علقت صحيفة "وول ستريت جورنال" على قرار
محكمة ماليزية يوم الثلاثاء، بتثبيت الحكم الصادر بحق نائب رئيس الوزراء الماليزي السابق أنور إبراهيم، بأن الحزب الحاكم اليوم في
ماليزيا سيندم على هذا القرار، وما يقوم به من عملية "ثأر سياسية" ضد إبراهيم.
وتقول الصحيفة في افتتاحيتها المعنونة بـ "ماليزيا وعار أنور"، إن قرار المحكمة الفيدرالية الماليزية ما هو إلا رقصة حربية لحزب المنظمة الماليزية الوطنية المتحدة "
أومنو"، الحزب الحاكم في البلاد، ليوقف أخيرا محاولة زعيم المعارضة الجذاب لأن يصبح رئيسا للوزراء، ولكنه قرار شوه سمعة البلاد، وأثر كذلك على النسيج الاجتماعي لماليزيا، وحدد مصير الحزب في الانتخابات القادمة.
وتضيف الصحيفة أن الحكومة في عام 2008 قامت بإعادة أساليب عهد رئيس الوزراء السابق
مهاتير محمد، وسجنت أنور إبراهيم، وشنت حملة لتشويه سمعته، بدلا من خوض الانتخابات ومنافسته بنزاهة. وكما فعل مهاتير من قبل أعاد الحزب الحاكم إحياء قضية مشكوك بصحتها ضد إبراهيم، يتهمه فيها بممارسة الجنس مع رجل، الأمر المحظور في بلد غالبيته من المسلمين.
وتشير الافتتاحية إلى أن الحكومة لم تنجح في تخطيطها، عندما قرر قاض رفض القضية عام 2012، ورمى بأدلة الحمض النووي التي تم التلاعب بها، وبالتالي برأ ساحة إبراهيم. وحاولت النيابة عام 2013، تقديم إبراهيم للمحاكمة مرة أخرى لكنها فشلت.
وتبين الصحيفة أن المحكمة الفيدرالية قررت هذا الأسبوع تثبيت القرار، ما لا يترك أمام أنور إبراهيم أي مساحة لاستئناف القرار. فبعد إنهائه حكم السنوات الخمس الصادر عليه فسيمنع من خوض الانتخابات لخمس سنوات أخرى، ما يعني أن المعارض الماليزي البالغ من العمر 67 عاما سينهي حياته السياسية، ويتوقف عن كونه نقطة الحشد للمعارضة الماليزية.
وتفيد الافتتاحية بأن ردود الأفعال العالمية كانت قاسية، وهي مواقف مبررة. فقد شجبت وزارة الخارجية الأمريكية القضاء الماليزي، وقالت إن "قرار إدانة ومحاكمة أنور إبراهيم يطرح العديد من الأسئلة حول حكم القانون واستقلالية المحاكم". فيما وصفت وزيرة الخارجية الأسترالية جوليا بيشوب خيبة أمل حكومة بلادها من القرار، وعبرت عن قلقها العميق من الحكم الصادر بحق نائب رئيس الوزراء السابق.
وتلفت الصحيفة إلى أن المحامين الماليزيين عبروا عن قلقهم من الطريقة التي تعامل بها القضاء مع القضية، حيث تم خرق حق أنور إبراهيم. وقال رئيس جمعية المحامين الماليزية كريستوفر ليونغ إن "هذه المفارقات الصارخة تعطي انطباعا أن إبراهيم أدين ولم يدن".
وتذكر الصحيفة أن محامي إبراهيم قالوا وبشكل علني إن القضية سياسية، ولكن تم إسكاتهم في قاعة المحكمة. فقد اعترف الشخص الذي اتهم إبراهيم أنه التقى قبل الحادث بأيام بمسؤول بارز في الشرطة، وبنائب رئيس الوزراء نجيب رزاق، رئيس الوزراء الحالي.
ووصف محامو الدفاع عن إبراهيم القضية بأنها مؤامرة متعمدة لإدانة موكلهم، وقالوا إن مطالبهم بشهادة كل من رئيس الوزراء وزوجته أمام المحكمة رفضت بعد أن قال محامو نجيب رزاق إن اللقاء لم يكن متعلقا بقضية إبراهيم، بحسب الصحيفة.
وتورد الافتتاحية أن أنور إبراهيم قد أدين في السابق عام 1999، بعد خلافه مع رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد. وقد تم إلغاء الحكم الصادر ضده بتهمة اللواط، ولكن بعد قضائه ستة أعوام في السجن. وقد تعرض للضرب وقيد في زنزانته، حيث تمت إدانة مدير الشرطة لاحقا بالهجوم عليه.
وترى الصحيفة أن الاتهامات ضد إبراهيم في كلتا الحالتين ظهرت عندما كان على حافة تحقيق انتصار في الانتخابات على حزب "أومنو". ففي عام 1998، أنشأ حركة "ريفورماسي" التي تحدت الحكومة في قضايا الفساد. وفي عام 2008، أنشأ حزبا سياسيا حصل على 48% من الأصوات، وكاد أن يشكل حكومة مع منشقين عن الحزب الحاكم.
وتختم "وول ستريت جورنال" افتتاحيتها بالإشارة إلى أن العملية الثأرية التي يقوم بها "أومنو" من عقدين تقريبا، سحبت المصداقية والثقافة السياسية من الحكومة. وستزيد من خسائر الحزب الحاكم بين القطاعات الناضجة في المجتمع الماليزي، الذي يشعر بالاشمئزاز من الحيل القذرة التي يتبعها، "وفشل رئيس الوزراء نجيب رزاق بوقف هذه المهزلة يعد وصمة عار في إرثه السياسي".