صحافة إسرائيلية

إسرائيل تحب فيتامين "سي سي" والسيسي يريد "دي سي"

عبد الفتاح السيسي - أرشيفية
عبد الفتاح السيسي - أرشيفية
تخلص الكاتبة سمدار بيري في مقالتها في صحيفة "يديعوت"، الجمعة، إلى أن ما يحتاجه السيسي في مشواره القصير الذي قطعه، منذ كان قائدًا مغمورًا للاستخبارات إلى أن أصبح المرشح الوحيد لرئاسة مصر، هو مباركة واشنطن (دي سي)، في حين أن "إسرائيل" بدورها بحاجة الـ"سي سي" الذي يكفل تحويل العداء المصري عنها إلى الإسلاميين وغيرهم.

وتقول في مقالتها تحت العنوان "فيتامين سي سي - سيسي"، إن "البداية كانت في نيسان/ أبريل 2010، حين وضعت على طاولة وزير الدفاع المصري آنذاك، المشير حسين الطنطاوي، ورقة "تقدير مذعورة سرية" باللون الأحمر. وكانت الوثيقة قصيرة وذات غاية، وموقّع عليها من قائد الاستخبارات العسكرية، يقول فيها الجنرال السيسي محذّرًا: بعد ثلاثة عشر شهرا ستنشب انتفاضة شعبية تنتشر في جميع أنحاء الدولة. سيغرق عشرات آلاف المتظاهرين الشوارع والميادين ويرفضون الهدوء. وستكون الهبة الشعبية قصيرة تفضي إلى تغيير النظام في مصر".
 
وتتابع الكاتبة، بأنه "استدعى الطنطاوي السيسي إليه على عجل وطلب جوابا  على الفور قائلا: إذا كان هذا سيناريوك فما الذي توصي بفعله؟، فأجاب الجنرال قائلا: يجب على الجيش أن يقف مع الشعب وألا يتدخل في الهبة الشعبية. لا يجوز للجنود على أي حال من الأحوال أن يطلقوا النار على المواطنين".
 
 وتقرر سمدار أن السيسي تنبأ في الحقيقة بالأحداث تنبؤا دقيقا، "لكنه أخطأ التاريخ لأن الربيع العربي أغرق ميادين مصر قبل ذلك بثلاثة عشر اسبوعا، قبل ثلاث سنوات بالضبط". 

وتستدرك: "بيد أن الجنرال لم يأخذ في حسابه الربيع العربي في تونس وطرد الرئيس ابن علي اللذين عجلا الاحداث في مصر، ولم يقدر تقديرا صحيحا أيضا مقادير خيبة الأمل والغضب في شوارع القاهرة على إثر تزوير نتائج انتخابات مجلس الشعب. فقد نحت السلطة وطمست بقسوة على الأصوات التي حصل عليها ممثلو حركة الإخوان المسلمين".

وتضيف أن "الجموع الخائبة الأمل خرجت بسبب قبضة السلطة الحديدية والفساد في القيادة العليا والازمة الاقتصادية لتهيج في الشوارع إلى أن خلعت الرئيس".
 
وتلفت الكاتبة إلى أن مهمة السيسي كانت أن "يجري الحوار مع قادة الإخوان المسلمين، وأن يبحث ويكشف عن خططهم السرية. وقاد هذا الحوار السيسي إلى محمد مرسي الذي كان آنذاك مفرجا عنه للتو من السجن وناشطا قديما في حركة الإخوان. وترك لديه انطباع أنه "واحد منهم"، وكشف على مسامعه عن التربية الإسلامية التي تلقاها في عائلته، وحدثه عن زوجته المحجبة وعن صلاة الفجر التي يحرص على إقامتها في مسجد الحي".
 
