توفي
المفكر الإسلامي الأردني "
ماجد عرسان الكيلاني"، السبت، عن عمر يناهز ثلاثة وثمانين عاما، نذر فيها نفسه وحياته لبيان أصول
التربية الإسلامية، وما يعتليها من أخطار صهيونية تغلغلت في الثقافة الإسلامية، وسعت لتشويه الشخصية العربية، والحقائق التاريخية.
ولد الكيلاني في قرية الشجرة التابعة للواء الرمثا، أقصى شمال الأردن عام 1932 لأب مزارع، أنفق كل ما يملك على أبنائه لتدريسهم وتلقيهم علما نافعا يخدم أمتهم الإسلامية، ولأم اتسمت بأخلاقها الحميدة، وله تسعة أشقاء (5 ذكور و4 إناث)، وستة أبناء (3 ذكور و3 إناث).
تلقى الكيلاني تعليمه الابتدائي في "الكتاتيب"، وانتقل بعدها إلى مدرسة الرمثا (شمالا) ليكمل تعليمه الثانوي هناك، ونظرا لتفوقه فقد تقرر ابتعاثه لإكمال دراسته الجامعية في القاهرة بتخصص التاريخ، وكان من الطلاب المتفوقين في مجال الأدب والشعر.
عمل الكيلاني مدرسا في مدرسة النجاح الثانوية في نابلس، ثم انتقل بعدها إلى عمان رئيسا لقسم المناهج في وزارة التربية الأردنية.
في عام 1974، التحق الكيلاني بالجامعة الأردنية لدراسة الماجستير في التربية، وبعد مرور عام على ذلك، حصل على منحة لدراسة التاريخ في الجامعة الأمريكية في لبنان، وعاد بعدها إلى الأردن ليستأنف دراسته بتخصص التربية، لينتقل بعد ذلك مديرا للتعليم في وزارة الأوقاف.
وأنهى المفكر الأردني دراسة الدكتوراه في التربية من جامعة "بتسبرغ" في بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب شقيقه محمد (73 عاما)، فقد انصب اهتمام الكيلاني على التأليف في مجال التربية الإسلامية وله مؤلفات عديدة، أشهرها "سلسلة التربية الإسلامية"، التي تشتمل على أهداف التربية الإسلامية وأساليبها وأدواتها، وكتابه "فلسلفة التربية"، الذي اعتبرته منظمة اليونيسف أفضل كتاب في مجال التربية الإسلامية.
وأضاف محمد للأناضول أن "ماجد رحمه الله اتسم في مؤلفاته بالوسطية والتسامح والدعوة لاستيعاب الآخرين، والعمل على إخراجهم بثوب إسلامي فريد، بعيدًا عن التعصب والجمود".
وعمل المفكر الأردني مديرا للمركز الإسلامي في نيويورك في ثمانينيات القرن الماضي، وقد ركز على دراسة الصهيونية وخطرها على
العالم الإسلامي، وقد كان ذلك في أولى مؤلفاته التي حملت عنوان "الخطر الصهيوني وأثره على مناهج التعليم العربية" عام 1971، والذي يعد صيحة مبكرة لإنذار الأمة بالخطر الصهيوني ومحاولاته المختلفة لتشويه الشخصية العربية.
وجاء اهتمام الكيلاني بالخطر الصهيوني نابعا من شعور متجذر، وألم كبير على عمه الذي استشهد في معركة "باب الواد" في القدس، حيث كان لعمه دور بارز في ضرب القوة الصهيونية عسكريًا، كما شهد له المؤرخ الأردني عبد الله التل في كتابه "الأفعى الصهيونية".
أصيب الكيلاني خلال العامين الماضيين بـ"الشلل الرعاشي"، إلا أن ذلك لم يمنعه من الاستمرار في العطاء، فقد كان منزله قاعة للمحاضرات والندوات النقاشية لطلبة العلم من مختلف دول العالم، فيما أشار شقيقه محمد إلى أن كتاب الكيلاني المسمى "منهاج التربية"، قد أرسل يوم أمس إلى الطباعة.
وحصد الكيلاني عشرات الجوائز العالمية، وكان آخرها "جائزة الفارابي العالمية للعلوم الإنسانية والدراسات الإسلامية الأولى".
ويوارى جثمانه الثرى بعد صلاة عصر الغد، لحين عودة أبنائه من عملهم خارج الأردن.