نشرت صحيفة "أرتيكولو21" الإيطالية تقريرا تحدثت فيه عن استمرار قمع النظام في
مصر للمنظمات غير الحكومية والنشطاء السياسيين والحقوقيين، وخاصة بعد ثورة الربيع العربي، التي كثرت على إثرها الاعتقالات والتهديدات، بدل أن تكون قارب النجاة نحو الحرية.
ونقلت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، شهادات بعض الحقوقيين وأصحاب المنظمات غير الحكومية، من بينهم رئيس اللجنة المصرية للحقوق والحريات المكلفة بالدفاع عن
ريجيني، الشاب الإيطالي، الذي أفاد بأن مقر اللجنة شهد، في 20 تشرين الأول/أكتوبر، مداهمة جديدة من أربعة عناصر رفضوا تقديم مذكرة التفتيش، وهو ما أكده رئيس مجلس إدارة المنظمات غير الحكومية، أحمد عبد الله.
وأضاف رئيس اللجنة أن هؤلاء العناصر رفضوا الإدلاء بأسمائهم وادعوا أنهم مسؤولون من وزارة الاستثمار، وكان بينهم شرطي سري، وبدؤوا بالتفتيش بعد أن استفسروا عن أنشطة اللجنة قبل قدوم المحامي الذي منعهم بعد ذلك.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما حصل مع هذه المنظمة ليس إلا نموذجا يذكر ضمن سلسلة طويلة من الانتهاكات شملتها العاصفة القمعية التي ضربت المجتمع المدني المصري منذ ثورة 2011 وأدارتها الأجهزة الأمنية المصرية بهدف إعاقة عمل المنظمات التي تعمل على كشف الانتهاكات.
وأفادت الصحيفة أن سلسلة الانتهاكات ضد المنظمات بدأت في 2011، حين قامت الحكومة بإنشاء لجنة للتثبت من مصدر الأموال التي تعمل بها المنظمات الدولية والمحلية. لينتهي الأمر بإغلاق جملة من المنظمات في 2011 وإدانة ما يربو عن 40 شخصا في 2013.
وذكرت الصحيفة أن هذه الحرب القانونية ضد المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني عادت لتندلع سنة 2016، مع المنظمات الجديدة التي سعت للعمل على مساعدة السجناء وجمع البيانات التي تكشف تجاوزات قوات الأمن ونشر ثقافة القانون وحقوق الإنسان، من بينها مركز نديم لتأهيل ضحايا العنف.
وشملت هذه الحرب، وفقا للصحيفة، عددا من المنظمات، حيث أمرت محكمة جنايات القاهرة بحجب أموال المركز المصري للحق في التعليم ومركز هشام مبارك للقانون ومعهد القاهرة لدراسات
حقوق الإنسان ورؤسائها عبد الحفيظ طايل ومصطفى الحسن وبهاء الدين حسن، بالإضافة إلى جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لدراسات حقوق الإنسان، وحسام بهجت، رئيس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
وأفاد أحمد سميح، مدير معهد الأندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، أنه كان "الأكثر حظا" بين رؤساء المنظمات الذين اعتقلوا، حيث أنه تمكن من مغادرة البلد في الوقت الصحيح، "بفضل المعلومات التي سربها لي صديقي المحامي الذي أتيحت له الفرصة للنظر في تقارير اللجنة التي أنشأتها الحكومة المصرية لسنة 2011 وغيرها من الوثائق ذات الصلة". وأضاف أحمد أن "اللجنة تمكنت، بعد مرور أربعة أشهر على مغادرتي مصر، من تجميد أموال المنظمة التي أترأسها".
وأفادت الصحيفة أن هذه المنظمات، التي سعت إلى تكريس أهداف ثورة 2011، وجدت نفسها أمام نظام غير قادر على إصلاح نفسه مرة أخرى وغير عابئ بها وبأهدافها. لذلك ركزت على ضرورة محاربته، بمساعدة المواطنين، الذين عولوا عليهم لإعادة حقوقهم والقضاء على القمع والاستبداد.
عمل النظام المصري، حسب ما جاء في التقرير، في سنة 2013، على توسيع شبكة القمع لتشمل كل المستويات وكل المجالات: الطلاب والفنانين والعمال والصحفيين والناشطين وأعضاء المنظمات غير الحكومية وكل طرف يسعى إلى "تقويض سلامة الدولة".