وتتابع: "بعد سنة حينما بدأ التنافس في الرئاسة كان السيسي آنذاك هو الذي عاد ليحذر المجلس العسكري قائلا إن الشارع لا يريد بقايا سلطة مبارك. وقال في إصرار: ليس عندي شك في أن مرسي سيفوز في الانتخابات. ولم يتأثر الطنطاوي وحده بالقدرات على التنبؤ، بل وضع قادة الإخوان المسلمين وفي مقدمتهم الرئيس الفائز عيونهم على الجنرال. وحظي السيسي بعد لحظة من تسريح وزير الدفاع ورئيس الأركان في خزي، حظي بشعبية كبيرة وبسلسلة ألقاب: الفريق أول، ووزير الدفاع ورئيس المجلس العسكري الأعلى ونائب رئيس الوزراء".
 
أما إجراءات السيسي الوقائية، فكانت بحسب الكاتبة أنه "تعلم درسا مهما من تجربة أسلافه وأخرج الخطط المطوية. فبعد إجازة الدستور الجديد أعلن عن انتخابات للرئاسة ستأتي قبل انتخابات مجلس الشعب. وهذا هو الاختراع لضمان سيطرة كاملة على مؤسسات السلطة المدنية، في حين حل صديقه رئيس الأركان صبحي صدقي محله في أجهزة الأمن". 

وترى الكاتبة أن هذه الإجراءات "ترمي إلى أن يُضمن سلفا عدم تكرار ما حدث من قبل وألا يجد الرئيس المنتخب نفسه مرة أخرى في السجن مثل مبارك ومرسي قبله".

وتقول: "السيسي ذكي جدا وداهية ومرتب ومنظم جدا. ومن تابع سلوكه في السنوات الثلاث الأخيرة تبين له أنه كان قد حدد هدفه منذ زمن، فعنده خريطة طريق ترمي إلى أن تقوده إلى رأس هرم السلطة، وكل من يحاول أن يعوقه سيريه مغبة ذلك".
 
وأشارت إلى أنه في المقابلة الصحفية الوحيدة التي بذلها السيسي للإعلام الأمريكي بعد أن استدعى إلى القاهرة على عجل المراسلة الكبيرة لالي فايموت من صحيفة "واشنطن بوست"، لم يحجم عن جلد الرئيس أوباما قائلا: "الولايات المتحدة شريكة استراتيجية، ولم تكن قط بعيدة عما يحدث عندنا. قلت لمحادثيّ الأمريكيين إن عندنا مشكلة ونحن محتاجون إلى نصيحتهم ودعمهم، لكن أوباما أدار ظهره ولم يهاتفني حتى مرة واحدة، ولن ننسى له ذلك".
  
 وتوضح الكاتبة أن "معاملته لوسائل الإعلام مركبة فهو من جهة يعد بالديمقراطية وحرية التعبير الكاملة، وهو من جهة أخرى يطلب ملاءمته وإدارة الحملة من أجله. ولا يمكن من جهة ثالثة أن نجد في الصحف المصرية تعبيرا حقيقيا شجاعا عن معسكر لا يتفق مع السلطة".

وتستدرك: "بل إن نجم البرنامج الساخر السياسي ذي نسبة المشاهدة العالية باسم يوسف اختفى فجأة عن الشاشة بعد أن هاجم مرسي والسيسي، ويصر ويزعم أنه هو الذي أزال نفسه ويُقسم أن السيسي لا يتعرض له البتة، لكن قليلين يصدقونه".
 
وخلاصة القول أن "السيسي يحتاج من أجل المظهر الديمقراطي على الأقل وكي لا تغضب الإدارة في واشنطن، إلى منافسين ينافسونه"، على حد تعبير سمدار.

وفي الختام تورد الكاتب تنبيها لصحفي مصري قديم يهديه للإسرائيليين، فيقول: "انتبهوا إلى تغيير محدد جدا. منذ أصبح السيسي أقوى رجل في مصر لم يعودوا يشتغلون بكم، فقد أصبح لمصر أعداء جدد في العالم الإسلامي خاصة ويوجه السم في الأساس على الإدارة الأمريكية".
التعليقات (0)