رأت صحيفة "لسبريسو" الإيطالية أن الهجمات التي ضربت
باريس يوم الجمعة؛ تؤشر على تغير خطير في إستراتيجية
تنظيم الدولة، من استهداف العدو القريب في
سوريا والعراق إلى استهداف العدو البعيد في العالم
الغربي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن المعلومات المتوفرة حتى الآن حول العملية تبدو محدودة، ولكن أولى الاستنتاجات التي يمكن الخروج بها، هي أن تنظيم الدولة اعتمد هذه المرة على فكرة تنويع الأهداف، من أجل إيقاع قدر أكبر من الخسائر المادية والبشرية والأثر النفسي، مقارنة بالهجمات التي تتم في مكان واحد.
وباستثناء ملعب كرة القدم الذي يعتبر محصنا نسبيا، فإن بقية الأهداف كانت "أهدافا سهلة"، لا توجد فيها حماية أمنية، ويمكن أن يُحدث استهدافها ضجة إعلامية وأثرا نفسيا.
ولاحظت الصحيفة أيضا أن هذه الأماكن المستهدفة تم اختيارها بدقة، لتكون أماكن لهو وترفيه، حتى لا تثير أي مشاعر تعاطف لدى أنصار التنظيم والمتعاطفين معه، باعتبار أن هذه الأماكن على غرار المسرح والمقهى يفترض ألا يرتادها المسلمون المحافظون. ولم يكن من باب الصدفة أن يتحدث بيان التنظيم عن المحرمات التي يتم ارتكابها في تلك الأماكن، وكأن البيان موجه أساسا للمتعاطفين من المسلمين.
واعتبرت الصحيفة أن عملية احتجاز الرهائن في مسرح باتاكلان؛ أراد من خلالها التنظيم إطالة أمد الأزمة، وزيادة التغطية الإعلامية للحدث أولا، قبل أن يفكر في زيادة عدد القتلى والجرحى، ليحقق هدفه النهائي وهو إدخال الناس في أقصى درجات الرعب والارتباك.
وحذرت الصحيفة من أنه إذا تأكد أن تنظيم الدولة قد قام بالتخطيط للعملية، وتدريب منفذيها في معسكراته في سوريا والعراق، ثم إرسالهم لفرنسا للتنفيذ، فهذا سيعني تغييرا جذريا في إستراتيجية التنظيم، وهو تغيير مخيف يحتّم على الدول الغربية أن تستعد للأسوأ.
وذكرت الصحيفة أن التنظيم كان في الماضي يعتمد مبدأ استهداف العدو القريب قبل العدو البعيد، حيث كان يركز على محاربة الشيعة، والمجموعات السنية المقاتلة في سوريا، وملاحقة الأقليات العرقية والدينية، من أجل بسط السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، استعدادا للمعركة النهائية التي يعتقد التنظيم أنها ستجري داخل دولته وليس على أرض أعدائه. ولكن يبدو أن تنظيم أبي بكر البغدادي قرر من خلال إسقاط الطائرة الروسية، وشن هجمات باريس، ضرب العدو البعيد، "الغرب الصليبي الكافر"، كما يسميه.
البايس الإسبانية:
ونشرت صحيفة البايس الإسبانية تقريرا حول تغيّر أسلوب تنظيم الدولة، من الاعتماد على الذئاب المنفردة من المتعاطفين والأنصار، إلى تكوين وتدريب الخلايا المنظمة القادرة على شن هجمات ضخمة توقع عددا كبيرا من الضحايا.
وقالت الصحيفة إن تنظيم الدولة، بعد سنتين من دخوله للحرب السورية، وبعد 16 شهرا من إعلانه "الخلافة" من مدينة الموصل
العراقية، نجح في الإيعاز للذئاب المنفردة بشن عدة هجمات فردية وبسيطة، على غرار مهدي نموش الذي هاجم المتحف اليهودي في بروكسيل، والكندي مارتن كوتير رولو الذي هاجم جنديين كنديين.
وأشارت إلى أن هذا الأسلوب الفردي معتمد أيضا لدى تنظيم القاعدة، ولكن الفرق بينهما أن تنظيم البغدادي يضم عددا أكبر بكثير من المقاتلين، يصل إلى حوالي 31500، كما أن 80 في المئة منهم أجانب، وهذا يسمح له بتطوير أساليبه وتوسيع طموحاته، باعتماد أسلوب الخلايا المنظمة والعمليات المنسقة في عدة أماكن في وقت واحد.
ونقلت عن مارتن ريردون، الضابط السابق والباحث في مركز الدراسات "ستوفان غروب"؛ "أن ما يثير الرعب بشأن هجمات باريس، هو أنها تم التخطيط لها بشكل ذكي، وتم تنفيذها بشكل سهل لا يحتاج إلى تكنولوجيا متطورة ووسائل معقدة، وهذا ينطبق أيضا على هجمات بيروت، التي أوقعت 40 قتيلا".