أفاد ناشطون أنه تم افتتاح عدد من المكاتب التي تعمل على إخلاء سبيل
المعتقلين في
سورية وتسوية أوضاعهم خلال الأسابيع الأخيرة، مبينين أن هذه المكاتب تتبع لحهات عدة منها الأمنية أو اللجان الشعبية، ومنها لوجوه بارزة في النظام السوري كوزير المصالحة الوطنية أو بعض وجهاء القبائل المؤيدين للنظام أو رؤساء لفروع حزب البعث في المحافظات أو رجال دين على علاقة وثيقة مع النظام.
وبين ناشطون لـ"عربي 21" أن عددا من أهالي المعتقلين كانوا قد قالوا إن الشرطة العسكرية حولتهم إلى هذه المكاتب، حيث أنها المركز المعتمد لدى النظام للمراجعة بخصوص مصير المعتقلين، وهو ما يدل على التواطؤ بين الجانبيين.
وتم افتتاح مكتب في القزاز في دمشق يدعى مكتب "الدكتور الكفري" منذ عدة أيام، ويعرف عن نفسه بأنه وسيط مجاني يعمل على معرفة مصير المعتقلين ومحاولة إطلاق سراحهم، وأنه مكلف من قبل أسماء الأخرس زوجة بشار الأسد بشكل مباشر، ومن قبل مكتب الأمن الوطني.
ويعمل المكتب على تسجيل معلومات من ذوي المعتقلين عن أبنائهم وتسجيل لطلباتهم بحسب الدور. هذا ظاهر الأمر، بحسب ناشطين، "لكن وما أن يسجل الأهالي معلومات أبنائهم حتى تبدأ عملية
الابتزاز الممنهجة واستغلال مشاعر أهالي المعتقلين وحرقة قلوبهم على أبنائهم المغيبين منذ سنوات، بطلب مبالغ مالية كبيرة جداً للمساعدة على تحديد مواقع أبنائهم وإخراجهم فيما بعد. وتبدأ المبالغ المطلوبة من 2000 دولار أمريكي، وتصل حتى 20000 دولار بحسب التهمة الموجهة للمعتقل".
أم محمد، وهي سيدة من أهالي دمشق اعتقل زوجها وابنها منذ حوالي السنة ونصف السنة، قامت بالتسجيل في فرع الشرطة العسكرية منذ أشهر لمعرفة مصير زوجها وابنها لكن دون جدوى، وعندما سمعت بهذه المكاتب قررت المحاولة وعلى الفور طلب منها مبلغ يعادل 2500 دولار كبداية للبحث في مصير عائلتها، واستدانت المبلغ ودفعته على اعتبار أن هذا المكتب قام بتحديد مكان الاعتقال وهو بصدد البدء بعملية إطلاق سراحهما.
تقول أم محمد إنه بعد المراجعات المتكررة في فرع الشرطة العسكرية، قدم لها هذا الفرع وثائق وفاة لزوجها وابنها، وللأسباب المعتادة كالجلطة الدماغية والعدوى الجرثومية، وهو السبب المنمق للموت تحت التعذيب. وعند استفاقتها من حزنها المقيم ومراجعتها لمكتب الكفري وبمجرد وصولها استقبلها القائمون على المكتب بقولهم لها إن المعاملة على وشك الإنجاز، وأن زوجها وابنها في طريقهم إلى الخروج من المعتقل، فما كان منها إلا أن بدأت بالصراخ عليهم ومطالبتهم بإعادة المبلغ الذي استلموه ونعتهم بأعلى صوتها بأنهم "محتالين" وبأن زوجها وابنها قد توفيا تحت التعذيب.
بدوره، قال عبد الرؤوف، وهو من اهالي القلمون، لـ"عربي 21" إن "مثل هذه المكاتب موجودة بشكل واسع في القلمون، وتمارس عمليات النصب والاحتيال بشكل أوقح. فهنالك بعض المكاتب التي تقوم برفع تقرير ملفق عن بعض الأشخاص من ميسوري الحال إلى الأجهزة الأمنية، وإبلاغ هؤلاء الأشخاص بأنهم ملاحقون وأن هذه باستطاعتها كف البحث عنهم وتبرئة ساحتهم، ولكن مقابل مبالغ مادية كبيرة. ولا يوجد خيار أمام هؤلاء الأشخاص سوى أن يخضعوا للأمر الواقع، ويدفعوا ما عليهم تحت طائلة الاعتقال والتغييب لسنوات أو القتل تحت التعذيب".
يشار إلى أنه منذ انطلاق الثورة في سورية قام النظام باعتقال مئات الآلاف من السوريين بطرق تعسفية، وألصق بهم العديد من التهم الملفقة التي أدت إلى توقيفهم وتغييبهم لفترات طويلة جداً.
ويسعى المرتبطون بالنظام السوري منذ اندلاع الثورة للمتاجرة بمعاناة السوريين التي فرضها عليهم بطش النظام وبأوجه متعددة، منها قضية المعتقلين. ويتهم ناشطون عدة شخصيات مقربة من النظام بقبض مبالغ خيالية للبحث عن مصير معتقل أو للتوسط لدى النظام لإخراجه من المعتقل، كذلك بالنسبة لبعض المحامين المقربين من النظام، والذين على علاقة وثيقة بالفروع الأمنية، حيث يبتزون المواطنين بملايين الليرات لإعلامهم بمصير أبنائهم.