استعرض
تقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية، التحديات التي تواجه
الولايات المتحدة بعد هجوم
حماس الأخير، وكيف أثر هذا الهجوم على تصورها للشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، "إن هجوم حركة حماس الفلسطينية فنّد الفكرة القائلة إن عملية التطبيع بين إسرائيل والعرب ستساهم في تهدئة المنطقة وأن القضية الفلسطينية أصبحت موضوعا ثانويا، وبذلك قضى على الوهم الذي عاشت عليه إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي احتشدت إليه رئاسة بايدن بحكم الأمر الواقع".
وذكرت الصحيفة، "أن إدارة بايدن ردت بقوة على الهجوم متعدد الجبهات الذي نفّذته حماس يوم السبت، حيث كثف وزير الخارجية أنتوني بلينكن اتصالاته مع المسؤولين الفلسطينيين وقادة الشرق الأوسط، ساعيا دون جدوى للحصول على إدانات واضحة، ويوم الأحد، أوضح بلينكن أن الإدارة كانت تتحقق من المعلومات المتعلقة بالوفيات الأمريكية المحتملة وكذلك المواطنين الذين اختطفتهم حماس".
اظهار أخبار متعلقة
وتابعت، "بالنسبة للبيت الأبيض كما هو الحال بالنسبة للأحزاب السياسية الإسرائيلية، فقد وُضعت الانتقادات التي وُجهت خلال الأشهر الأخيرة ضد حكومة بنيامين نتنياهو ومشاريعها غير الليبرالية لإصلاح النظام القضائي جانبا بالنظر إلى حجم الصدمة التي تعرضوا لها".
واستدركت، "لا تعتبر مسألة فشل المخابرات والجهاز العسكري على طول قطاع غزة من المواضيع المطروحة حاليا، وإنما حان الوقت لتشكيل جبهة موحّدة".
وأردفت، "بعد لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي، ألقى جو بايدن خطابا لتجديد العهود التقليدية للالتزام الأمريكي إلى جانب إسرائيل عندما يكون أمنها في خطر".
اظهار أخبار متعلقة
وقد أيد الرئيس ذلك قائلا: "اسمحوا لي أن أقول هذا بوضوح، هذا ليس الوقت المناسب لأي طرف معاد لإسرائيل لاستغلال هذه الهجمات لتحقيق مكاسب".
ويستهدف هذا التحذير في المقام الأول حزب الله في لبنان، الذي قد يميل إلى فتح جبهة في الشمال في حالة قيام الجيش الإسرائيلي بتوغل بري في غزة.
بالإضافة إلى نقل المعدات العسكرية إلى إسرائيل، أمر جو بايدن المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد فورد" بالتوجه نحو شرق البحر الأبيض المتوسط.
وأضافت الصحيفة، أن الأولوية القصوى لواشنطن تكمن في تجنب التوسع الإقليمي للصراع، في الوقت الذي تخضع فيه إيران لمراقبة دقيقة.
وعلى ضوء ذلك، كان تصريح أحد المسؤولين الأمريكيين يوم السبت متحفظا للغاية وقد ورد فيه: "من السابق لأوانه القول ما إذا كانت الدولة الإيرانية متورطة في التحضير وتنفيذ هجوم حماس"، وفق الصحيفة.
اظهار أخبار متعلقة
سياسة خارجية مثقلة
وتتسارع المشاورات في الكونغرس كما في البيت الأبيض لتقديم مساعدة أمنية عاجلة "لإسرائيل"، ورغم هذا التضامن، تواجه الإدارة حدود التزامها، فمجلس النواب في حالة من الفوضى، دون رئيس، ويواجه احتمال إغلاق الأنشطة الحكومية الشهر المقبل، بسبب عدم التوصل إلى اتفاقية بشأن الميزانية؛ بالإضافة لغياب سفير أمريكي في إسرائيل، حيث يتولى مستشار الشؤون الدبلوماسية هذا المنصب.
ولفتت إلى أن العلاقات معقدة جدا، وحتى متوترة، مع اثنين من اللاعبين الإقليميين الرئيسيين في المنطقة، مصر، الوسيط التقليدي مع الفصائل المسلحة الفلسطينية، وتركيا.
وترى الصحيفة، "أن محدودية التصرف تأتي قبل كل شيء من فك ارتباط الولايات المتحدة بالمنطقة، فلم تعد أمريكا تنظر إلى الشرق الأوسط إلا بشكل افتراضي مقيدة ومضطرة، راضية بدور إطفاء نار اللحظة، دون السعي إلى تغيير معالم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".
