يرى مختصون بالشأن
الإسرائيلي أن ثمن أي تحالف يجريه رئيس الوزراء الحالي بنيامين
نتنياهو لتشكيل حكومته القادمة سيكون على حساب
الفلسطينيين، وخاصة التوسع الاستيطاني في الضفة والقدس.
وبدأت المفاوضات الائتلافية الرسمية بين ممثلي حزب
الليكود والأحزاب المرشحة للانضمام إلى الحكومة الجديدة، التي سيترأسها نتنياهو، واستبق كل من نفتالي بينت زعيم "البيت اليهودي" وأفيغدور لبيرمان زعيم حزب "اسرائيل بيتنا" المفاوضات بالمطالبة بشكل منفرد بالحصول على وزارتي الجيش والخارجية، ولكن قادة حزب الليكود يضغطون على نتنياهو لتخصيص الوزارتين لأعضاء الحزب، أيضا نتنياهو تعهد قبل الانتخابات بمنح موشي كحلون رئيس حزب "جميعنا" منصب وزير المالية.
وفي ساعة متأخرة من مساء الأربعاء، كلف الرئيس الإسرائيلي، ريؤوفين ريفلين، نتنياهو، رسميا بتشكيل الحكومة الـ34، بعد فوز حزبه الليكود، في انتخابات الكنيست، التي جرت الأسبوع الماضي، بحسب الإذاعة الإسرائيلية العامة.
وذكرت الإذاعة أن ريفلين أكد "وجوب تشكيل حكومة مستقرة على وجه السرعة إزاء التحديات التي تواجهها الدولة".
وفي كلمة ألقاها ريفلين قال إنه "على الحكومة والمعارضة العمل على تحسين العلاقات الإسرائيلية مع الولايات المتحدة، وضمان الاستقرار السلطوي والسياسي، وتعزيز ثقة الجمهور بالمؤسسات الرسمية".
وكان نتنياهو تعهد في حملته الانتخابية بتكثيف الاستيطان في القدس، وبعدم قيام دولة فلسطينية إذا ما أُعيد انتخابه.
اتساع نفوذ المستوطنين
ويرى خليل التفكجي الخبير في شؤون الاستيطان، أن المشروع الإسرائيلي بالقدس لا يعمل حسب سياسة الحكومات المتعاقبة، فهو يأتي ضمن برنامج ممنهج ومخطط له منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للمدينة عام 1967م، فكلا المعسكرين (اليمين واليسار) لا يريدان وجودا عربيا في القدس، ولا يريدان إقامة دولة فلسطينية.
وقال في حديثه لـ"عربي21"، إن الوحدات السكنية الاستيطانية التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية ليست سوى خطة لإحالة إقامة دولة فلسطينية داخل القدس الشرقية حتى يتم منع فصل المدينة، وهو شعار رفعه شارون منذ سنوات طويلة حين قال: "لن أسمح بتقسيم القدس، عاصمة الدولة العبرية".
فالمخططات الإسرائيلية ترمي إلى إسكان 200 إلف مستوطن، بالإضافة إلى 200 ألف موجودين، وبناء 58 ألف وحدة سكنية، وهو مخطط جارٍ العمل به.
مضيفا أنه عندما أصبح إيهود أولمرت رئيسا لبلدية القدس قال إنه لا يوجد ما يفعله بالقدس، كناية عن أن حزب العمل اليساري فعل كل شيء، "سواء نتنياهو أو غيره، فالاستيطان في القدس مستمر"، هذا ما أكده التفكجي.
وأشار إلى أن الاستيطان في الضفة الغربية في ظل حكومة نتنياهو بتزايد، فاستيطان مليون مستوطن في الضفة الغربية هي خطة مستمرة خلال الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
وأوضح أن المستوطنين في المرحلة القادمة هم المنفذون للبرنامج الإسرائيلي، بمعنى "أن هذه أرض إسرائيل، ووقف يهودي، ويجب إخراج العرب منها، ويقصدون بدولة إسرائيل ما بين البحر والنهر، وما نسميها بدولة فلسطينية هي في الحقيقة تجمعات فلسطينية مرتبطة بالأنفاق والجسور، مستوطنات ذات تواصل جغرافي ودولة تجمعات فلسطينية بأنفاق وجسور".
