نشرت صحيفة "يو إس نيوز" تقريرا لمراسلة وكالة الأنباء "أسوشيتد برس" سارة الديب، حول اعتقال الناشطة العلمانية فاطمة السيد (29 عاما)، بعد أن ذهبت مجموعة من الشرطة السرية إلى بيتها ليلا، وطلبوا منها أن ترافقهم، وقد رجاهم الأب أن يذهب معها، ولكنهم رفضوا.
ويشير التقرير إلى أن السيد بقيت لمدة أربعة أيام في زنزانة في مقر المخابرات في بلدها الإسكندرية، دون أي سجلات رسمية، أي انها اختفت في متاهة المعتقلات
المصرية. وتم التحقيق معها دون حضور محام، وحرمت من الحقن التي كانت بحاجة إليها بعد إجرائها عملية جراحية.
وتنقل الصحيفة عن السيد قولها إنهم حاولو أخذ معلومات منها حول زملائها الناشطين الآخرين في المعارضة في حركة 6 أبريل، ودعوتها إلى احتجاجات ضد غلاء الأسعار، وعن أي تنسيق مع الإخوان المسلمين. وقالت: "لم أعطهم شيئا".
وتبين الكاتبة أن المؤسسات الأمنية المصرية تقوم باعتقال الناشطين والطلاب سرا، حيث تخطفهم من بيوتهم أو من الشارع، وتسجنهم دون سجل رسمي، بينما يندفع ذووهم للبحث عنهم، بحسب ما يقول الناشطون والمحامون.
ويلفت التقرير إلى أن الناشطين استطاعوا تتبع 160 حالة من حالات
الاختفاء لدى الشرطة خلال الشهرين الماضيين، موضحا أن هذا الرقم يعد مؤشرا على تنامي سلطات المؤسسات الأمنية دون حساب، وهو عودة للتصرفات الماضية تحت حكم الديكتاتور حسني مبارك، عندما كان يسجن الأشخاص أحيانا لسنوات طويلة دون محاكمة، وذلك بموجب قوانين الطوارئ سيئة السمعة، التي بقيت سارية لعقود طويلة، وتم إلغاؤها بعد الإطاحة به عام 2011.
وتذكر الصحيفة أن السيد كانت محظوظة، فبعد أربعة أيام من الحجز، قامت الشرطة بتسجيل اعتقالها، وأطلقت سراحها بكفالة، حيث وجهت لها تهمة الانتماء لحركة 6 أبريل، التي كانت إحدى القوى البارزة في الثورة على مبارك، وهي الآن حركة محظورة. كما أن ناشطين مفقودين آخرين ظهروا بعد أيام، أو حتى بعد أسابيع من اختفائهم، عندما قررت الشرطة أن تسجل اعتقالهم رسميا.
وتستدرك الديب بأن مكان تواجد الأكثرية لا يزال غير معروف، ويخشى الناشطون والمحامون من تعرضهم للاعتداءات خلال التحقيق.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه قد قتل على الأقل واحد من المفقودين، وهو إسلام عطيتو، الذي اعتقله عناصر الأمن في أيار/ مايو عندما كان خارجا من محاضرته في جامعة القاهرة، بحسب اتحاد الطلاب. وأعلنت الشرطة بعدها بأن عطيتو قتل في تبادل إطلاق نار مع قوات الأمن في الصحراء، وقالوا إنه كان مطلوبا بتهمة اغتيال ضابط شرطة.
وتنوه الصحيفة إلى أن المسؤولين الحكوميين، وبينهم رئيس الوزراء إبراهيم محلب، ينكرون باستمرار أن يكون هناك معتقلون خارج القانون في مصر، ويقولون إن من يحتجز يكون قد تم احتجازه إما بأمر من المدعي العام، أو تم اعتقاله خلال اقترافه جريمة.
وتوضح الكاتبة أنه مع التزايد الكبير في عدد التقارير حول محتجزين مختفين، فإن المسؤولين الحكوميين قد تجاهلوا بشكل كبير الدعوات لتوضيح الأمر.
ولم تجد محاولات "إسوشيتد برس" في الحصول على تصريح من المتحدث باسم وزارة الداخلية، أي استجابة. بينما رفض مسؤول أمني كبير الادعاءات حول الاختفاء، وشكك في إمكانية إثبات أن عناصر الأمن اختطفت أي شخص.
ويستدرك التقرير بأن مسؤولا آخر قال إن التحقيقات السرية والاعتقالات تصبح أحيانا ضرورية، عندما يلاحق أمن الدولة أو المخابرات خلايا إرهابية تهدد الأمن القومي. وتحدث كلا المسؤولين بشرط عدم كشف اسميهما؛ لأنه غير مسموح لهما بالحديث إلى الإعلام.
وتجد الديب أن الحكومة لطالما سوقت "حربها على الإرهاب"، في إشارة إلى حربها ضد المتطرفين الإسلاميين، الذين يقومون بهجمات متزايدة، بعد أن قام الجيش بالإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، ومع توسع الحملة قام كثير من الناشطين بالاختباء، ما يعقد جهود معرفة من اعتقل ومن لم يعتقل.
وتختم "يو إس نيوز" تقريرها بالإشارة إلى أنه عندما أصر والد شابة مختفية على سؤال المتحدث باسم الداخلية على تلفزيون خاص عن ابنته، قال له إن كان تم اعتقالها فيجب "أن تكون الإجراءات القانونية قد اتبعت".