نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا للصحافية بيل ترو، حول ظاهرة
الاختفاء القسري في
مصر، تقول فيه إن آخر مرة رأت فيها حنان بدر الدين زوجها كانت على التلفزيون في 27 تموز/ يوليو، حيث كان قد تم تصويره في مستشفى ميداني، بعد أن أصيب بالرأس في القاهرة.
ويشير التقرير إلى أن قوات الأمن كانت قد هاجمت المتظاهرين المؤيدين للرئيس محمد
مرسي، وقتل في الهجوم أكثر من 70 شخصا، ادعت السلطات أنهم كانوا مسلحين. وأخبر الأطباء السيدة بدر الدين أنهم أرسلوا زوجها خالد حافظ (45 عاما)، الذي يعمل مستشارا للإعلانات، إلى المستشفى؛ خوفا على حياته بسسب الإصابة، ولكنه لم يصل إلى المستشفى.
وتبين الكاتبة أنه بعد ذلك بعامين ونصف، لم تعثر بدر الدين البالغة من العمر 28 عاما على زوجها، ولم تسمع سوى ذكر لاسم زوجها في رسائل مهربة من سجناء في سجون سرية. وقالت لـ"التايمز": "لا أعرف أين هو، أنفقت مئات الجنيهات في محاولة لتحديد مكانه، ولكنه اختفى وتوقف عالمي".
وتلفت الصحيفة إلى أن حافظ يعد واحدا من مئات المصريين المعارضين في الغالب للنظام، الذي يدعمه العسكر، والذين اختفوا في معتقلات سرية.
ويستدرك التقرير بأنه مع أن الاختفاء القسري لم يكن غريبا عن النظام الاستبدادي لحسني مبارك، إلا أن المنظمات غير الحكومية قالت إن العدد تزايد بشكل دراماتيكي بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 2013. حيث أطلق الرئيس عبد الفتاح
السيسي، رئيس الأركان السابق، حملة شرسة منعت بموجبها المظاهرات، وتم سجن عشرات الآلاف.
وتكشف ترو عن أن عدد حالات الاختفاء ارتفع بشكل كبير العام الماضي، مشيرة إلى أن من أشهر الحالات كان اختفاء المصورة الصحافية والطالبة الجامعية إسراء الطويل، التي اختفت في القاهرة في حزيران/ يونيو، وشوهدت بعد ثلاثة أسابيع في سجن النساء في القناطر.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن أستاذ الموسيقى تامر نبيل، قوله إنه اختطف قبل عام، في الوقت الذي كان يسير فيه إلى عمله في وسط القاهرة، حيث كان يتجمع المتظاهرون، وتم احتجازه وتعذيبه لمدة أسبوع في معسكر للشرطة ملحق بسجن طرة.
وتنوه الصحيفة إلى أنه لا أحد يعرف عدد المختفين قسريا بالضبط في مصر، مستدركة بأن المفوضية المصرية للحقوق والحريات وثقت 340 حالة، بينما تقول مؤسسة الدفاع عن المظلومين إن العدد هو أقرب لـ 1800 شخص.
وتقول الكاتبة إن السلطات اضطرت الأسبوع الماضي للكشف عن مكان احتجاز 118 مواطنا، بعد أن قدم المجلس القومي لحقوق الإنسان المرتبط بالدولة تقريرا حول 190 مفقودا. وقالت وزارة الداخلية إن معظمهم في السجون أو محتجزون تحضيرا للمحاكمة، وأنكرت أنهم مختفون قسريا، بحسب المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وادعى مسؤولون حكوميون هذا الشهر بأن المختفين ربما انضموا إلى جماعات إرهابية، أو هاجروا إلى أوروبا.
ويستدرك التقرير بأن شهادات الأهالي المتشابهة إلى حد مرعب عن أسابيع وأشهر، وأحيانا سنوات، من البحث المضني، تشير إلى غير ذلك. مشيرا إلى أن إبراهيم متولي فقد الاتصال بابنه عمرو في 8 تموز/ يوليو 2013، عندما فتحت قوات الأمن النيران على المتظاهرين المؤيدين لمرسي في ميدان رابعة العدوية، حيث قتل 51 شخصا.
وتنقل الصحيفة عن متولي، الذي يعمل محاميا، قوله: "حاولنا البحث في كل محطة شرطة وكل مستشفى وكل مشرحة. وبعد أربعة أيام اتصل صديق له ليقول إنهما كانا مسجونين معا، ولكن ابني لم يطلق سراحه لسبب ما".
وتشير ترو إلى عدم اعتراف أي سجن بأن عمرو محتجز فيه، ولذلك تقدم متولي بعدة شكاوى للمدعي العام، وفي العام التالي دفع للحرس في السجون ورجال الأمن والمحامين ذوي العلاقات الجيدة؛ ليعرفوا مكان وجود ابنه، الذي ظهر اسمه في عدة سجون في أنحاء البلاد.
ويفيد التقرير بأنه في آب/ أغسطس عام 2014، أخبر سجين سابق متولي بأن ابنه كان في سجن أزولي، وهو سجن سري يقع في معسكر جالا في الإسماعلية، على بعد 60 ميلا شمال شرق القاهرة. ويعتقد بأن هذا السجن، الذي هو واحد من تسعة سجون سرية، يضم بين جدرانه حوالي 400 سجين.
وتصف بدر الدين كيف استطاعت التسلل إلى المحكمة في المعسكر، وعرض صورته على المتهمين، فقالوا إنه معهم، فمررت له رسالة سرية، ولكن بعد عدة أشهر اختفى اسمه، ومن الواضح أنه تم نقله إلى سجن أشد تأمينا، وتقول: "لكني لا أدري إن كان لا يزال حيا أم لا".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الاختفاء لا يقتصر على المعارضين الإسلاميين فقط، فقد اختفى حسام الدسوقي، الذي يعمل محاسبا، وسجن هو وخمسة أصدقاء؛ بتهمة إنتاج مواد "تتعارض مع خارطة الطريق للبلد". وكان قد بدأ حملة تبرعات لرجل معاق على صفحته على "فيسبوك"، وتمت تبرئته، ولكنه اختفى في 9 كانون الأول/ديسمبر.