وأضافت الصحيفة، "أن رئاسة بايدن، في السياسة الخارجية مثقلة ويعتمد نهجها على أولويات واضحة، التنافس النظامي مع الصين، وتعزيز التحالفات في آسيا، ودعم أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي، وفي حين أن هناك أولويات، هناك أيضا قضايا تم التهاون فيها، ليظل مصير الفلسطينيين واحدا".
اظهار أخبار متعلقة
إدارة الأزمة عن بعد
تقول الصحيفة، "تميز عهد ترامب بسياسة أمريكية نشطة ومتحيزة في الشرق الأوسط، كان هدفها تخريب حل الدولتين بشكل نهائي والعمل على التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل من خلال اتفاقيات إبراهيم، سنة 2020".
وأردفت، "باختصار، لم يعد هناك إدانة للاستعمار، بل خطوات غير مسبوقة لصالح إسرائيل، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لها. كما أغلق دونالد ترامب مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وعامل الرئيس محمود عباس وكأنه ضحية، وقطع الأموال عن السلطة الفلسطينية".
في كانون الثاني/يناير 2020، اقترح "خطة سلام" ميتة كان عنوانها الفرعي "رؤية لتحسين حياة الفلسطينيين والإسرائيليين". وبالتالي، لم يعد الأمر يتعلق بحقوق سياسية أو دولة ذات سيادة للفلسطينيين الخاضعين للاحتلال، فقد حصل المحتلون الإسرائيليون، وخاصة سكان المستوطنات، على مصادقة غير مسبوقة على مشروع الضم في الضفة الغربية.
وأضافت، "لدى وصوله، أعاد جو بايدن مساعدات بلاده المالية للسلطة الفلسطينية وكذلك المساهمة في الأونروا، وهي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، كما قام بإعادة إحياء لغة اتفاق أوسلو بشأن حل الدولتين، التي أصبحت مع ذلك دون جدوى".
وفي 15 تموز/ يوليو 2022، كان جو بايدن إلى جانب محمود عباس في الضفة الغربية. وجدد تطلعه: "دولتان لشعبين، لهما جذور عميقة وعريقة في هذه الأرض، ويعيشان جنبًا إلى جنب في سلام وأمن".
وفي الواقع، اقتصرت واشنطن على إدارة الأزمات عن بعد، وبالطبع استأنفت الإدارة الانتقادات اللفظية للتوسع الاستيطاني والإنشاءات الجديدة، ومع أنه عمل خلف الكواليس مع مصر والأردن لتعزيز وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس سنة 2021، فقد عرض في نفس الوقت على إسرائيل مليار دولار إضافية، بهدف تحديث بطاريات باتريوت الدفاعية.
في المقابل، لم تعد المصلحة الفلسطينية في صدارة هذه السياسة الأمريكية، ويمكن تبرير ذلك بعدة طرق، بما في ذلك الإفلاس السياسي والأخلاقي الذي تعاني منه السلطة الفلسطينية، ما فسح المجال لحماس، والاندفاع المتطرف المستمر من جانب اليمين الإسرائيلي، اللذين يعيقان أي حوار مباشر.
تغير المشهد جذريا
أشارت الصحيفة، "إلى أن السياسة الأمريكية تقوم الآن على تجزئة القضايا، على الرغم من أنها جميعها مترابطة، الاستعمار المكثف في الضفة الغربية؛ وإدارة التوترات الأمنية حول غزة؛ الدبلوماسية الإقليمية والتطبيع التاريخي المحتمل بين إسرائيل والسعودية".
وترى الصحيفة، أن هذا التقارب هو القضية الوحيدة التي حشدت الدبلوماسية الأمريكية بقوة، لذلك، خطط أنتوني بلينكن للقيام بجولة إقليمية في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر إلى إسرائيل والضفة الغربية والسعودية والمغرب لدفع هذا المشروع.
وأوضحت، "تماشيا مع إدارة ترامب، بدأ البيت الأبيض يحلم بـ (شرق أوسط جديد) حيث عزز التقارب بين إسرائيل والدول العربية السُنّية، كما لو أصبح الأمر من الآن فصاعدا بمثابة مقدمة للسلام، ولم يعد نتيجة لتسوية الصراع".
ولعدة أسابيع، شهدت الجهات الفاعلة ظهور اتفاق ثلاثي محتمل، حيث تقدم الولايات المتحدة للسعودية ضمانات أمنية، وعلى وجه الخصوص موافقة لتطوير برنامج نووي مدني مقابل الاعتراف بإسرائيل من قبل
السعودية، وكما أوضح المسؤولون الأمريكيون، ظل العنصر الفلسطيني أساسيا بالنسبة للرياض، لكن كان من الواضح أن الدولة الفلسطينية لم تعد في متناول اليد.