مع استمرار الانخفاض في قيمة
الليرة السورية مقابل
الدولار، فإن المواطنين السوريين يعانون في مقاطعة عفرين (شمال غرب
سوريا)، من تدهور القيمة الشرائية لدخولهم التي بات
شراء المواد الغذائية يستحوذ على معظمها.
ومقاطعة عفرين ذات الغالبية الكردية هي واحدة من مقاطعات الإدارة الذاتية الثلاث التي أعلن عنها مطلع العام الماضي في روج آفا (المناطق الكردية شمال وشمال شرق سوريا)، من قبل مجموعة من الأحزاب والمنظمات الكردية والعربية والسريانية.
وارتفع عدد سكان عفرين من حوالي 650 ألف نسمة قبيل اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد نظام بشار الأسد في آذار/ مارس 2011، إلى أكثر من مليون نسمة بحسب ناشطين سوريين، بعدما توجه نازحون من مناطق سورية أخرى إليها كونها لا تتعرض عادة لقصف من قوات النظام السوري.
وقال الخبير الاقتصادي وعضو الهيئة الاقتصادية في إدارة المقاطعة جلنك عمر: "منذ بدء الأزمة السورية فقدت الليرة أكثر من خمسة أضعاف قيمتها، حيث إن سعر صرف الدولار ارتفع من 47 ليرة سورية مقابل الدولار قبيل الثورة في آذار/ مارس عام 2011، إلى أكثر من 225 ليرة مقابل الدولار بداية عام 2015."
وتابع: "يعود الانخفاض في قيمة الليرة السورية إلى توقف الكثير من القطاعات الاقتصادية بسبب الحرب. وساهم كذلك، توقف الصادرات، لا سيما النفطية منها بسبب العقوبات الاقتصادية (الغربية والعربية) على النظام السوري إضافة إلى فشل كل سياسات البنك المركزي السوري، في الحد من تدهور قيمة العملة السورية".
وأشار عمر إلى أن "انخفاض قيمة الليرة وتعطل الإنتاج الزراعي والصناعي بسبب ظروف الحرب وانقطاع الطرق وصعوبات التنقل بين المحافظات أدى لعرقلة التجارة وارتفاع التكاليف وزيادة معدلات التضخم وهو ما انعكس سلبا على جميع المواطنين الذين تدهورت القيمة الشرائية لدخولهم، وبالتالي فقد باتت الكثير من الأسر تعيش قرب خط الفقر".
وقال: "يبلغ متوسط دخل الأسرة حوالي 30 ألف ليرة سورية، أي أقل من 150 دولارا، وهذا المبلغ لا يفي سوى بجزء يسير من الاحتياجات التي يلزم لتلبيتها 100 ألف ليرة سورية. وبالتالي فإن معظم الأسر تضطر لحصر مشترياتها بالأساسيات، مثل المواد الغذائية".
ومن جانبه قال محمد أوسو وهو تاجر جملة: "ارتفاع سعر صرف الدولار أدى لارتفاع أسعار كل المواد والسلع التي يتم استيرادها بالسعر المرتفع، مثل المواد التموينية، كالسكر والشاي والرز والزيوت والسمن والأغذية المعلبة، وهو ما يؤدي إلى تردي الحركة التجارية في الأسواق ويقلل من إقبال الزبائن على الشراء إذ إن المواطنين يكتفون بشراء الضروريات".
وتابع: "حتى السلع والبضائع المنتجة محليا، ارتفعت أسعارها بسبب غلاء مدخلات الإنتاج، مثل المحروقات، وارتفاع تكاليف النقل والشحن بسبب طول المسافة حيث تفرض الحواجز العسكرية التابعة للنظام والمعارضة ضرائب وإتاوات على التجار الذي ينقلون البضائع، وهو ما يؤدي لارتفاع سعرها بالنسبة للمستهلك".
أما جنكيز عبدو، وهو بائع فاكهة وخضروات، فقال: "بالرغم من أن كل المنتجات الزراعية هي إنتاج محلي إلا أن ارتفاع تكاليف الإنتاج مثل المبيدات والمحروقات أدى لزيادة أسعارها هي أيضا، وإن لم يكن بنفس نسبة ارتفاع الدولار".
وتبقى اللحوم صاحبة النصيب الأكبر بالارتفاع، وقال خالد عونة، وهو صاحب مطعم وبائع لحوم: "كل شيء مرتبط بالدولار، فكما نشتري نبيع، اللحوم المستوردة ارتفعت أسعارها بسبب ارتفاع الدولار".
وتابع: "اللحوم سريعة التلف. لذا، فنحن نتحمل تكاليف إضافية للتبريد، فالكهرباء مقطوعة، وبالتالي فإننا نضطر لاستخدام المولدات، وهو ما يزيد السعر بالنسبة للزبون لارتفاع كلفة المحروقات".
ويشكو المواطنون
السوريون من ارتفاع الأسعار التي تلتهم كل دخلهم. وأوضحت حنيفة حسو وهي ربّة منزل، أن "أسعار كل المواد مرتفعة.. إذا أردنا أن نبتاع حاجياتنا الحياتية كما في السابق، فإنه يلزمنا 100 ألف ليرة (450 دولارا) شهريا، في حين أن دخل زوجي لا يتجاوز الـ50 ألف ليرة، لذا فإننا نكتفي بشراء الضروريات من المواد الغذائية".
وتابعت: "إعداد وجبة الغداء كل يوم يستلزم حوالي 2000 ليرة سورية؛ فسعر كيلو البندورة وهي مكون أساسي للعديد من الأطباق، يبلغ 150 ليرة. وكذلك كل أنواع الخضراوات والفواكه؛ لا يقل سعر أي منها عن 100 ليرة. وكيلو الأرز بـ225 ليرة (دولار واحد). أما نصف كيلو اللحمة فيبلغ ثمنه 900 ليرة (4 دولارات)".
أما رضوان حجي، وهو موظف، فقال: "دخل كل المواطنين هو بالليرة، في حين أن الأسعار تتحدد بالدولار، والرقابة التموينية لا تتدخل بموضوع الأسعار، فهي تراقب فقط جودة السلع وصلاحيتها، وبالتالي فإن التجار يرفعون سعرها كل حين، وهم يتحججون في ذلك بارتفاع سعر الدولار".
وأضاف: "راتبي الشهري لا يتجاوز الـ30 ألف ليرة (أقل من 150 دولارا)، وهو لا يكاد يكفي لثمن المواد التموينية.. وابني مسافر للخارج ويرسل لنا شهريا حوالي 100 دولار، وهذا ما يساعدنا في تدبير أمورنا، ولولا ذلك لكنت أنا أيضا ق اضطررت للسفر والبحث عن عمل في الخارج".