نشرت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية تقريرا لمراسلها تايلور لاك، حول صفقة
إيران النووية مع أمريكا والدول الغربية، وصدى تلك الصفقة في
السعودية.
ويقول لاك إن السعودية رحبت بتحفظ بتلك الصفقة في العلن، حيث قال الملك سلمان للرئيس باراك أوباما يوم الثلاثاء الماضي إنه يأمل أن أي صفقة نهائية "ستساعد في تحسين الأمن في المنطقة والعالم"، بحسب وكالة الأنباء السعودية.
ويستدرك الكاتب بأنه حتى إن كانت صفقة الإطار تمنع إيران من تطوير قنبلة نووية، فإن السعودية ذات الأكثرية السنية غاضبة من أنها لا تمنع إيران من دعم الحركات الشيعية المتطرفة في بلدان الشرق الأوسط. وهذا التهديد الإقليمي قد يدفع الرياض لإحياء برنامجها النووي المتوقف لمواجهة برنامج إيران النووي، بحسب المسؤولين والمحللين السعوديين.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن المحلل السياسي جاسر عبد العزيز الجاسر، الذي يعمل رئيسا لتحرير صحيفة "الجزيرة" الرسمية، قوله: "إن السعودية تؤيد الأمن النووي الإقليمي، ولكنها قلقة من التأييد المتنامي من إيران للمجموعات الإرهابية، وتدخلها في الشؤون العربية الداخلية". ويضيف: "إن لم يلمسوا إجراءات فعلية على هذه الجبهة فسيتعاملون مع الأمور بأنفسهم".
ويجد الكاتب أنه مثل الكثير في العالم العربي، فإن المسؤولين السعوديين راغبون في منع إيران تطوير سلاح نووي، ومواجهة تمويلها وتأييدها للمليشيات الشيعية الموالية لها، مثل حزب الله والنظام السوري، وهذا يجعلهم في معسكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ذاته، الذي طالما حذر من نفوذ إيران الإقليمي المتنامي.
ويورد التقرير أن المراقبين يرون أن توقيع الصفقة سيتسبب برفع وتيرة الحملة الجوية التي تقودها السعودية في
اليمن ضد الحوثيين، الذين تتهم الرياض إيران بدعمهم في انقلابهم ضد رئيس كانت تؤيده السعودية.
وتنقل الصحيفة عن المصادر الرسمية السعودية قولها إن الرياض ستستخدم قوتها العسكرية كلها في اليمن لهزيمة الحوثيين المتحالفين مع ديكتاتور اليمن السابق، ولإرسال رسالة إلى إيران مفادها: سواء كانت هناك صفقة أم لا، فقد جاء وقت الانتقام.
وبحسب مسؤول سعودي على دراية بالحملة العسكرية، فإن إيران "تجاوزت الخطوط الحمراء لسنوات، حيث دعمت المليشيات والمجموعات الإرهابية في طول وعرض العالم العربي، والآن في اليمن نحن الآن نقف، ووقفتنا هذه ستكون أقوى بعد هذه الصفقة، وليست أضعف".
ويشير الكاتب إلى أن مسؤولين قريبين من دوائر صنع القرار يقولون إن الرياض تفكر في نشر جنود من البحرية والقوات الخاصة السعودية، وربما يكون هناك دور للقوات المصرية لحماية أمن عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية الموالية للسعودية.
ويفيد التقرير بأن المسؤولين السعوديين يرون أن الرياض تسارع في خططها لإدخال قوات برية لليمن، لزيادة الضغط على إيران وتحقيق المكاسب العسكرية قبل أن ترفع العقوبات، بحسب الاتفاق الموقع بين إيران والولايات المتحدة وخمس قوى دولية أخرى.
ويلفت لاك إلى أنه في سوريا تدعم السعودية المجموعات المعارضة التي تحارب بشار الأسد، الذي تعتمد قواته المسلحة بشكل متزايد على إيران وحزب الله. وبحسب مصادر في الجيش الحر، فإن السعودية ضاعفت التمويل بهدف إيقاف القوات التي تقاتل بالنيابة عن إيران في الجنوب السوري.
وينقل التقرير عن قائد الجيش السوري الحر أسعد الزعبي، قوله: "إن السعودية تحافظ على استمرارية حملتنا، حيث شددت على أنه يجب عدم خسارة الجنوب".
ويرى المراقبون أن السعودية ستستمر في تعزيز عملها العسكري ضد إيران حتى تتلقى ضمانات من أمريكا والدول الغربية بأن أي صفقة نهائية ستلزم طهران بعدم التدخل في العالم العربي، بحسب الصحيفة.
ويورد التقرير قول المحلل والمحرر السياسي في صحيفة الرياض اليومية، هاني وفا: "إن ما تسعى إليه السعودية والعالم العربي هو ليس اتفاقية تتعامل فقط مع الشأن النووي، ولكن أيضا تنهي التدخل الإيراني في العالم العربي، الذي أصبح أكبر مصادر عدم الاستقرار في المنطقة".
وتبين الصحيفة أنه في الوقت ذاته يقول المراقبون والمسؤولون إن السعودية، أكبر منتجي النفط في العالم، تسعى إلى تسريع العمل في برنامجها النووي، بحيث تسرع بناء عشرة مفاعلات نووية، وتضع البنية التي يمكن استخدامها لتخصيب اليورانيوم.
ويذكر الكاتب أن العمل في البرنامج النووي السعودي قد توقف منذ عام 2007. ولكن مع حصول إيران على موافقة من المجتمع الدولي، وتوقيع اتفاقية تعاون نووي مع كوريا الجنوبية حديثا، فإن السعودية تبدو عازمة على إنتاج الطاقة الذرية مع حلول 2021، ورفضت استبعاد احتمال القيام بعمليات تخصيب اليورانيوم.
وتنوه الصحيفة إلى أن السعودية تصر على أنها فقط تسعى لتطوير الطاقة الذرية. ولكن تبقى المخاوف من إمكانية تطوير برنامج تسلح نووي مواز بالتعاون مع باكستان، وأن تقدم إيران في هذا المجال سيشعل سباق تسلح نووي إقليميا.
وبحسب الجاسر، فإن "الشعور في السعودية هو: إن كان بإمكان إيران إنتاج الطاقة النووية بمباركة المجتمع الدولي، فلماذا لا نفعل ذلك نحن؟".
وتختم "كريستيان مونيتور" تقريرها بالإشارة إلى قول الجاسر إن "هذا البرنامج أصبح بالنسبة للسعودية قضية أمن وطني، ولكي تتنافس مع إيران عليها أن تصبح أيضا دولة نووية.. فبالنسبة لإيران وللسعودية، فإن الطاقة الذرية هي السبيل وليست الهدف النهائي".