قال
سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ومدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، إنها مسألة وقت قبل أن تلتحق المملكة العربية
السعودية بركب الحداثة، مثل جيرانها في
مصر ولبنان وسوريا وتونس والمغرب.
وفي مقال له في صحيفة "المصري اليوم"، قال إبراهيم إن اسم المملكة "ارتبط بالتقاليد المُحافظة عموما، والتشدد الديني في تطبيق الشريعة الإسلامية خصوصا، وكان ولا يزال يُقال إن المذهب الوهابي هو المسؤول عن ذلك، فضلاً عن البيئة الصحراوية الجافة التي تُغطي معظم أرجاء المملكة".
وتابع بأنه في ظل آخر خمسة ملوك على العرش السعودي، أو بالأحرى، خلال الأربعين سنة الأخيرة "تضاعف عدد الجامعات السعودية، ووصل عدد المبعوثين السعوديين للدراسة في الخارج إلى أكثر من مليون طالب، عاش معظمهم في أوروبا والولايات المتحدة، وعادوا بدرجات علمية رفيعة في كل مجالات المعارف والعلوم. وأهم من الدرجات العلمية، أن هذا الشباب السعودي خبر في الخارج أساليب حياة عصرية مختلفة". ورغم أن معظم هؤلاء الدارسين، كما خبرهم هذا الكاتب كزميل لهم، ثم أستاذ للمئات منهم في مصر والولايات المتحدة، ظلوا مُحتشمين مُهذبين في سلوكياتهم، إلا أنهم بالضرورة قد تأثروا بالبيئات والمجتمعات المفتوحة التي عاشوا فيها.
وإلى جانب ذلك، فإنه "يأتي للسعودية سنويا ملايين الحُجاج والمُعتمرين من مشارق الأرض، مثل الصين وإندونيسيا وماليزيا، ومن مغاربها مثل المسلمين الأوروبيين والأمريكيين. وكان ولا يزال هؤلاء يأتون معهم بأساليب حياة مختلفة كان يراها السعوديون، وكان لا بد أن يتأثروا بها، إن قليلاً أو كثيرا".
وتابع بأنه رغم الحذر والاحتشام فإن الأخذ بأدوات وآليات الحضارة الحديثة كان لا بد أن يحدث عاجلا أم آجلا "ومن ذلك أن الأخذ بالجوانب المادية للحضارة الغربية كان هو الأسرع، مثل وسائل النقل والمواصلات، والمبردات والمواقد الغازية وآخر صيحات فنون البناء والتشييد، وشبكات الطُرق السريعة".
ومن آخر مظاهر "طفرات التغيير والتحديث" كان استحداث مهرجان للأفلام السعودية، والذي يدخل هذه الأيام دورته الثالثة. ويشمل المهرجان خمس مسابقات، للأفلام الروائية القصيرة، والأفلام الوثائقية، وأفلام الطلبة، ومسابقة السيناريو، ومسابقة المُدن السعودية.
ووصف إبراهيم ما يحدث بأنه ثورة، "بل ثورات صامتة. ولن تقل كثيرا في تأثيرها وتداعياتها عن الثورة الأولى التي ارتبطت بظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي، وغيّرت العالم في القرون الأربعة عشر التالية".
وختم بأن بقية العرب خارج الجزيرة العربية "ما زالوا بلا معرفة كافية، وبلا وعي دقيق بأبعاد الطفرات والتغيرات المُتتالية في السعودية. هذا فضلاً عن أخطار مستجدة تُحيط بهذا القُطر العربي المحوري من جارته الإيرانية ذات الأطماع الفارسية. هذا فضلاً عن أن هناك قوى عُظمى جديدة وصاعدة، أهمها الهند والصين، ولها جاليات كبيرة في السعودية وبُلدان مجلس التعاون الخليجي الأخرى. ويتسابق البلدان الآسيويان (الصين والهند) في تقوية وجودهما البحري في مياه المُحيط الهندي والبحر الأحمر والخليج العربي، من حول الجزيرة العربية. وهو ما يستدعي، أن تُخصص مراكز البحوث العربية أقساما خاصة بالسعودية، أو حتى استحداث مركز مستقل ومُتخصص لدراسات الجزيرة العربية".