاره ورجالاته"، مشيرا إلى أن "النظام الحاكم الآن لا يريد أن يفاجأ بأي قلاقل يثيرها مؤيدو مبارك، أو أعضاء حركة (آسفين يا ريس) كتنظيم مظاهرات أمام قصره في مصر الجديدة، خوفا من أن تنقلب إلى احتجاجات ينضم لها معارضو النظام الحالي، وهو ما يسبب إزعاجا بالغا للنظام في ظل التوتر الذي تشهده البلاد".
وأضاف شوقي لـ"
عربي21" أن "هناك بعدا أمنيا في المسألة، وهو أن مبارك له أعداء يرغبون في الانتقام منه، وإذا حدث أي مكروه له فإن ذلك سيكون أمرا ضارا بصورة النظام في الخارج، ويعكس عدم سيطرته على الأوضاع في البلاد".
وطوال السنوات الست الماضية؛ يحتشد عشرات من مؤيدي مبارك أمام المستشفى العسكري للتظاهر تأييدا له والاحتفاء به مع كل مناسبة متعلقة به، والتي كان آخرها الاحتفال الأحد الماضي بذكرى استعادة مدينة طابا.
مبارك انتهى
لكن أستاذ العلوم السياسية عبدالخبير عطية قال إنه لا يعتقد أن النظام الحالي يخشى مبارك أو مؤيديه، مؤكدا أن "زمن مبارك انتهى بثورة 25 كانون الثاني/ يناير التي أطاحت به".
وأوضح لـ"
عربي21" أن "كل من كان له علاقة بعصر مبارك لم يعد له وجود حقيقي على الساحة السياسية كما كانوا إبان حكم الرئيس المخلوع، باستثناء الصف الثاني من رموز الحزب الوطني الذين يتصدرون المشهد الآن".
وأكد عطية أن سبب رفض انتقال مبارك لمنزله؛ هو رغبة النظام في تأمينه خوفا من تعرضه لأذى بما يسيء للنظام، خاصة أن قصر مبارك في ضاحية مصر الجديدة غير مؤمن جيدا، ومن الممكن أن يشكل تواجده فيه خطرا على حياته.
ثروة مبارك
إلى ذلك؛ واصلت وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب التشديد على عدم نزاهة مبارك، وأنه اختلس مليارات الدولارات خلال فترة حكمه.
ونشرت صحيفة "اليوم السابع" المقربة من الأجهزة الأمنية، تقريرا الاثنين، كشفت فيه أن الأجهزة الرقابية بالدولة تسلمت تقارير تثبت امتلاك الرئيس المخلوع ثروة ضخمة في الداخل والخارج؛ تتضمن أموالا سائلة، وعقارات، وأسهما بالبورصات والبنوك والشركات المختلفة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر رفيعة المستوى، لم تسمها، قولها إن ثروة مبارك في الداخل تقدر بثلاثة مليارات و600 مليون جنيه، وأنه يمتلك هو وأفراد نظامه في الخارج ما يقرب من مليار ونصف المليار دولار، من بينها نحو 650 مليون دولار لمبارك ونجليه فقط؛ عبارة عن أصول وعقارات فى بريطانيا وقبرص وأمريكا وسويسرا.
ولفتت المصادر إلى أن دفاع مبارك ورموز نظامه يسعون جاهدين لفك تجميد أموالهم في الخارج عن طريق محامين أجانب، مستخدمين أحكام البراءات التي صدرت لصالحهم، إلا أن الحكومة المصرية تخاطب تلك الدول لوقف هذه المحاولات، واستمرار تجميد الأموال.
وكان الاتحاد الأوروبي قد وافق، الأحد الماضي، على تجديد تجميد أموال حسني مبارك ونجليه و14 آخرين من رموز نظامه، لمدة ثلاث سنوات أخرى تنتهي عام 2020.
ضابط سابق يطارد مبارك
ولكن فريد الديب، محامي مبارك، شدد على أن موكله ليس لديه دولار واحد خارج مصر، موضحا في مداخلة هاتفية مع قناة "الحياة"، أن مبارك يملك فقط ستة ملايين جنيه "هي جميع مدخراته التي جمعها طوال فترة عمله الطويلة".
وقال الديب إن مبارك تحمل الكثير من الأكاذيب عن ثروته في الخارج طوال السنوات الماضية، مشيرا إلى أن ضابطا سابقا كبيرا بمباحث الأموال العامة "هو الذي يطارد مبارك ونجليه بسيل من الاتهامات الكاذبة".
وحصل مبارك ورموز نظامه على أحكام بالبراءة في قضايا قتل متظاهرين وفساد؛ حوكموا فيها عقب ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، وتبقى له قضيتان؛ الأولى هي "الكسب غير المشروع" وما زالت قيد التحقيق، ولم تحلها النيابة إلى المحكمة حتى الآن، ولم يصدر ضده أي قرار بالحبس أو الاستدعاء لأخذ أقواله، والثانية هي قضية "هدايا الأهرام" المتهم فيها مبارك وزوجته ونجلاه وزوجتاهما، ومن المقرر أن يصدر فيها حكم الأربعاء المقبل.