يواجه
السفير الفلسطيني في
بريطانيا مانويل حساسيان أزمة عاصفة قد تطيح به من منصبه، بعد أن نشر مقالا مشتركا في مجلة "فاثوم" مع رافائيل كوهين-الماغور مدير مركز جماعة الشرق الأوسط للدراسات في جامعة هال، يؤكد فيه الكاتبان على ضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية دولة إسرائيل، كشرط لإحلال السلام في الشرق الأوسط.
واحتفت مواقع صهيونية بالمقال. فقد نشرت جريدة "جويش كرونيكال" و موقع "بايكوم" المعبر عن أهم لوبي صهيوني في بريطانيا و"تايمز أوف إسرائيل" و "إسرائيل ناشيونال نيوز" وغيرها من المواقع تقارير تشير فيها إلى موقف السفير الفلسطيني الذي "يتناقض مع موقف منظمة التحرير من هذه القضية".
وأثار المقال تكهنات حول احتمالية إقالة السفير حساسيان من منصبه بسبب "مخالفته لمبادئ منظمة التحرير الفلسطينية"، في حين أكد "روبرت تيل" مراسل صحيفة الـ "تلغراف" البريطانية في القدس أن مانويل استدعي إلى رام الله للبحث بهذا الموضوع.
من جهتها، عبرت أمل جادو مسؤولة العلاقات الأوروبية في وزارة خارجية السلطة الفلسطينية عن غضب السلطة من التصريحات المنسوبة للسفير حساسيان، مضيفة أنه مطالب بتوضيح موقفه من هذه القضية.
ولكن حساسيان، الذي يعمل سفيرا لمنظمة التحرير في لندن منذ العام 2005، أصدر بيانا رسميا أكد فيه أن المقال كتب من قبل رافائيل كوهين-الماغور، وأنه اطلع على "مسودة المقال وأبدى ملاحظات جوهرية عليه، وخصوصا فيما يتعلق بموقف منظمة التحرير الفلسطينية من الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، مؤكدا أنه لم يشاهد النسخة النهائية من المقال قبل النشر، وأنه يتبنى موقف المنظمة التي تعترف بدولة إسرائيل ولكنها ترفض الاعتراف بها كدولة يهودية لأن هذا يضر بوضع الفلسطينيين في إسرائيل".
وبحسب الـ "التلغراف"، فقد عبر البروفيسور كوهين-ألماغور عن الأسى بسبب الأذى الذي تعرض له حساسيان بعد نشر المقال، مضيفا "أشعر بالأسف له، فهو صديق جيد لي"، ولكن ألماغور لم يعقب على نفي حساسيان رؤيته للنسخة النهائية من المقال.
وكانت مجلة "فاثوم" قد نشرت مقالا في الثاني عشر من يونيو/ حزيران الجاري باسم مانويل حساسيان ورافائيل كوهين-الماغور بعنوان "حل الدولتين: الطريق إلى الأمام"، أكد فيه الكاتبان إن نجاح حل الدولتين يعتمد على اعتراف متبادل يتضمن اعتراف إسرائيل بدولة فلسطينية، واعتراف الفلسطينيين "بدولة إسرائيل اليهودية".
وأضاف المقال "المثير للجدل" أن الفلسطينيين يتطلعون لدولة مستقلة ضمن حدود 1967 وعاصمتها القدس؛ أما الإسرائيليون فيرغبون بالحفاظ على الطابع اليهودي لإسرائيل باعتبارها الدولة اليهودية الوحيدة في العالم.
ويطرح المقال شكل الحل النهائي الذي سيكون قائما على الإعلان عن دولة فلسطينية معترف بها. ويتبع هذا اعتراف متبادل بين الطرفين وقيام علاقات دبلوماسية بينهما.
ويضيف المقال أن حدود الدولتين ستكون مبنية على أساس حدود 1967، مع تفريغ المستوطنات الصغيرة من الضفة، وضم المستوطنات الكبرى لإسرائيل (مثل معاليه أدوميم، غوش عتصيون، مودين إليت وأرييل)، بمقابل أراض تقدم من إسرائيل للدولة الفلسطينية بنفس المساحة.
ويقترح المقال إقامة ممر آمن يربط بين مناطق الدولة الفلسطينية، مشيرا إلى أن الجدار العازل يخلق واقعا سياسيا "ويجب أن يمر عبر حدود 1967 بعد الاتفاق عليها بين الطرفين".
وفيما يتعلق بالقدس، يقترح المقال أن يحصل الفلسطينيون على عاصمتهم والتي ستضم القدس الشرقية والقرى المحيطة بها، أبو ديس، العيزرية، السواحرة وكفر عقب، في حين ستضم عاصمة إسرائيل القدس الغربية والمستوطنات المحيطة بها. وتبقى البلدة القديمة التي يقترح الكاتبان أن توضع تحت نظام خاص مقبول للطرفين حيث سيتم وضع ترتيب خاصة تعترف وتحترم أهمية الجدار الغربي والحي اليهودي، وبنفس الوقت سيتم وضع ترتيبات للاعتراف واحترام أهمية المقدسات الإسلامية والمسيحية. وبالضرورة سيكون هناك تعاون فلسطيني- إسرائيلي لتقديم الخدمات البلدية للسكان.
ويؤكد المقال على ضرورة قيام إسرائيل بإطلاق سراح عدد من السجناء، كبادرة حسن نية، "ومع بناء الثقة فسيعود كل السجناء الأمنيين لبيوتهم".
وفيما يتعلق باللاجئين، يقول الكاتبان أن لاجئي 1948 يمكنهم الإقامة في فلسطين، فيما سيقوم المجتمع الدولي بوضع "كوتا" لاستيعاب العائلات الفلسطينية الراغبة بالهجرة للدول التي يرغبون بالعيش فيها. ويجب السماح بجمع شمل العائلات في إسرائيل وعلى قاعدة محدودة، ولكن لا يسمح بعودة جماعية للاجئين لإسرائيل. وبالإضافة لهذا فسيتم تشكيل محكمة دولية يشارك فيها محامون معروفون من فلسطين وإسرائيل حيث ستقوم بتحديد طبيعة التعويض المقدم للعائلات التي لا تريد العودة. وقد تلجأ فلسطين وإسرائيل لإقامة صندوق إغاثة دولي تساهم فيه الدول الراغبة بحل النزاع.
ويضيف المقال إن على إسرائيل وفلسطين أن تنتهزا فرص التعاون الإقتصادي لمنفعة الطرفين، بحيث تساعد إسرائيل فلسطين لتطوير اقتصاد مستقل وفتح الباب امامها في العالم الغربي وأماكن اخرى. بينما تساعد فلسطين في المقابل إسرائيل على الاندماج في أسواق الشرق الأوسط. وستساعد فلسطين على تطوير علاقات إسرائيل الإقتصادية والصناعية والسياحية مع الدول العربية والإسلامية.
ويختتم المقال بالتأكيد على أن التوقيع على اتفاق شامل يغطي كل القضايا ذات الإهتمام، يجب أن يتبع بإصدار بيان رسمي يعلن نهاية الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.