اعتبر محللون أن زيارة رئيس الوزراء
الإسرائيلي إلى دول في شرق إفريقيا (إثيوبيا، وأوغندا، وكينيا، ورواندا) ولقاءه بسبعة زعماء أفارقة، تأتي في سياق السعي لتعزيز نفوذ إسرائيل لدى الاتحاد الأفريقي، ومحاولة كسب دعم دوله، خاصة أن الاتحاد من أقوى الداعمين للقضية
الفلسطينية.
ورأى المحلل السياسي الفلسطيني عمر جعارة؛ أن الهدف من الزيارة هو استمرار للتوجه الذي أعلن عنه رئيس الوزراء بنيامين ننياهو منذ أن تبوأ مقعده رئيسا للوزراء في دورته الجديدة، وأكد سعيه لتعميق وتطوير العلاقات الإسرائيلية الأفريقية.
وأضاف جعارة في حديثه لـ"عربي21"؛ أن رحلة
نتنياهو الأفريقية "تمثل تهديدا حقيقيا للأمن القومي العربي، إلى جانب مخاطرها من سحب مكانة فلسطين داخل القارة ودور الصوت الأفريقي في الساحة الدولية".
واستبعد جعارة أن تنجح زيارة نتنياهو في إعادة الدبلوماسية الإسرائيلية مع دول الاتحاد الأفريقي، وتقوية العلاقات الإسرائيلية الأفريقية؛ لأن الزيارة لا تعكس وجهة نظر غالبية الدول الأفريقية الأعضاء في الاتحاد، وفق تقديره.
وبحسب قناة "فرانس24"، فإن نتنياهو، الذي شارك الاثنين الماضي، في قمة إقليمية مصغرة في أوغندا ، حول الأمن والتصدي للإرهاب، مع زعماء كينيا ورواندا وإثيوبيا وجنوب السودان وزامبيا وملاوي، حصل على تعهد من هؤلاء بـ"قبول إسرائيل كمراقب لدى الاتحاد الأفريقي".
وتعود العلاقات الإسرائيلية الإفريقية إلى بداية الخمسينيات من القرن الماضي؛ حيث عاشت هذه العلاقات ازدهارا، إلا أنها توترت منذ ستينيات القرن الماضي عقب حرب عام 1967، ومع اندلاع حركات التحرر الوطني في إفريقيا، وتبع ذلك انقطاع شبه كامل لتلك العلاقة.
وكان نتنياهو قال للصحفيين الثلاثاء الماضي في كينيا؛ إن "إعادة الحصول على مكانة مراقب في الاتحاد الافريقي أهمية كبيرة بالنسبة لنا"، مضيفا: "
أفريقيا هي قارة تضم 54 بلدا. احتمال تغيير مواقفها وتوجهاتها تجاه إسرائيل هو تغيير استراتيجي في مكانة إسرائيل الدولية".
وسبق أن رفض الاتحاد الأفريقي طلبين سابقين لإسرائيل، أبدت فيهما الأخيرة رغبتها في الحصول على عضوية "مراقب" فى الاتحاد الأفريقي، عقب القطيعة في العلاقات بين الطرفين عام 1978.
من جهته، قال المحلل السياسي سميح حمودة إن نتنياهو يسعى من خلال زيارته "إحداث اختراق لعلاقة كيانه بالقارة الأفريقية وعلى عدة أصعدة، حيث يعتبر ذلك هدفه الرئيسي، إذ أنه بنجاحه (في ذلك) يمكن العبور نحو الأهداف الأخرى".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "الدور الأفريقي في المنابر العالمية، والداعم للقضية الفلسطينية، يُعتبر الدافع الأساسي لنتنياهو من أجل تحسين العلاقات الأفريقية الإسرائيلية، بعد تحسن علاقات دول عربية مع تل أبيب. وهو ما يؤثر على القرار الأفريقي، بحسب التجربة التاريخية"، وفق تعبيره.
ونوه حمودة إلى أن الأهداف الاقتصادية حاضرة وبقوة، حيث تسعى الزيارة لكسب الأسواق الأفريقية، خصوصاً في المناطق الاستراتيجية في القارة السمراء، مشيرا أن المصالح تتركز في كينيا ورواندا، كما أنه من المتوقع أن تسعى الزيارة لتسويق السلاح الإسرائيلي إلى جانب الطائرات بدون طيار المتطورة.
وشدد على أن "القضية الفلسطينية هي المسألة التي يمكن أن تكون الهدف الاستراتيجي للجولة، حيث أن تقوية علاقات تل أبيب الإقليمية والدولية ينعكس أولاً على القضية الفلسطينية إقليميا وعالميا".
فلسطين أفريقياً
في ذات السياق، استبعد القيادي في جبهة النضال الشعبي الفلسطينية، مناضل حنني، أن تتأثر العلاقات العربية الأفريقية بعد زيارة نتنياهو، وقال في حديث لـ"عربي21": "العلاقات العربية الأفريقية جيدة في مجملها، ولا ينبغي أن تتأثر سلبا بجولة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لعدة دول إفريقيا مؤخرا".
وأضاف حنني أن جولة نتنياهو تسعى في الأساس إلى "كسر العزلة الدولية التي تعانى منها إسرائيل بسبب استمرار احتلالها للأراضي العربية وممارساتها العنصرية، وهى تعمل على الترويج لنفسها باعتبارها دولة عادية قادرة على المساهمة في توفير الأمن والتنمية للآخرين"، وفق تقديره.
وأشار إلى أن "حكومة نتنياهو متطرفة تستغل الواقع العربي في الوطن العربي، من أجل كسب المزيد من العلاقات وتوقيع اتفاقيات جديدة مع العديد من الدول العربية والأفريقية".
ويعتقد حنني أن خطورة أهداف زيارة نتنياهو تكمن في "محاصرة قضية الشعب الفلسطيني عبر جني مزيد من الداعمين للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي في ظل صمت عربي".
وكان نتنياهو قد قال للصحفيين الخميس الماضي؛ إن الهدف النهائي لزيارته، هو "خلق ثقل موازن لحركة عدم الانحياز المنتقدة لإسرائيل تقليديا، على شكل حركة جديدة متحالفة مع إسرائيل".
وقال: "بدلا من التفاوض مباشرة مع إسرائيل، يختار الفلسطينيون التوجه بشكل أحادي إلى هيئات دولية للدفع بمحاولة إقامة الدولة الخاصة بهم". وأضاف أن سياسته في توسيع علاقات إسرائيل الخارجية، "ستؤدي إلى وضع لن يكون فيه للفلسطينيين هذا الملجأ، وسيكونون مضطرين للتحدث معنا على أساس ثنائي، وهو شيء يرفضون القيام به ما دام لديهم الملجأ الدولي"، كما قال.
وكان نتنياهو استهل زيارته الإفريقية الاثنين الماضي بزيارة أوغندا، كما زار كلا من كينيا ورواندا، فيما كانت المحطة الأخيرة إثيوبيا. وقد رافقه في الجولة 80 رجل أعمال من 50 شركة إسرائيلية.