هاجمت افتتاحية صحيفة "التايمز" البريطانية، ما وصفته بـ"الاستبداد في
مصر" على خلفية مقتل الطالب الإيطالي جوليو
ريجيني، والتحقيقات الجارية حاليا من الجانبين المصري والإيطالي.
وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى وصول المسؤولين المصريين مساء الأربعاء، للقاء نظرائهم الإيطاليين وعائلة الطالب الإيطالي ريجيني، موضحة أن طالب الدكتوراه في جامعة كامبريدج اختفى في ظروف غامضة في 25 كانون الثاني/ يناير الماضي، ثم وجدت جثته في طريق خارج القاهرة بعد تسعة أيام من اختفائه.
وأشارت "التايمز"، في مقالها الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن السلطات المصرية قالت بداية إنه قتل في حادث سير، ثم حولت التهمة إلى أنه هوجم من عصابة ترتدي ملابس الشرطة، قالت إن خمسة من أفرادها قتلوا على أيدي "شرطة حقيقية" في شباط/ فبراير الماضي.
ويتهم المحققون الإيطاليون الذين درسوا آثار التعذيب "الرهيبة" على جسد ريجيني، الأمن المصري نفسه بتحمل مسؤولية اختطاف ريجيني وتعذيبه وقتله، بحسب "التايمز".
وعود بالحقيقة
وأضافت الصحيفة أن زعيم الانقلاب المصري عبد الفتاح
السيسي، وعد بقول الحقيقة، لكن حتى الآن، فإن ما قامت به السلطات هو "التشويش"، كما أنه ظهر بريد إلكتروني مؤخرا، نشرته صحيفة إيطالية، يتهم السيسي نفسه بضلوعه في الجريمة، في لقاء قرر فيه كيفية التخلص من جثة ريجيني.
وقالت "التايمز" إنه إذا كانت هذه الجريمة الأولى التي يتورط بها نظام السيسي فقد ينجو منها، لكنها ليست كذلك، فمنذ وصوله إلى السلطة عبر الانقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي، ارتكب القائد السابق للجيش المصري سلسلة من جرائم القمع بحق من يعتبرهم أعداء الدولة، "الحقيقيين والمتخيلين"، بحسب قولها.
وسببت هذه الحالة مزيدا من الأعداء للدولة، داخل حركة الإخوان المسلمين، التي أصبحت إرهابية الآن، كما أنها أدت لخفوت سطوع السيسي في الطبقة الوسطى التي كانت تحتفي به، بحسب "التايمز".
مستبد أو ضعيف
وقالت الصحيفة إن السيسي "إما أنه مستبد جديد، أو أنه ضعيف لا يستطيع السيطرة على أجهزة أمن الدولة"، مشيرة إلى أنه لا يوجد سيناريو يدعم وعوده بعودة الاستقرار والأمن.
وتسود العزلة الآن؛ فقد حذرت إيطاليا بأنها قد تستدعي سفيرها من القاهرة، وستنصح رعاياها بعدم السفر إلى مصر إذا فشل وفدها بالحصول على سجلات المكالمات، وتصوير قناة "CCTV" الذي حصلت عليه ليلة اختفاء ريجيني.
وقد يؤدي هذا إلى إيذاء الاقتصاد المعتمد على السياحة، والذي بدأ بالانهيار منذ تفجير الطائرة الروسية المغادرة من شرم الشيخ فوق صحراء سيناء، إلا أن هذا لن يردع روما.
سرطان نحو القلب
وشبهت "التايمز" قضية ريجيني بأنها "سرطان يشق طريقه نحو قلب مصر"، كاستمرار لحالة الاستبداد التي تمر بها مصر.
وكان آخر ضحايا قمع السيسي هو الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، هشام جنينة، الذي تم وضعه في إقامة جبرية بعد اتهامه مسؤولين في الدولة باختلاس ما مجموعه 76 مليار دولار منذ 2012.
وكان الإسلاميون المشتبه بهم ضحايا "برانويا" السيسي، إذ إنه اعتقل ما يقارب الـ40 ألفا منهم منذ عام 2013، واختفى 340 في سجون سرية في غضون أربعة أشهر العام الماضي، بحسب تعبير "التايمز".
لا حصانة لأحد
وقالت الصحيفة إنه لا يوجد أحد يتمتع بالحصانة في مصر، فقد تلقى مراهقون مسيحيون أقباط حكما بالسجن خمس سنوات، لأجل فيديو سخروا به من الصلاة.
والشهر الماضي، لإنهاء كل شبهة ممكنة، حكمت محكمة على طفل صغير بالسجن المؤبد بتهمة الانتساب للإخوان المسلمين.
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إنه من الساخر، إن لم يكن من المأساوي، أن تتحول ذكرى الربيع العربي إلى نمط "يشكل مجرد ذكرياته حالة من التعذيب"، بحسب تعبيرها.