نشر معهد واشنطن للدراسات ورقة بحثية تتعلق بالشأن السياسي في
الإمارات بعنوان: "ما وراء الإسلاميين والمستبدين: روايات
الإصلاحيين في دولة الإمارات".
وتشير الباحثة لوري بلوتكن بوغاردت في الدراسة إلى قصة نجاح الإمارات على عدة أصعد "اقتصاديا وموارد وتدشين مشاريع أسطورية، والمواطنون يدعمون قيادتهم بصفة عامة"، لكنها تؤكد في المقابل أن الإمارات واحدة من الدول الأكثر تقييدا في الشرق الأوسط عندما يتعلق الأمر بالحقوق السياسية والحريات المدنية".
وتلفت الدراسة إلى أن العمل السياسي محظور في البلاد، وقضية الإصلاح السياسي باتت أكثر تعقيدا.
وترى أن المجلس الوطني الاتحادي في حد ذاته هو قصة إصلاح محدود، ولا يزال مجلسا استشاريا.
وتشير الباحثة إلى ما أسمتها الأصوات المستقلة اليوم في الدولة، مثل الأكاديمي عبد الخالق عبد الله. وتقول: قليل من الإماراتيين الذين يطرحون ويناقشون قضايا الإصلاح الأساسي، والتي لا تجد تسامحا دائما من جانب حكومة الإمارات.
وتشير الدراسة إلى أن مثل هذه الأصوات نادرة في دولة الإمارات؛ فمنذ الربيع العربي تراجعت أصوات المطالبين بالإصلاح، واليوم هناك فترة هدوء من النشطاء والإصلاحيين.
وتعتقد بوغاردت أن أسباب هذا التراجع مفهومة، فالمثقفون الراغبون في الانخراط في دعاوى الإصلاح يواجهون مناخا من التعصب الشديد، ليس من جانب الحكومة فقط، وإنما من جانب بعض فئات المجتمع، التي تتصور أن الإصلاح يعرض الاستقرار للخطر، ويصف البعض أن دعوات الإصلاح "خيانة".
وتؤكد الباحثة أن الشيخ محمد بن زايد الرئيس الفعلي لدولة الإمارات، مشيرة إلى أنه يستضيف في مجلسه الإماراتيين والمبدعين والقادة الدوليين، أما محمد بن راشد فلديه المجالس الذكية، حيث يستطيع إماراتيون وغيرهم تقديم مقترحاتهم وآرائهم على الإنترنت لبناء مستقبل دبي.
وتلفت الباحثة إلى ما أظهره الشعب الإماراتي من وعي سياسي عام. وجاءت العلامات المبكرة للوعي السياسي الجماعي في شكل
عرائض للحكام تركز على المعضلات الحضرية، مثل النقل والإسكان، وكذلك مطالب لتوزيع الموارد على نحو أكثر إنصافا عبر الإمارات السبع، وعريضة 3 مارس 2011.
وتبين أنه في الآونة الأخيرة بات يستخدم الإماراتيون وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع كوسيلة سياسية؛ بهدف التأثير على خطط الحكومة الخاصة بخفض دعم للأرامل والمطلقات. الناس يرغبون في التغيير وامتلاك إرادتهم الحرة والمشاركة في الإصلاح الحقيقي.
وترى الباحثة أن أهم معوق للإصلاح هو القلق بشأن الخطوط الحمراء التي تضعها الدولة، وقد عملت الحكومة بقسوة ضد الذين اعتبرتهم قد تجاوزوا خطوطها الحمراء.
جمعية الإصلاح
تأتي الرسالة على ذكرة قصة "عريضة الإصلاح"، حيث إنه في آذار/ مارس 2011 أرسل عدد من أعضاء
جمعية الإصلاح عريضة لرئيس الدولة، تم صياغتها بلطف تحث على منح المجلس الوطني صلاحيات رقابية وتشريعية، والسماح لجميع الإماراتيين بحق الاقتراع والترشح لهذا المجلس.
وتعتقد الباحثة أن ناشطين مستقلين ليبراليين هم من يقفون خلف العريضة، ولكن الإصلاحيين وقفوا خلف العريضة بقوة أيضا.
لكن مقابل الوعي السياسي للإصلاح، تبع نشر العريضة إجراءات عقابية من جانب حكومة الإمارات ضد جمعية الإصلاح والإصلاحيين تحديدا.
وتشرح الباحثة أن الحكومة الإماراتية حلت جمعية الإصلاح وجمعية الحقوقيين، وجردت 6 من الإصلاحيين من جنسياتهم، واتهمت الإصلاحيين بتلقي الدعم من الخارج، وقامت بمحاكمة العشرات منهم.
كما تشير إلى أن رد فعل الحكومة انصرف إلى 5 آخرين من الموقعين على العريضة، مثل أحمد منصور. كما توجد مؤشرات قوية في أن حكومة الإمارات تراقب الناشطين عن كثب.
وتبين أن النشاط السياسي لا يجد تسامحا من جانب حكومة الإمارات، ويمكن أن يقود إلى إجراءات عقابية، وهذا يتضمن الإصلاحيين والمستقلين، وحتى المقيمين الأجانب من أفراد أو مؤسسات.
تجيب الباحثة على سؤال "لماذا يدعم الجمهور الإماراتي حكومة الإمارات؟". وتقول: في الإمارات، المدافعون عن الحكومة والمعادون للإصلاحيين يدعمون إجراءات الحكومة ضد الإصلاحيين، ويدعمون الاتجاه الذي تأخذ به الحكومة دولة الإمارات إليه. ويشمل هذا الدعم إجراءات جهاز الأمن ضد الإصلاحيين، كما أن هناك مواطنين يتحدثون عن المشروع الإسلامي بازدراء، ويزعمون أن الإسلاميين يشكلون تهديدا أمنيا لبلدهم وللعالم العربي.
وتضيف أن هناك "مصالح النخبة القوية المتواجدة في صلب النظام القائم في الدولة، والقطاعات الأكثر تأثيرا من مجموع المواطنين لهم مصالح شخصية مع هذا التيار، وهذا يشمل رجال الأعمال ورجال القبائل الذين يستفيدون من العلاقات الخاصة مع مسؤولين حكوميين".
وتشير في ختام مقالتها إلى "اللامبالاة السياسية"، التي تعني بها أن مواطني أبوظبي ودبي يشكلون ثلثي المواطنين، وقد حقق هؤلاء اكتفاء وإشباعا في معظم المجالات.