قالت صحيفة هآرتس
الإسرائيلية إن الفيلم الذي نشرته
حماس عن عملية التسلل قرب ناحل عوز والأحاديث مع كبار القادة في الجيش الإسرائيلي تثير تساؤلات تتعلق بأداء القوة التي هوجمت والقرارات التي اتُخذت لنشر القوة الدفاعية في ذلك الموقع.
وأشارت الصحيفة في المقال الذي كتبه عاموس هرئيل وحاييم لفنسون إن حماس تستغل ضرب برج الفيلبوكس في ناحل عوز والهجمات داخل إسرائيل بواسطة الأنفاق لتكون رمزا لإنجازاتها في حربها للجيش الإسرائيلي في قطاع
غزة.
وأشار المقال إلى أن حماس تقتفي طريق حزب الله في الحرب النفسية التي استعملها حزب الله في تسعينيات القرن الماضي في جنوب لبنان، غير أن الحادثة في ناحل عوز هي خطأ تكتيكي شديد لا يعبر البتة عن صورة المعركة كلها.
وأضاف: "بعد أن بدأت الحرب بثلاثة أسابيع ما زالت إسرائيل معرضة لهجمات في الجبهة الداخلية، وقد نجح رجال حماس خمس مرات من قبل في الدخول إليها بأنفاق تمر تحت السياج الحدودي".
وأكدت الصحيفة أن النفق الذي استخدمته
المقاومة عُثر عليه قبل ذلك ببضعة أيام بناءً على معلومات استخبارية، لكن تبين أنه لم يُكشف إلا عن فرع واحد منه في حين مر رجال حماس من مسار آخر.
وتزيد هذه الحادثة، بحسب الصحيفة، في حدة فروق الجيش الإسرائيلي في مجال الدفاع والمعلومات الاستخبارية عن الأنفاق وتشهد على قدرة حماس على تكبيدنا بخسائر حتى في مرحلة متقدمة من المعركة.
وتابع: "لا يحتوي الفيلم الذي نشرته حماس على صور فظيعة فقط بل يكشف أيضا عن تفاصيل مقلقة تتعلق بالرتابة العملياتية التي كانت موجودة في الفيلبوكس فالموقع ينقسم إلى اثنين: طبقة القتال في الجزء الأعلى وطبقة السكن في الجزء الأسفل. ويحق للمقاتلين في الطبقة السفلى أن يناموا على نحو عام حينما يكون أولئك الذين في الجزء الأعلى في الحراسة، ويُبين الفيلم أن باب الدخول إلى الموقع تُرك مفتوحا أو فتحه المقاومون بسهولة، ولوحظ أيضا أن رجال حماس نجحوا في الوصول إلى داخل الساحة دون أن يُكشفوا وآنذاك فاجأوا الجنود وقتلوا خمسة منهم بإطلاق النار من مسافة قصيرة".
ويتبين من الفيلم أن رجال حماس خططوا لمسار التقدم من فوهة النفق إلى البرج بحيث لا يتم اكتشافهم وسيحقق الجيش الإسرائيلي في هذه الحادثة تحقيقا كاملا بعد انتهاء القتال فقط، لكن يبدو الآن أن التأليف بين اليقظة الفاسدة ومشكلات الانضباط العملياتي أفضى إلى النتيجة القاسية بحسب الصحيفة.
كما تحدث المقال عن التخبط في الإعلان عن العملية حيث كانت التفاصيل الأولى التي أعطاها الجيش إلى الجمهور عن الحادثة بواسطة وسائل الإعلام، جزئية وخاطئة. إذ وقعت الحادثة في ساعات بعد الظهر يوم الاثنين وسُمح بنشر تفاصيل جزئية في ساعات المساء دون تفصيل عدد المصابين، لكن بعض النشرات عرضت الحادثة بناءً على توجيهات أولى من ضباط الجيش على أنها نجاح في إحباط عملية وذلك بدعوى أن رجال حماس صُدوا في طريقهم لتنفيذ عملية في الكيبوتس، بل إن بعض وسائل الإعلام بالغت وأفادت عن قتل أربعة من المهاجمين. وفي الغد أبلغ الجيش الإسرائيلي أن الجنود قتلوا بقذيفة آر.بي.جي وأن أحد المهاجمين قُتل وقت محاولة خطف جثة.
ويكشف الفيلم عن الخطأ فالعملية لم تُحبط والتفاصيل التي أعطاها الجيش جزئية بل مضللة، أما حماس فتعرض نفسها على أنها تكشف عن الحقيقة. ويبدو أن الخطأ في البلاغ نبع من محاولة "تغليف" حادثة قاسية بكلمات جميلة جدا. ولا يُبين ذلك توجه الجيش الإسرائيلي في الحرب الحالية، لكن من المهم ألا تتكرر هذه الظاهرة لأن هذا الخطأ في الصدق يضر بالجيش أولا في الجبهة المهمة له على نحو خاص التي تهتم بثقة الجمهور الإسرائيلي.