توقع رئيس القسم العربي في الإذاعة الألمانية "دويتشه فيله" (DW)، ناصر الشروف، حدوث انتفاضة قريبة في
مصر، بعد أن "عادت الدولة البوليسية من جديد، وأصبح النظام لا يفرق كثيرا بين الإرهاب والمعارضة السياسية المشروعة".
وقال في تقرير له، الأحد، "اليوم تبدو الثورة التي قام بها المصريون في 25 يناير بعيدة كل البعد عن أهدافها المتمثلة أساسا في: الحرية الشخصية وحرية الإعلام والتعبير والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والعيش الكريم لجميع المواطنين، أي تلك الأهداف التي جلبت للاحتجاجات الجريئة آنذاك تعاطفا كبيرا في مختلف أنحاء العالم".
وأكد أن اليأس والغضب والاستياء أصبح هو السائد خصوصا في أوساط الشباب الذين، وبعد نحو أربع سنوات من الفوضى والصراع على السلطة وتعاقب الحكام، فقدوا الأمل في مصر أكثر حداثة وأفضل.
لا حقوق للإنسان
وأكد الشروف أن الحرب التي تقودها مصر على "الإرهاب" لا تبرر التضييق الممنهج على حقوق الإنسان وحرية التعبير وحق التظاهر. فسواء تعلق الأمر بالجهاديين أو بجماعة الإخوان المسلمين أو بالقوى الليبرالية واليسارية، فإن نظام
السيسي لا يكلف نفسه عناء التفريق بين الإرهاب والمعارضة المشروعة.
وبين أن الإرهاب يستخدم مرارا لتبرير سياسته القمعية إزاء كل القوى السياسية التي لا يعجبها أسلوب الحكم الاستبدادي للسيسي.
ودعا الشروف المجتمع الدولي إلى تدقيق النظر في هذه النقطة وألاّ يسمح لنفسه بأن يصبح شريكا في تلك التجاوزات رغم كل الدعم الضروري الذي تحتاجه مصر.
وتوقع أن يزيد قانون "الإرهاب"، الذي تمت المصادقة عليه مؤخرا، التطرف بدلا من حماية أفضل من "الإرهاب".
قضاء على هوى السيسي
وأكد الشروف أن القضاء المصري يحكم وفق تصور السيسي، ولهذا لم يدخل في خلافات معه "كما سلفه مرسي".
وقال إن هذا ظهر في الأحكام ذات الدوافع السياسية التي صدرت بحق صحفيين أو معارضين للنظام، أو الحكم ببراءة الرئيس السابق حسني مبارك، الذي دُفع به من الجيش إلى رئاسة الجمهورية، شأنه في ذلك شأن السيسي.
وأضاف أن تبرئة مبارك تعني للكثيرين، ليس من المصريين فقط، دق آخر مسمار في نعش الثورة. كما أن الحكم ببراءة مبارك يحمل في طيّاته رسالة طمأنة ضمنية إلى قوات الأمن المصرية والقيادة السياسية الحالية؛ مفادها أنه لن تتم مساءلتهم، ولن يقفوا أمام العدالة في يوم من الأيام بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ضد المعارضة والمتظاهرين.
وختم بالقول: قد يسير الوضع على ما هو عليه لبعض الوقت، فمصر تحولت منذ مدة إلى دولة بوليسية. واستدرك "بيد أن الوضع المزري للاقتصاد ولحقوق الإنسان وتراجع قطاع السياحة واعتماد البلاد على أموال الخليج، بالإضافة إلى التضامن الأخير بين الإسلاميين واليساريين والليبراليين، من شأنها أن تترجم حالات الاستياء المتراكمة عاجلا أم آجلا إلى احتجاجات واسعة: الانتفاضة المقبلة إنما هي مسألة وقت فقط".