الأحزاب لا تختلف على الاستيطان
بدوره، توقع جلال رمانة المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية تصاعد وتيرة الاستيطان في القدس المحتلة ومحيطها، وخاصة أن الحكومة الإسرائيلية القادمة ستكون
حكومة يمينية خالصة، وإحدى ركائزها تثبيت الفكر الصهيوني في مدينة القدس.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "أعتقد أن الفترة القادمة ستشهد توسيعا لمستوطنة معاليه أدوميم، وتوسيع كافة المستوطنات المحيطة بالقدس، والأخطر من ذلك أنه سيتم اتخاذ خطوات عملية فيما يتعلق بالتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، حيث ستتجاوز المسألة الزيارات الاستفزازية إلى اتخاذ خطوات عملية، سواء في بلدة سلوان أو داخل الحرم القدسي الشريف، باختصار، بالنسبة للقدس، الصورة سوداوية، وستكون أسوأ من السابق".
وحول تأثير ما تم تناقله في وسائل الإعلام العبرية صباح الأربعاء حول الخلافات بين حزبي الليكود والبيت اليهودي فيما يتعلق بتولي نفتالي بينيت وزيرا للخارجية، أكد رمانة أن ذلك لن يؤثر بتاتا على المخططات الاستيطانية في القدس، بسبب عدم وجود خلافات بين اليمينيين على هذه النقطة، أما الخلاف، فمسألة أخرى من الممكن أن تؤخر تشكيل الائتلاف الحكومي، خاصة أن كل حزب يناور ليحوز على أكبر عدد من الحقائب الوزارية، لكن لا علاقة لهذه المسألة بما سيجري في القدس.
ويعتقد رمانة أن خيارات التحرك الفلسطيني محصورة للغاية، "فالواقع العربي يزداد سوءا، والواقع الدولي ما زال يحافظ على انحيازه للطرف الإسرائيلي، والسلطة الفلسطينية وصلت إلى حالة من الترهل بسبب الأزمات المالية، والسلطة الفلسطينية الآن مطلوب منها الإجابة على أسئلة كبيرة حول جوهر وجودها أصلا، أو يجب اتخاذ قرارات جريئة لعلها توقف المد اليميني في مدينة القدس".
ودعا القيادة الفلسطينية إلى "سحب الاعتراف بدولة إسرائيل، وأن يكون هذا الإعلان صادرا عن منظمة التحرير الفلسطينية واتخاذ هذا القرار في أكبر توسع فصائلي ليتحمل الكل هذا القرار، كما يجب إعلان حكومة فلسطينية في المنفى، وتشكيل قيادة وطنية موحدة، ودعوة الشعب الفلسطيني للانتفاض، وتحصيل حقوقه، وزيادة فعاليات الانتفاضة من قبل حكومة المنفى".
وحول إمكانية اصطدام مخططات التوسع الاستيطاني بقرارات دولية معارضة لذلك، أوضح أنه من الممكن أن يتم ذلك، ولكن هل ستكون هذه القرارات ملزمة؟ "فمن خلال خبرتنا السابقة، فإن المجتمع الدولي هو مجتمع متحيز للاحتلال، حتى عند إصدار بيانات مناصرة للشعب الفلسطيني تكون مزعجة للاحتلال، ليس أكثر، ولا تصل إلى حد الضغط، وما دامت الولايات المتحدة متحيزة لإسرائيل، فإنها ستجد الغطاء الدولي لها لتفعل ما تريد".
يذكر أن القانون الإسرائيلي ينص على منح الشخص المكلف بتشكيل الحكومة مهلة أربعة أسابيع لتشكيل الحكومة الجديدة، مع إمكانية تمديد هذه الفترة أسبوعين آخرين.
وحال إتمام نتنياهو تشكيل هذه الحكومة في غضون مهلة 28 يوماً، فإنها ستكون الحكومة الرابعة له.
وفي حال أخفق نتنياهو بتشكيل الحكومة، ضمن المهلة الزمنية القانونية، فإن رئيس البلاد يكلف شخصية أخرى بتشكيل الحكومة، وتكون المهلة المحددة له 28 أيضًا، دون تمديدات أخرى.
وفي حال فشل الاثنين في هذه المهمة، تعاد الانتخابات، وهو ما لم يحدث في دولة الاحتلال من قبل.
ونشرت لجنة الانتخابات المركزية على موقعها الإلكتروني، يوم الخميس 19 مارس/آذار 2015، النتائج النهائية الرسمية لعدد الأصوات، والنسب التي حصل عليها كل حزب، في انتخابات الكنيست التي جرت الثلاثاء الماضي.
وبحسب نسب الأصوات التي أعلنت عنها لجنة الانتخابات، حصل الليكود على 23.4% من الأصوات، ما يعني حصوله على 30 مقعدا، بينما نالت قائمة "المعسكر الصهيوني" الوسطي 18.6%، وهو ما يعني حصولها على 24 مقعدا، أما "القائمة العربية المشتركة" فقد نالت 10.54%، أي 13 مقعدا.