تقارير

الشاعر خالد أبو العمرين.. صاحب القصيدة الأشهر في الانتفاضة الأولى

لم يشتهر الشاعر أبو العمرين بشكل بارز ليكتب عنه المؤلفون والموسوعيون، لكن قصيدته انتشرت انتشاراً كبيراً في كل مكان.
لم يشتهر الشاعر أبو العمرين بشكل بارز ليكتب عنه المؤلفون والموسوعيون، لكن قصيدته انتشرت انتشاراً كبيراً في كل مكان.
خلال الانتفاضة الأولى (1987- 1993)، بينما كانت الأعمال الميدانية مشتعلة في فلسطين، كانت هناك انتفاضات أخرى في العالم العربي والإسلامي على مختلف المستويات والشرائح.

كانت الانتفاضة أشبه بالزلزال الذي ضرب في الداخل، أما هزّاته الارتدادية فقد عمّت العالم بأشكال متعددة، منها انتفاضة الشعر العربي وبروز عامل الانتفاضة في الشعر الوطني..

وكان للخطيب المفوّه الشيخ الكويتي أحمد القطان، الذي كان منبره يُسمّى "منبر الأقصى" دورٌ أساسيٌّ في هذه النهضة الشعرية الداعمة لفلسطين والانتفاضة. فكان يتلو في خطبه القصائد الوطنية، فتنتشر عبر أشرطة التسجيل "الكاسيت" في العالم العربي.. وقد تعرفتُ شخصياً على كثير من القصائد من خلال خطبه، قبل أن تصبح أناشيد شهيرة. ومن هذه القصائد، القصيدة الملحمية الطويلة "في القدس قد نطق الحجر"، التي حفظت مقاطع طويلة منها بعد سماعها في الكاسيت. ولم أقرأها كاملة إلا بعد عقد من الزمن.

رُبّ قصيدة باتت أشهر من صاحبها، فحملته شاعراً وعرّفت العالم عليه، وصار يرددها الأطفال والكبار في الفعاليات، وتحوّلت إلى شعارات تكتب على جدران شوارع الانتفاضة.

فمن هو شاعرنا؟

إنه الشاعر خالد أبو العمرين.. الذي بحثتُ عنه في معاجم أعلام فلسطين، وشعراء فلسطين، ومعجم البابطين ضمن شعراء فلسطين، فلم أجد له أثراً في أي منها..

ولد شاعرنا عام 1950 في خان يونس في قطاع غزة. وتعود جذوره إلى قرية حمامة بفلسطين المحتلة. شهد احتلال غزة في نكسة حزيران 1967، ونشط في مقاومة الاحتلال فاعتقل في شباط (فبراير) 1968، لمدة ستة أشهر. وأنهى دراسته الثانوية في غزة، وغادر إلى القاهرة لدراسة الأدب، وتخرج من كلية الألسُن عام 1976.

غادر إلى الكويت معلماً للغة الإنجليزية في مدرسة الشعب المتوسطة للبنين من عام 1977 حتى الغزو العراقي للكويت عام 1990.. فهاجر مع من هاجر إلى اليمن، ومنها إلى السودان، ليتابع دراسته الجامعية هناك. وبدأ دراساته العليا هناك فنال درجة الماجستير في الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1994. ثم نال درجة الدكتوراه في التخصص نفسه عام 1999.

تنقل في مختلف المناصب الوطنية الفلسطينية، لكنه لم يثبت فيها لأسباب عديدة.

توفي شاعرنا في 6 حزيران (يونيو) 2011، عن عمر 61 سنة.

من شعره

ربما لم يشتهر الشاعر أبو العمرين بشكل بارز ليكتب عنه المؤلفون والموسوعيون، لكن قصيدته انتشرت انتشاراً كبيراً في كل مكان. وقد أنشد الفنانون مقاطع منها وانتشرت في الآفاق، مثل مقطع "لن تسرقوا دمنا" الذي أنشده الفنان فريد سرسك:

لن تسرقوا دمنا ولا حلم السنابل
أطفالنا كبروا هدير هتافهم صوت الزلازل
الله أكبر في ضمير الشعب تجري فيقاتل

على أنها ليست القصيدة الوحيدة المعروفة، فقد اشتهرت قصيدة "هل من نصير" التي أنشدها الفنان أيمن الحلاق، ويقول في مطلعها:

يا قدس يا حبي الكبير
يا وجه أمي يا كتاباً من عبير
يا أمة الإسلام في الزمن المرير
هل من نصير؟

وقصيدته التي أداها عدد من الفنانين بإنشاد جماعي "نقوش على جدران الزنزانة":

لا تسألوني من معي
ولتسألوا الغضبَ المُلفّعَ مدفعي
الشعب كل الشعب ثوار معي

مؤلفاته

ديوان "في القدس قد نطق الحجر"، مكتبة الفلاح، الكويت، 1989.
وله كتب سياسية منها رسالتا الماجستير والدكتوراه.



