فنون منوعة

الأديبة اليمنية تفضل الكتابة السردية بدل قيود الشعر الصارمة

تعاني الأديبات اليمنيات من غياب التوجه الحكومي لتبني الأدب النسوي
تعاني الأديبات اليمنيات من غياب التوجه الحكومي لتبني الأدب النسوي
ظلت المرأة اليمنية غائبة عن المشهد الأدبي، في مراحل تاريخية سابقة، إلا أن ملامح أدبها ظهرت بعد ذلك مقتصرة على الأنماط الشعرية الجديدة ذات الغلبة السردية، بعيدا عن قيود الشعر وقوانينه الصارمة، الذي كان استجابة تعبيرية ملحة للمنطق الاجتماعي للأدب النسوي في البلاد، الناتج عن تفاعل المرأة مع قضايا مجتمعية.

ويصف البعض اتجاه الشاعرات اليمنيات إلى الجانب السردي، لسهولة القوالب الجديدة التي تعفي الأديبة من دراسة العروض إيقاعا وقافية بما تنطوي عليه من صعوبة شديدة، ولذلك هربْن من تكاليف القصيدة.

الغلبة السردية ليست عيبا بحق الأديبة

وقالت الشاعرة اليمنية رغدا جمال إن "اقتصار كثير من الشاعرات على الأنماط الجديدة كقصيدة التفعيلة، أو قصيدة النثر، مرده إلى ابتعادها عن قيود وقوانين الشعر الصارمة"، غير أنها "لا ترى الكتابة باستخدام  تلك الأنماط معيبة بحق المرأة، فجوهر الشعر هو التعبير عن معاناة الشاعر الحقيقية بتجسيد التفاصيل الدقيقة والمهمة في حياته اليومية"، على حد قولها.

وأوضحت جمال في حديث خاص لــ"عربي21" أن "الغلبة سردية في المشهد الثقافي النسوي في اليمن ليست مشكلة، فبقدر ظهور أسماء متميزة في الكتابة السردية مثل :"نبيلة الزبير والدكتورة نادية الكوكباني وغيرهن، برزت أسماء أخرى متميزة في الكتابة الشعرية مثل الدكتورة ابتسام المتوكل، وميسون الإرياني ومليحة الأسعدي، والعديد من الشاعرات والروائيات اللواتي سجلاً حضورا لافتاً في ميدان الشعر"، وفق تعبيرها.

ولفتت جمال إلى أنه "لا يعنيها كثيراً نمط الشعر أو السرد المستخدم،  بقدر ما يهمها الوصول إلى ذلك الشعور الذي يريد الأديب تقديمه للقارئ، وذلك لأن العمل الأدبي ليس مجرد تراكيب لغوية فحسب، وإنما "نقل أحاسيس ومشاعر وخبرات من الكاتب إلى المتلقي".

وأشارت الشاعرة جمال إلى أن "غياب المسار النقدي في اليمن، لا يقتصر على الأدب النسوي فقط، فهو غائب بشكل عام في الأدب اليمني، لأسباب سياسية بالدرجة الأولى، وهي تماشي الأدباء مع الأحداث السياسية التي مرت بها البلاد في الفترة الماضية، ما سبّب انحرافهم عن الإنتاج الأدبي اليمني"، على حد وصفها، مؤكدة أن "الصعوبات التي تواجه الأديب اليمني هي ذاتها التي تواجهها الأديبة، وتحديداً عدم وجود دور نشر وتوزيع تَعنى بالأدب اليمني بصورة عامة".

السرد لا يقل صرامة  عن الشعر

من جهتها، أكدت الأكاديمية والأديبة نادية الكوكباني أن "اتجاه الشاعرات في اليمن إلى الأنماط الجديدة التي يغلب عليها الجانب السردي، يعود إلى رغبتهن في الكتابة بهذه الطريقة، التي تشعر الأديبة اليمنية بأنها متمكنة منها، ويلامس وجدانها ويدخل في دائرة اهتمامها".

وقالت في حديث خاص لـ"عربي21" إنه "لا يمكن قراءة ذلك الاتجاه، تهربًا من المرأة اليمنية، بقدر ما هي "إمكانات وقدرات وجدت نفسها الأديبة قادرة على العطاء والتميز، فخاضت معترك السرد الذي لا يقل صرامة عن الشعر وله قوانينه وقيوده أيضاً" على حد قولها، منوهة إلى أن "السرد نمط لا يجب الاستهانة به، نظرا لحاجته للمثابرة والعمل اليومي المدعم بالبحث الدائم الذي قد يستمر لسنوات".

وبينّت الأديبة الكوكباني أن "هناك غيابا نقديا في الحركة الأدبية في اليمن بشكل عام، من "شعر وقصة ورواية، سواء جرى كتابته بأقلام أنثوية أو ذكورية"، مرجعة ذلك إلى "عدم تبني الدولة مسألة الثقافة والنهوض بالأدب والأديب اليمني، التي جعلت النقاد أنفسهم مثل الكتاب يقومون بأعمال كثيرة في الكتابة والتسويق والطباعة على نفقتهم الخاصة، وهذا مرهق لهم بالتأكيد"، وفق تعبيرها.

وذكرت الأكاديمية الكوكباني أن هناك صعوبات كثيرة أمام الأديبة  تكمن في "إسقاط المجتمع لذاتها على أعمالها الأدبية، وعدم أخذها بحياد بعيداً عنها وعن حياتها الخاصة، وكذلك غياب الوعي الجمعي بجنس الرواية لكون الأديبة مجرد ناقل أمين لشخصيات تصنعها من مخيلتها وتتحدث باسم تلك الشخصيات، لا باسمها بصفة كاتبة"، على حسب وصفها.

وتابعت الكوكباني إلى أن هناك تحديات أخرى تتمثل في "عدم وجود دور نشر توزع الأعمال الأدبية بشكل جيد، فضلا عن غياب التوجه الحكومي لتبني الأدب النسوي وإدراجه في المشاركات الخارجية".
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم

خبر عاجل