نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا لباتريك ونتور وأندرو سبارو، قالا فيه إن
بريطانيا تعاني من أزمة ثقة في السياسة الخارجية، ما تركها "مهمشة في سوريا، وغير فاعلة في أوكرانيا، وغير راغبة في أوروبا ومعادية للاجئين"، بحسب تقرير أعده مجموعة من الدبلوماسيين السابقين وضباط المخابرات وأكادميي السياسة الخارجية.
ويشير التقرير إلى أن هناك مطالبة من معدي التقرير بأن تقوم بريطانيا بتحديد علاقتها مع أوروبا، بينما يجهز رئيس وزرائها ديفيد
كاميرون لنشر قائمة شاملة بالتغييرات التي تأمل حكومته بتحقيقها، كجزء من إعادة تفاوضها مع
الاتحاد الأوروبي.
وتورد الصحيفة أن تحليلهم هو: "الشكوى الدائمة من وضعنا الرسمي الذي يربطنا بالاتحاد الأوروبي يحد عمليا ما تستطيع المملكة المتحدة القيام به خلال تلك العلاقة. هل نحن في الاتحاد، خارجه أم نصف مرتبطين به؟ في الواقع إن العمل مع أوروبا ضروري في كل مكون من مكونات السياسة".
ويلفت الكاتبان إلى أن التقرير، الذي أعده مسؤولون كبار، بينهم رئيسة لجنة المخابرات المشتركة الليدي نيفيل جونز، والسفير البريطاني في واشنطن كريستوفر مايير، يأتي في الوقت الذي كثف فيه كاميرون النقاش حول الاتحاد الأوروبي، حيث قال إن صوتت المملكة المتحدة لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي فإن ذلك سيجعل أمن المملكة الوطني في خطر.
وينقل التقرير عن رئيس الوزراء قوله خلال عطلة نهاية الأسبوع: "كما نواجه مخاطر جديدة تهدد بلادنا، ليس لدي شك بأن المسألة الأوروبية بالنسبة لبريطانيا ليست مجرد أمن اقتصادي، ولكنها أمن قومي أيضا، ليست مجرد فرص عمل وتجارة، ولكن أيضا أمن وسلامة شعبنا".
وترى الصحيفة أن الحكومة البريطانية يبدو أنها تراجعت عن تهديد كاميرون بأن تعيد بريطانيا النظر في عضويتها في الاتحاد الأوروبي، إن لم تكن هناك آذان صاغية لمطالباته بالإصلاح. ونشر مكتب الحكومة مقطتفات من خطاب كاميرون الذي سيلقيه يوم الثلاثاء، عندما يعلن عن شروط البقاء عضوا في الاتحاد الأوروبي على شكل رسالة موجهة إلى رئيس المجلس الأوروبي دونالد تسك.
ويكشف الكاتبان عن أن كاميرون سيقول في الخطاب إنه لا يعتقد بأن بريطانيا غير قادرة على العيش خارج الاتحاد الأوروبي. ولكنه يشكك في الحكمة من مغادرة الاتحاد. وبحسب الصحيفة، فإن كاميرون سيقول: "السؤال هو إن كنا سنكون أنجح داخله أم خارجه؟ وهل يزيد وجودنا في الاتحاد الأوروبي من أمننا الاقتصادي، أم أنه ينقص منه؟ وهل يجعلنا الوجود في الاتحاد الأوروبي أكثر أمانا أم لا؟ تلك هي المسألة التي يجب تقييمها".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه عندما طلب من المصدر في مكتب الحكومة أن يوضح القضايا الأمنية المرتبطة بعضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، فإنه قال إن المسألة تتعلق بوجود تحالفات دولية، وتتعلق "بموقع بريطانيا على الحلبة الدولية، وبمن تتصل في حالة الطوارئ".
ويورد الكاتبان أنه لا يستبعد أن ينسب كاميرون بانسحاب بريطانيا، بعد القيام باستفتاء قد يجرى في حزيران/ يونيو من السنة القادمة، إن لم يتم الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي على صفقة في كانون الأول/ ديسمبر. مشيرين إلى أنه ليس سرا أن رئيس الوزراء لا يريد لبريطانيا أن تنسحب من الاتحاد الأوروبي، وبحسب الإحاطة الإعلامية قبل خطاب الثلاثاء، يبدو أن كاميرون قرر اتخاذ خط مؤيد للبقاء في الاتحاد بعد كثرة الشكاوى من المدة التي يقضيها المسؤولون في الاعلام تأييدا لحملة الانفصال.
وتذكر الصحيفة أن هناك مزيدا من الشكاوى من المجتمع الدبلوماسي من أن السياسة البريطانية الخارجية تفتقر إلى وضوح الهدف، ونتيجة لذلك فإن هناك مقاربة لتوزيع الإمكانات بطريقة تفتقر إلى الاتساق الإستراتيجي.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن هذه الانتقادات تأتي في وقت يخشى فيه أن تتحول وزارة الخارجية إلى مكتب مبيعات للشركات المصدرة؛ بسبب تخفيض الميزانيات. كما أنه مما يثير القلق بالنسبة للسياسة الخارجية البريطانية هو أن فشلها في العراق أدى إلى أدائها دورا هامشيا في القرارات التي تتخد في بروكسل وواشنطن وموسكو.