كتاب عربي 21

رسالة أكنجي إلى جيران تركيا

إسماعيل ياشا
- الأناضول
- الأناضول
اتجهت الأنظار في جميع أنحاء العالم نحو إيران، مساء الأحد، حين أعلنت طهران أن الطائرة المروحية التي تقل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، اضطرت لــ"هبوط صعب" في شمال غرب البلاد. وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وخطيب الجمعة في تبريز محمد علي آل هاشم، ومحافظ أذربيجان الشرقية مالك رحمتي، على متن ذات المروحية برفقة رئيسي.

السلطات الإيرانية قالت إن فرق البحث والإنقاذ تجد صعوبة بالغة بسبب سوء الأحوال الجوية في المنطقة الجبلية التي تجري فيها أعمال البحث عن مروحية الرئيس الإيراني. ولم يتم رصد أي أثر للمروحية رغم مرور ساعات على فقدان الاتصال بها. وفي تلك الأثناء، ذكرت وزارة الدفاع التركية، أنه بناء على طلب طهران عبر وزارة الخارجية التركية، تم تخصيص مروحية مزودة بتقنية الرؤية الليلية، وطائرة مسيرة من طراز "أكنجي" للمشاركة في أعمال البحث.

الجانب الإيراني لم يطلب من أنقرة إرسال طائرة مسيرة، بل طلب فقط مروحية مزودة بتقنية الرؤية الليلية. وجاء اقتراح إرسال طائرة مسيرة من طراز "أكنجي" من الجانب التركي، وقال الأتراك للإيرانيين إن المروحية قد لا تستطيع القيام بالأعمال المطلوبة في تلك المنطقة الوعرة بسبب سوء الأحوال الجوية، وأقنعوهم بأن استخدام طائرة مسيرة في أعمال البحث في مثل تلك الظروف أفضل من استخدام المروحية. وكانت هناك طائرة "أكنجي" جاهزة للطيران إلا أنها كانت تحمل صواريخ، فرفضها الإيرانيون، وتم تخصيص طائرة مسيرة أخرى غير مسلحة من ذات الطراز.

طائرة "أكنجي" المسيرة، بعد التحليق لعدة ساعات في الأراضي الإيرانية، رصدت مصدر حرارة يعتقد أنه حطام المروحية المنكوبة، وتم إبلاغ السلطات الإيرانية، ووصلت فرق البحث والإنقاذ إلى المكان الذي سقطت فيه المروحية بناء على الإحداثيات التي أعطتها "أكنجي" التي رجعت إلى تركيا بعد إنجاز مهمتها بنجاح، ورسمت في السماء فوق بحيرة "فان" الهلال والنجمة تعبيرا عن العلم التركي.

طائرة "أكنجي" المسيرة التي أرسلتها تركيا إلى إيران، تتبع تحليقها مئات الآلاف حول العالم بالبث الحي عبر تطبيق فلايت رادار، كما نشرت وكالة الأناضول للأنباء بعض الصور والمقاطع التي التقطتها الطائرة المسيرة التركية. وأصبحت مشاركة "أكنجي" في أعمال البحث عن مروحية الرئيس الإيراني ونجاحها في العثور على حطام المروحية دعاية مجانية للطائرات المسيرة التركية عموما و"أكنجي" على وجه الخصوص. ويمكن القول بأن تركيا أبدعت في استغلال الفرصة ليرى العالم مدى التقدم الذي حققته في مجال الطائرات المسيرة.

وزير الدفاع التركي ياشار غولر، تحدث في مستهل الشهر الجاري عن عدم تعاون إيران مع تركيا في مكافحة حزب العمال الكردستاني. وذكر خلال تصريحاته حول التطورات الأخيرة في ذاك الملف، أن الجيش التركي يرصد عبر الطائرات المسيرة تحركات عناصر حزب العمال الكردستاني الهاربين إلى الأراضي الإيرانية، ويبلغ الجانب الإيراني بأماكن وجودهم، إلا أن الإيرانيين يزعمون دائما أنهم لم يجدوا هؤلاء الإرهابيين في تلك الأماكن. ومن اللافت أن الإيرانيين وجدوا هذه المرة حطام المروحية المنكوبة وجثث رئيسهم ووزير خارجيتهم والمرافقين لهما في المكان الذي حددته الطائرة المسيرة التركية.

أنقرة لم تتردد في الاستجابة لطلب طهران، فأرسلت إلى إيران فرق البحث والإنقاذ، مع مروحية مزودة بتقنية الرؤية الليلية وطائرة مسيرة قامت بمهمتها على أكمل وجه، كما أعلنت حدادا وطنيا ليوم واحد إثر وفاة الرئيس الإيراني والوفد المرافق له. وبعثت من خلال "أكنجي" رسالة إلى إيران وجيرانها الآخرين مفادها أنها جارة حسنة صداقتها غالية، وأن هذه الطائرة المسيرة جاهزة للتحليق بحمولتها التي تبلغ 1500 كيلوغرام، للدفاع عن أمن تركيا في حال تعرض لأي تهديد خارجي.

طائرة "أكنجي" المسيرة نجحت في التحليق بين الجبال الشاهقة والوديان العميقة في ظروف جغرافية وجوية صعبة للغاية، وأظهرت تفوق الطائرات المسيرة التركية على الإيرانية من حيث الجودة والقدرة والتكنولوجيا، لتؤكد أن تركيا تستحق الشهرة التي اكتسبتها في السنوات الأخيرة في هذا المجال

وفي المقابل، لا يتوقع أن تغير طهران مواقفها من الملفات والمشاريع الإقليمية المتعلقة بتركيا، مثل مكافحة حزب العمال الكردستاني، وطريق التنمية وممر زنغزور، على الرغم من حسن النوايا الذي أبدته أنقرة. كما أن تصريحات الإيرانيين حول هوية الطائرة المسيرة التي رصدت حطام المروحية، توحي بأنهم ندموا على قبول مشاركة "أكنجي" في أعمال البحث.

طائرة "أكنجي" المسيرة نجحت في التحليق بين الجبال الشاهقة والوديان العميقة في ظروف جغرافية وجوية صعبة للغاية، وأظهرت تفوق الطائرات المسيرة التركية على الإيرانية من حيث الجودة والقدرة والتكنولوجيا، لتؤكد أن تركيا تستحق الشهرة التي اكتسبتها في السنوات الأخيرة في هذا المجال. ومن المؤكد أن الدول التي اشترت من شركة بايكار التركية طائرة "أكنجي" المسيرة، شعرت صباح الاثنين بنوع من الارتياح، بسبب حسن اختيارها، بعد أن رأت نجاح هذه الطائرة المسيرة في العثور على حطام مروحية الرئيس الإيراني، وأن الطائرة المسيرة التي اشترتها يمكن استخدامها في مثل تلك المهام الإنسانية إلى جانب قيامها بالمهام العسكرية. ومن المتوقع أن يزداد اهتمام دول أخرى بشراء عدد من هذه الطائرات في الأيام القادمة، في ظل حديث وسائل الإعلام العالمية عن نجاح طائرة "أكنجي" المسيرة ومواصفاتها وقدراتها.

twitter.com/ismail_yasa
التعليقات (0)