نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية يوم الجمعة تقريرا لمراسلها بيتر بومونت، من رفح يقول فيه إن حماس تأمل أن تحقق فتح
معبر رفح بعد عشرة أيام من العنف أودت بحياة 227 فلسطيني وإسرائيلي.
ويروي كاتب التقرير أن فتح المعبر هو من أهم مطالب حماس في
مفاوضات الهدنة والمطالب الأخرى مثل إطلاق سراح الأسرى المحررين في صفقة شاليط عام 2011 وغيره من المطالب، فهي قابلة للتفاوض بحسب المحللين ولكن ليس معبر رفح.
أما حدود
غزة مع إسرائيل فقد تم إغلاقها تماما منذ عام 2007 عندما سيطرت حماس على قطاع غزة. وأغلق معبر رفح آخر معابر غزة منذ شهر تموز/ يوليو من العام الماضي، بعد هجوم على الجيش المصري من "عناصر إسلامية مرتبطة بحماس". ويفتح أحيانا لحملة الجوازات الأجنبية وللمعتمرين ولكنه يغلق مرة أخرى ولأسابيع طويلة دون إعطاء سبب لذلك.
والسؤال حول ما تريده حماس في نهاية هذا الصراع يزيده تعقيدا أن جناحها العسكري يبدو مصمما على الاستمرار في إطلاق صواريخه على إسرائيل، وهناك شكوك بأن حماس أو جناحها العسكري على الأقل يريد أن يستفز إسرائيل للقيام باجتياح محدود في اعتقاد منها من أن استمرار الصراع قد يقوي من موقفها التفاوضي.
يقول المحللون أيضا، إن هناك رغبة في أن تكون لحماس الكلمة الأخيرة في الصراع بحيث يكون هناك ما تعرضه كمكسب لأسبوع ونصف من القتال واعتبار أعداد القتلى المدنيين المتزايدة نتيجة قصف البيوت والبنية التحتية.
ومن مكتبه في رفح يقول مسؤول الجانب الفلسطيني من المعبر، إن "فتح المعبر ضروري جدا. إنه المنفذ الوحيد من غزة للفلسطينيين من رجال أعمال وطلاب وعائلات تسعى لزيارة أقاربها في الخارج. ولكن منذ خسارة مرسي للرئاسة في تموز/ يوليو الماضي يتم إغلاقه بوتيرة أكبر وأحيانا لشهر أو 40 يوما متواصلة. إنه شريان حياة بالنسبة لنا ولذلك فهو مهم في مفاوضات وقف إطلاق النار".
وتقع رفح على تقاطع من المصالح المتنافسة والمتداخلة، فمصر شددت على أنفاق التهريب التي جعلت من مدينة رفح مدينة غنية ومن قيادات حماس رجالا أغنياء. وهي لا تريد أن تسيطر حماس على المعبر بل تريد لرجال عباس أن يسيطروا عليه كما أنها لا تريد أن تهدي حماس شيئا يزيد من شعبيتها التي بدأت بالإنحدار، جزئيا بسبب المعاناة جراء إغلاق المعبر على الحدود المصرية الفلسطينية.
وكانت رفح بلدا مزدهرة خلال فترة التهريب من الأنفاق، ويزعم الكاتب أنه تحدث خلال فترة الهدنة الإنسانية المؤقتة يوم الخميس مع صاحب محل دهانات في المدينة فقال: "أعتمد على رفح 100%، كل ما عندي في الدكان جاءني من خلاله قبل الحصار المصري ثم اضطررت إلى استخدام الأنفاق للحصول على المواد التي تمنعها إسرائيل مثل مخففات الدهان. لم أغادر غزة منذ سنة ولكنني بحاجة لزيارة مصر وتركيا للاتفاق مع الموردين".
ويقول المحلل الفلسطيني عمر شعبان إن طلب حماس فتح المعبر هو واحد من أعرض مشاكل غزة العميقة وليس حلا لتلك المشاكل، وهو مهم لحماس أكثر منه للفلسطينيين.
وقال شعبان: "في الواقع رفح مشكلة ثانوية مع أنه كان قضية رئيسية في مفاوضات وقف إطلاق النار عام 2012 وفي هذه المرحلة. والمشكلة التي يجب التعامل معها بأسلوب التفكير خارج الصندوق هي: ماذا نفعل بمشاكل غزة الأهم مثل الماء والبطالة والتعليم والفقر؟ ورفح جزء منها ولكن لا نستطيع العيش عقدا آخر هكذا".
وأضاف: "حماس تركز على نفسها ولذلك معبر رفح مهم بالنسبة لها، نعم إنهم يريدون فتح معبر رفح لتسهيل حياة الناس هنا ولإظهار أنها كانت وراء فتحه، ولكن التركيز على رفح وليس المستقبل فلو فتح معبر رفح غدا ستبقى مشاكلنا الاستراتيجية كما هي".
ومع أن نقاط المفاوضات تمت مناقشتها سابقا وأقربها كان عام 2012 للتوصل إلى وقف إطلاق للنار حينئذ، إلا أن الدبلوماسيين والمحللين يرون أن العقبات هذه المرة أكبر بكثير.
وبرأي مخيمر أبو صدر، أستاذ العلوم السياسية بغزة، فإن حماس قد تتنازل في بعض القضايا إلا معبر رفح وقال: "قضية الأسرى يمكن التعامل معها فيما بعد، ولكن فتح المعبر لا يمكن، ففي النهاية ما يمكن أن يوقف نزيف الدم هو رفع الحصار".
الاختفاء تحت الأرض
عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية بيت القيادي في حماس ووزير الخارجية السابق محمود الزهار هذا الأسبوع، هو وثلاثة آخرين من قيادات حماس لم يكونوا موجودين في بيوتهم، فهو كغيره من زملائه اختفى بمجرد بداية الهجمة الإسرائيلية.
ولا أحد يعرف كيف تعمل حماس في ظروف حرب كهذه – حيث تختفي قياداتها الكبيرة كلها وآلية اتخاذا القرار فيها غير واضحة أيضا، ولم يظهر من التفاصيل إلا القليل.
ومع الزيادة في مدى وحجم صواريخ حماس اضطرت الحركة إلى أن تقلد حزب الله في إخفاء الصواريخ في آبار داخل الأرض، وواضح أن حماس حسنت من اتصالاتها، فبعد أن استهدف أعضاؤها عن طريق أجهزة الهاتف الجوال واضح أنها أنشأت شبكة اتصالات أرضية آمنة منفصلة عن شبكة التلفونات الأرضية المحلية وعن خدمات الهاتف الجوال الفلسطينية.
والأعضاء غير المختفين لا يمكن التعرف عليهم، إلا عندما تلاحظ أن شخصا موجودا في مجموعة ينظرون إلى مشهد ما عدم رغبته بالظهور في صورة بأن يتحرك ليخرج خارج الصورة أو يغطي رأسه برأسية قميصه أو يغطي وجهه بيده.