نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، تقريرا تحدثت فيه عن الدعم الذي قدمته
روسيا لبشار الأسد في هجومه الأخير على مدينة
حلب، أكبر مدينة في شمال
سوريا، عبر إرسالها المزيد من المليشيات وتوفير الغطاء الجوي للواء 65 الإيراني.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن القصف الذي قام به النظام السوري على الجزء الذي تسيطر عليه المعارضة في شرق حلب، يُظهر نوايا بشار الأسد وحليفتيه روسيا وإيران، بالسيطرة على المدينة، إذ تحتل المدينة موقعا استراتيجيا هاما كما أنها تعتبر قاعدة خلفية للمعارضة.
وقالت الصحيفة إن النظام السوري كثّف، منذ بداية هذا الأسبوع، ضرباته الجوية على المدينة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. ولم يتردد في استهداف مستشفياتها ومقرات المنظمات الإنسانية. والهدف هو خلق شرخ بين المعارضة والسكان.
وقد استفاد النظام من الضوء الأخضر الذي قدمته له روسيا، بعد تصريح الجنرال سيرغي كورالينكو، بالإضافة إلى تصريح نائب وزير خارجية روسيا غينادي غاتيلوف، الذي قال: "لن نضع ضغوطا على دمشق لأن الموضوع يتعلق بمحاربة الإرهاب".
وتعتبر موسكو أن حلب تخضع لسيطرة مقاتلي جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة، بمساعدة بعض المجموعات المسلحة التي لا يعتبرها المجتمع الدولي مجموعات إرهابية. وهذا ما نفته المعارضة المعتدلة، في ظل لامبالاة موسكو بما تصرح به المعارضة.
وقد رأى أحد الخبراء المختصين في الشأن السوري أن روسيا غاضبة الآن، لأنها تشعر بالمؤامرة التي حاكها حكّام الخليج الذين، بحسب زعمها، أوصلوا يوم 7 نيسان/ أبريل قرابة 2000 طن من الأسلحة، مع الغطاء الدولي الذي وفرته أمريكا لهم، حيث قال: "لقد استفادت المعارضة من اتفاق وقف إطلاق النار في شباط/ فبراير لتصلها الصواريخ المضادة للدبابات والمتفجرات التي دفعت ثمنها المملكة العربية السعودية".
ويضيف الخبير نفسه، الذي أحجمت الصحيفة عن ذكر اسمه، أنه "دخل من تركيا في تلك
الهدنة مقاتلون جدد انضموا للمعارضة، ما أضر بمصداقية الهدنة وفرضية تواصلها".
لكن الصحيفة تشير إلى أنه يمكن تبرير تحرك المعارضة في هذا الاتجاه، لعدم ثقتها في الانسحاب الذي أعلن عنه فلاديمير بوتين، منتصف شهر آذار/ مارس الماضي. هذا الانسحاب الذي لم يشمل إلا بعض الطائرات التي استبدلت مباشرة بطائرات الهليكوبتر.
ونقلت الصحيفة عن مصادر، أن موسكو أرسلت قوات جديدة لسوريا يقدر عددها بألف مقاتل أغلبهم من المتطوعين، أي من المرتزقة، مثل أولئك الذين استخدمتهم أمريكا في العراق بعد الغزو سنة 2003.
وأكّد خبير عسكري فرنسي، أن "هؤلاء المقاتلين قاتلوا سابقا في الشيشان والقوقاز. أما بالنسبة لموسكو فإن هذه القوات التي يشرف عليها ضباط روس، هي مكسب كبير لأنها لن تعدهم من بين الخسائر. وبهذا يصبح مجمل القوات الروسية في سوريا 3000 مقاتل. أما في معركة حلب، فإن روسيا تعتمد بشكل كبير على اللواء 65 الإيراني، حديث الوصول إلى سوريا".
وقالت الصحيفة إن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، كان يتحدث قبل وصوله لجينيف؛ عن تمديد الهدنة وفرضها على كامل التراب السوري، أما بالنسبة للمبعوث الدولي للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، فالأولوية هي إقناع كل من أمريكا وروسيا بتمديد الهدنة.
وفي الوقت الذي تدعم فيه باريس هذا التوجه، فقد أكد مقرب من المبعوث الأممي لصحيفة "لوفيغارو" أن روسيا لا ترغب في المشاركة في مثل هذا الاجتماع، خاصة إن عقد في باريس، كما أن أمريكا لم تصرح بشيء حتى الآن.
ولكن أمام هذا العنف الممارس ضد حلب، فقد اختارت واشنطن عدم التفاعل؛ فالهدف الرئيس هو دفع موسكو لإقناع الأسد بوقف هجومه على حلب. ولكن مقاطعة المعارضة للاجتماع القادم لمحادثات جينيف في منتصف شهر أيار/ مايو ستزيد من تأزم الوضع.
وما زاد الوضع تعقيدا هو تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، معلقا عن مقاطعة المعارضة المحادثات، حيث قال: "لن تكون هذه بالخسارة الفادحة"، فموسكو مستعدة للبحث عن معارضة بديلة تبدي رغبة في الحوار. وللتأكيد على نوايا موسكو "السيئة"، فقد أعادت طرح مطلبها القديم الذي يتمثل في إدراج "جيش الإسلام"، وهو مفاوض رئيس في محادثات جينيف، في قائمة المنظمات الإرهابية.