تقارير

"صندلة" الفلسطينية لا تزال تتذكر "حادثة القنبلة" واستشهاد 15 طالبا

تم تسليم قرية صندلة لدولة الاحتلال الإسرائيلي بموجب اتفاقيات رودس عام 1949 مع بعض القرى الفلسطينية القريبة منها.
تم تسليم قرية صندلة لدولة الاحتلال الإسرائيلي بموجب اتفاقيات رودس عام 1949 مع بعض القرى الفلسطينية القريبة منها.
يكاد ذكر قرية صندلة يرتبط بشكل كبير بـ"حادثة القنبلة" أكثر من أي شيء آخر رغم أن القربة دخلت في دائرة الحدث هذا العام عقب قتل مستوطن لأحد شبان القرية بدم بارد.

تقع قرية صندلة في سهل مرج ابن عامر بين مدينة الناصرة ومدينة جنين التي تبعد عنها 7 كيلومترات، وبقربها قرية المقيبلة، وهما قريتان يديرهما "مجلس جلبوع الإقليمي"، وتعتبر القرية تاريخيا من قضاء جنين.

وتعود تسميتها بهذا الاسم  نسبة إلى شجر الصندل ورائحة خشبه الزكية، وقد نسب اسم الصندل إلى بئر كان في القرية.


                                       قرية صندلة من زاوية أراضيها الزراعية

وتعتبر القرية حديثة نسبيا، لم يمض على نشوئها أكثر من 150 عاما حين نزل أرضها جماعة من عائلة العمري من قرية عرانة المجاورة وعمروها واستقروا فيها.

وتبلغ مساحة أراضي قرية صندلة 3249 دونما منها 32 للطرق والوديان، وتحيط بها أراض من القرى العربية المجاورة: عربونية والمزار والجلمة.

بلغ عدد سكانها في عام  1922 نحو 186 نسمة، وفي عام 1931 بلغ عددهم 189 نسمة، أما في عام 1945 فقد كان عدد سكانها 270 نسمة، وفي عام 1949 بلغ 450 نسمة، وفي 2013 بلغ 1800 نسمة، ويبلغ حاليا ما يقارب الألفي نسمة، وينتمي سكان القرية إلى عائلة واحدة وهي عائلة العمري نسبة إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب.

عمل سكانها في الزراعة والفلاحة وتربية المواشي، كمصدر أول للعيش، ومنذ إقامة دولة الاحتلال سلبت مساحات من الأراضي التي كانت تابعة لقريتي المقيبلة وصندلة، وصادرتها السلطات الإسرائيلية لصالح المستوطنات اليهودية.

تم تسليم القرية لدولة الاحتلال الإسرائيلي بموجب اتفاقيات رودس عام 1949 مع بعض القرى الفلسطينية القريبة منها.

وكان طلاب القرية يدرسون في مدرسة الجلمة المشتركة، بعدها تحولت الدراسة في مدرسة تضم طلابا من قريتي مقيبلة وصندلة في أرض مشتركة بينهما في نفس المكان الذي أقيمت فيه اليوم مستعمرة "مغين شاؤول"، وبعد حادثة القنبلة التي قضى فيها 15 طالبا من أبناء قرية صندلة، الذين نعاهم الشاعر الفلسطيني راشد حسين في قصيدته المشهورة "الغلة الحمراء" وجاء في مطلعها:

مرج ابن عامر هل لديك سنابل
أم فيك من زرع الحروب قنابل
أم حينما عز النبات صنعت
من لحم الطفولة غلة تتمايل
فإذا الصغار الأبرياء سنابل
وإذا القنابل للحصاد مناجل

ففي أيلول/ سبتمبر عام 1957 كان عدد من الطلبة أثناء عودتهم من مدرستهم في قرية مقيبلة، قد لاحظوا جسما مشبوها على جانب الطريق ما أثار فضولهم لاستكشافه فانفجر لغم أدى لاستشهاد 15 منهم وإصابة ثلاثة بجروح.


                                أهالي قرية صندلة يشيعون جثمان الشهيد ديار عمري 

ورغم المأساة التي أصابت البلدة، فقد ظل الحاكم العسكري يقف عند مدخل البلد، ويفتش البطاقات، ولا يسمح لغير أبناء القرية بدخولها، وطُلب من العائلات الصمت والقبول بقضاء الله، وكتبت الصحافة العِبرية عن المجزرة باعتباره حدثا عاديا بفعل مخلفات نكبة عام 1948.

ورفض الحاكم العسكري الإسرائيلي فتح تحقيق في الحادثة، ونشر روايته بأن "أهالي الضحايا يؤمنون بالقضاء والقدر ولا يرغبون في تدخل أي إنسان، أو ملاحقة هذا الملف".

وأثارت المجزرة ردود فعل غاضبة، وتحركت القوى والأحزاب والأحرار من أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة الحزب الشيوعي وأعضاء الكنيست ووسائل الإعلام العربية، مطالبين بتشكيل لجنة تحقيق في هذه المأساة، لكن دور الحكم العسكري الإسرائيلي وعدم وعي الأهالي الحقيقي وصعوبة أوضاعهم أغلق القضية.

حتى اليوم، لم يتمكن أحد من حل لغز الطريقة التي وصلت فيها "القذيفة " إلى الموقع الذي لم يكن يمتلك فيه أحد القنابل والألغام سوى الجيش الإسرائيلي، الذي كان يتواجد في المنطقة بشكل دائم، ضمن الحراسة والمتابعة المستمرة لأراضي المناطق الحدودية القريبة من خط الهدنة، مثل الجلمة وصندلة ومقيبلة وغيرها، لذلك فلا يستبعد الكثيرون أن يكون الجيش الإسرائيلي هو من وضع القنبلة في المنطقة.

ومن الحوادث التي شهدتها القرية الإضراب الشامل في أيار/ مايو الماضي تنديدا بإعدام مستوطن للشاب ديار عمري. وأظهر توثيق مصور تهجم الإسرائيلي على الشهيد حينما تواجد داخل سيارته، وفي أعقاب ذلك وقع عراك بينهما في الشارع ليخرج المستوطن سلاحه عن جانبه ليطلق العديد من الطلقات النارية على الشاب الفلسطيني ليرتقي الفلسطيني فورا.

وشهدت القرية مواجهات مع قوات الاحتلال عقب اقتحام جيش الاحتلال لمدينة جنين.

وتشهد القرية صدامات كثيرة مع شرطة الاحتلال التي تضيق على سكان القرية، وتحول بينهم وبين مساندتهم لتحركات الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي غزة.

المصادر:

ـ غادة أسعد، مجزرة صندلة والحكم العسكري وفصول المعاناة، موقع عرب48، 4/1/2017.
ـ الموسوعة العالمية للشعر العربي، قصيدة الغلة الحمراء، الشاعر راشد حسين.
ـ علي حبيب، مجزرة أطفال صندلة.. لماذا وقعت من ذاكرتنا؟، عرب 48. 
ـ حافظ أبو صبرة، إعلان الإضراب الشامل في قرية صندلة تنديدا بإعدام الشاب ديار، 6/5/2023.
ـ موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ 60 عاما على مجزرة طلاب صندلة، موقع النجاح الإخباري، 22/9/2017.
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع