قال صندوق
النقد الدولي إن
الدفعة المستحقة من
القرض للأردن بموجب اتفاق الاستعداد الائتماني البالغ 200 مليون دولار، سيتم الإفراج عنها قريبا بعد مصادقة مجلس الصندوق على تقرير جولة المراجعة السادسة للاقتصاد الأردني التي انتهت قبل أيام قليلة.
ووفق اتفاق وقع عام 2012 مع صندوق النقد، تحصل الأردن على قرض بملياري دولار بشروط ميسرة وأسعار فائدة منخفضة، مقابل التزام الحكومة بإجراء إصلاحات مالية واقتصادية لتحسين الإيرادات العامة وإزالة التشوهات المالية، وزيادة العائدات الضريبية.
وقالت رئيسة بعثة الصندوق إلى المملكة كريستينا كوستيال، في بيان صادر عن الصندوق اليوم الخميس، إنه في ضوء التزام الأردن بإجراء
الإصلاحات الاقتصادية، وما يبذله من جهود للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي في غمار التحديات الخارجية الراهنة، فقد توصل فريق صندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع الأردن، بشأن السياسات التي يمكن أن تؤدي إلى استكمال المراجعة السادسة للأداء الاقتصادي في ظل اتفاق الاستعداد الائتماني.
وأضافت أن هذا الاتفاق يخضع لموافقة المجلس التنفيذي بالصندوق حيث سيتاح مع استكمال هذه المراجعة، للأردن صرف 142.083 مليون وحدة حقوق سحب خاصة تعادل حوالي 200 مليون دولار.
وقال الصندوق في البيان، إن الاقتصاد الأردني يواجه بيئة إقليمية صعبة، تتصدر أحداثها الصراعات في سوريا والعراق، وما يترتب عليها من تكلفة عالية لاستضافة اللاجئين، وتعطل طرق التجارة، وضغوط الإنفاق على المتطلبات الأمنية.
وقال الصندوق إن النمو الاقتصادي ارتفع بالتدريج إلى ما يقدر بنحو 3.1% العام الماضي، بدعم من أنشطة البناء والتعدين والزراعة، مقابل هبوط في معدل التضخم المحسوب على أساس التغير السنوي إلى 0.2% في شهر كانون الثاني/ يناير، بدعم من انخفاض أسعار السلع عالميا، وتقلص عجز الحساب الجاري، باستثناء المنح، إلى 12.1% من إجمالي الناتج المحلي العام الماضي بعد أن سجل 17.1% في عام 2013، رغم الانقطاع في حركة استيراد الغاز من مصر وحركة الصادرات إلى العراق.
وأكد الصندوق أن أداء البرنامج استمر على مساره المقرر بشكل عام، حيث وصلت الاحتياطيات من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي الأردني إلى أعلى من المستويات المستهدفة في البرنامج، واتسمت إدارة الموازنة العامة بالكفاءة.
وأشار الصندوق في تقديراته إلى أن عجز المالية العامة تجاوز المستوى المستهدف لعام 2014 بدرجة طفيفة، نظرا لنقص الإيرادات نتيجة انخفاض النشاط في القطاعات التي تدر جانبا كبيرا من الإيرادات الضريبية، فيما تكبدت شركة الكهرباء الوطنية خسائر إضافية بسبب نقص تدفقات الغاز من مصر.
ويعاني الاقتصاد الأردني من تحديات خارجة وداخلية. فارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وكذلك ارتفاع فاتورة الطاقة إلى أكثر من 6.5 مليار دولار سنويا أثر على عجز الموازنة ومستويات الدين التي وصلت إلى 92% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، فضلا عن الأعباء الناتجة عن إيواء أكثر من 1.4 مليون لاجئ سوري.
ولفت إلى إحراز تقدم على الجانب الهيكلي في الاقتصاد الأردني، حيث صدرت الموافقة الأولية على إقامة شركة الاستعلام الائتماني، والجهود جارية لتعزيز الرقابة المصرفية عبر الحدود ورفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي العام.
وقال الصندوق إن الاقتصاد الأردني سيستفيد من انخفاض أسعار النفط، بما في ذلك انخفاض فاتورة استيراد الطاقة وعجز الحساب الجاري الذي يتوقع له، مع استثناء المنح، أن ينخفض إلى 10.6% من إجمالي الناتج المحلي في العام الحالي.
وأشار إلى أن الوفورات المحققة من استهلاك النفط ستؤدي إلى إعطاء دفعة للطلب المحلي، ما يساعد في رفع النمو إلى قرابة 4% هذا العام، ولذلك تأثير إيجابي أيضا على العجز المجمع للحكومة المركزية وشركة الكهرباء الوطنية.
وتوقع الصندوق أن يسهم الوفر المتحقق جراء تراجع أسعار النفط، مع موازنة عامة متحفظة لعام 2015، وقانون جديد لضريبة الدخل تم إقراره ونفاذه منذ بداية العام بالإضافة إلى عدد من الإجراءات الأخرى، في وضع الدين العام على مسار الانخفاض التدريجي بدءا من عام 2016.
وتوقع أن تبقى الاحتياطيات من العملات الأجنبية عند مستويات مريحة.
وقال الصندوق: "بالنسبة للمدى المتوسط، فقد ركزت المناقشات على ضرورة المثابرة في تنفيذ برنامج الإصلاح الأردني"، مؤكدا أنه تحقق الكثير حتى الآن في هذا الخصوص، كما أنه أدى انخفاض أسعار النفط إلى إعطاء دفعة إيجابية لجهود التصحيح.
وقال البيان إن السياسة النقدية ستواصل تعزيز الاستقرار النقدي والمحافظة على جاذبية الدينار؛ ونظرا لمستوى الدين العام الذي لا يزال مرتفعا، فإنه ينبغي مواصلة الالتزام بخطة التصحيح الموضوعة للقطاع العام، بما في ذلك الإصلاح الضريبي العميق والتنفيذ المستمر لاستراتيجية الطاقة متوسطة الأجل.
وأكد أن الأمر يتطلب جدول أعمال أكثر طموحا للسياسات الهيكلية في المملكة، بما يشجع زيادة النمو وتوظيف العمالة.
وأضاف الصندوق أنه يعلق أهمية خاصة على إجراء تعديلات في السياسات القائمة لتوظيف الشباب العاطل عن العمل بمساعدته على اكتساب المهارات المطلوبة في القطاع الخاص وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل وإعادة النظر في نظام التعيين والتعويضات المطبق في القطاع العام، وزيادة جاذبية الأردن كمقصد للاستثمار عن طريق تحسين مناخ الأعمال، ودعم المؤسسات العامة، بما في ذلك تحسين الإدارة الضريبية وإدارة المالية العامة.
وقال الصندوق إنه يمكن استخدام إطار السياسات الاقتصادية والاجتماعية الذي وضعه الأردن للسنوات العشر المقبلة ضمن رؤية الأردن 2025، والذي سيكون إطارا لهذه الإصلاحات، كما أنه يمكن أن يصبح إطارا لاستمرار دعم المانحين بحيث لا يقتصر على تغطية تكلفة استضافة اللاجئين السوريين، بل ليشمل أيضا زيادة الإنفاق الرأسمالي من أجل بناء الأساس لنمو مرتفع ومستمر وشامل للجميع.