اختتمت في حي الوعر المحاصر بمدينة
حمص، الثلاثاء، فعاليات "
مهرجان حمص للأفلام التسجيلية" بدورته الثانية والذي أقيم في مركز دار السلام الثقافي.
المهرجان الذي استمر لمدة ثلاثة أيام، لاقى إقبالا كبيرا، حيث طرح ما يعانيه السوريون عبر
أفلام توثيقية، وخاصة أن المهرجان أقيم في الحي المحاصر.
وحصد فيلم "ومضة من الذاكرة" لمخرجه "محمد عبد الرحمن" المركز الأول، من أصل 10 أفلام مشاركة. ويتضمن الفيلم مشاهد مصورة في بدايات الثورة وجعل من العدسة عينا تصور وتخزن المشاهد السعيدة والحزينة في الثورة منذ بدايتها.
وحصل فيلم "سنديان" للمخرج "محمد الحمصي" على جائزة أفضل فكرة، حيث تناول أعمال الدفاع المدني السوري الحر، وما يعانيه من مخاطر وصعوبات بظل القصف المتكرر.
أما فيلم "أطواق" من إنتاج المخرجين "رضوان وجودي"، فنال جائزة أفضل سيناريو، بينما حصل فيلم "لحن البقاء" على جائزة أفضل لقطة لمخرجه "همام أبو الزين".
من جهته، قال مدير المهرجان، عمر نجم الدين، في حديث لـ"
عربي21": "هذه هي الدورة الثانية من المهرجان، وهي كما الدورة الأولى السابقة؛ خطوة أخرى نحو تحفيز الشباب على إنتاج افلام وثائقية تعكس الواقع المعاش في حمص".
وأضاف نجم الدين: "الأفلام معظمها انتجت في الوعر، والمشاركون فيها من أبناء الحي. ورغم الصعوبات التي واجهتهم أثناء التحضير للمهرجان، إلا أن إرادة الحياة والرغبة في إقامة المهرجان كانت كفيلة بالتغلب على الصعوبات كلها"، وفق قوله.
واستضافت الدورة الثانية من مهرجان الأفلام؛ أفلاما مشاركة من خارج حي الوعر. فقد خصص اليوم الأول والثاني للأفلام من خارج، فيما كان اليوم الثالث للأفلام المشاركة بجائزة المهرجان وعددها 10 أفلام.
وأوضح محمد الحمصي، مخرج فيلم "سنديان"؛ أن "المهرجان اختلف عن دورته السابقة، ولا سيما بتميز الأفلام المشاركة، خاصة أن هناك تطورا في إنتاج واخراج الأفلام بطرق جديدة ومتميزة، تختلف عن التواضع الذي كان في الدورة الماضية".
ورصد المهرجان أيضا معاناة
حصار آخر يشهده المدنيون في جنوب دمشق، حيث نقل فيلم "حب في الحصار"، من إخراج "مطر إسماعيل" وعرض لأول مرة في المهرجان كفيلم ضيف، معاناة المدنيين في الحصار في ظل فقدان كل مقومات الحياة وتأثير الحصار على الأطفال.
وقال المخرج مطر اسماعيل لـ"
عربي21": "مهرجان حمص السينمائي في دورته الثانية يعتبر تجربة شبابية ثورية مميزة، خاصّة كونه يقام في حي الوعر الحمصي المحاصر من قبل قوات الأسد، ويفسح المجال للتجارب الفلمية الجديدة وللمخرجين الشباب المتواجدين في الأراضي السورية، كما أن المهرجان فرصة للمنافسة بين هذه التجارب الشبابية".
ومن بين الأفلام الخارجية التي لاقت تفاعلا كبيرا من الجمهور والمشاركين؛ فيلم "نوستالجيا"، من إخراج "صوفيا الداوودي". ويندرج الفيلم تحت تصنيف الخيال العلمي، وتم استخدام طريقة الرسوم المتحركة من أجل إيصال رسالة الثورة السورية وتأثيرها على الأطفال ومعاناة المعتقلين في سجون النظام.
وقالت المخرجة صوفيا الداوودي: "تم قبول فيلمي للمشاركة كضيف، وشعرت وقتها بسعادة كبيرة، لكن سعادتي لم تكتمل عندما عرفت أن هناك فيلمان مشاركان لمخرجين هما الآن في عداد الشهداء، فكانت مشاعري متضاربة، فمن جهة كنت فخورة لأن فيلمي سيعرض في عاصمة الثورة، وحزن شديد لأن زملائي شهداء" من جهة أخرى.
من جانبه، قال عضو لجنة التحكيم، نوار بلبل، لـ"
عربي21": "لو بدأنا من العنوان العام (مهرجان حمص للأفلام التسجيلية) فهو بحد ذاته حصل على الجائزة الذهبية".
وأضاف: "حي محاصر في حمص قدم في هذه الدورة 11 مشروع سينما من أصل 20 فيلما قام بها مجموعة شبان؛ هو بحد ذاته أيضا يستحق الجائزة الذهبية"، مشيرا إلى أن هذه الأفلام "تحاكي الوجع السوري، وتتكلم عن الناس المحاصرة بالداخل".
لكن عضو لجنة التحكيم اعتبر أن معظم هذه الأفلام لم تحمل أفكارا استثنائية، وخاصة كونها لا تتحدث عن ظروف عادية بل عن مكان استثنائي محاصر، على خلاف توقعاته. وقال: "كانت الأفكار عادية وكانت الأفلام أقرب للعفوية وهذا الشيء مطلوب، ولكن يجب أن تكون مدروسة أكثر".
يشار إلى أن فكرة مهرجان حمص السينمائي كانت قد بدأت في الربيع الماضي، حين افتتحت الدورة الأولى في منتصف نيسان/ أبريل. وقد فاز فيلم "ريحان" للمخرج مهند الحمود بجائزة المهرجان. ويعد هذا المهرجان نشاطا جديدا في الثورة بعد تزايد أعداد المهتمين بالتصوير والتوثيق والإخراج.
وحي الوعر في حمص هو آخر معقل للثوار في مدينة حمص، إلى جانب الريف الشمالي. ويخضع الحي الذي يستضيف آلافا من اللاجئين إلى جانب سكانه الأصليين؛ لحصار خانق من جانب قوات النظام السوري، كما يتعرض للقصف بشكل متكرر.