قصيدة

"في القدس قد نطق الحجر"
مُرّوا على صحراء قلبي يورقُ الأملُ
تخضَرُّ تحت خطاكمُ الأرضُ وتشتعلُ
مُرّوا فأصغرُكم هو البطلُ
مروا خُطاكم تحتها الينبوعُ يكتملُ
والقدسُ يحميها لنا طفلُ
والقدسُ أرضُ الأنبياء
والقدسُ حلمُ الشعراء
والقدسُ للدنيا القمرْ
في القدسِ قد نطقِ الحجرْ
لا مؤتمرْ.. لا مؤتمرْ
أنا لا أريدُ سوى عُمَرْ
أنا لا أريدُ سوى عُمرْ

(2)

اضرِبْ تحجَّرتِ القلوب وما لها إلا الحَجَرْ
اضرِبْ فمِن كَفّيكَ ينهمرُ المَطَرْ
في «خان يونس» في «بلاطة»
في البوادي والحضر
ولّى زمانُ الخوف
أثمرَ في مساجدِنا الشرَرْ
في فتية «الأنفال» و«الشورى»
و«لقمان» وحُفّاظ «الزمر»
من صخرةِ المِعراجِ تنطلقُ الأوامرُ والعِبَرْ
في المسجد الأقصى وفى «العمريّ»
قد نطقَ الحجَرْ:
شاهت وجوه بنى النضير
تدافعوا نحو الحُفَر
شاهت وجوهُ الانتهازيينَ
عُبّاد البشر
اضربْ، لغزةَ وحدَها بزغَ القمر
اضرب لنابلسَ الأغاني والدُّرر
اضرب فلا استسلامَ بعد اليومِ
لا.. لا مؤتمرْ
هذي طريقُ القدسِ من عَظمي تَمُر
أنا الذي دَمي يسيلُ صاخباً كما النهر
وتسكن الرعود في جبيني الأغر
أنا الذي تكسرت ضلوعه
فبان تحت الجلد للعرب الزهر
أنا الذي تهدمت قريتنا
فلاحَ من جهاتها الشرر
أنا الذي أحبَّه الحجر
وإخوتي في البئر ألقوني
وما تركوا أثر
يأيها المرتد والسمسار والمحتال
موعدكم سقر
في القدس قد نطق الحجر
لا مؤتمر.. لا مؤتمر
أنا لا أريد سوى عمر
أنا لا أريد سوى عمر

(3)

الضابط المهزوم والدجال والطبال
والجاسوس والكذاب والسمسار
في جنح المساء
يتداولون فصول مذبحة
تدبج في الخفاء
هجموا على أجفان زيتوني
ليقتطفوا زهور الشهداء
جاءوا ك (أبرهة)، سواد وجوههم
يلد الغباء!
هذا زمان قد مضى لن تسرقوا مني اللواء
ستظل رايات الصحابة
في يميني كالضياء
للقدس رائحة الإباء
للقدس طعم الشهداء
والقدس أرض الأنبياء
والقدس للدنيا القمر
في القدس قد نطق الحجر
لا مؤتمر.. لا مؤتمر
أنا لا أريد سوى عمر
أنا لا أريد سوى عمر

(4)

لن تسرقوا دمنا ولا حلم السنابل
أطفالنا كبروا، هدير هتافهم صوت الزلازل
الله أكبر في ضمير الشعب تسرى فيقاتل
الله أكبر ينحني كل الطغاة وكل فرعون لزائل
الله أكبر يهتف الأيتام والجوعى وهاتيك الثواكل
إسلامنا ملء القلوب نعود كالأسد الأوائل
هذى لحانا والمصاحف والفضائل
قد قيدوني بالسلاسل
وهم عيون للعدو على الحدود على السواحل
ولأن كفى تكتب التاريخ تبذره مشاعل
ولأن أحجاري تمزق ستر هاتيك القبائل
ولأن أحجاري تحطم رقعة الشطرنج
تهزأ بالسلاسل
ولأن عظمى هشموه وشوهوا كل المفاصل
سنعيدها أسفار بابل
والقدس بالإسلام يحميها المقاتل
والقدس أرض الأنبياء
والقدس حلم الشهداء
والقدس للدنيا القمر
في القدس قد نطق الحجر
لا مؤتمر.. لا مؤتمر
أنا لا أريد سوى عمر
أنا لا أريد سوى عمر

(5)

سقطت شعارات الفراعنة الصغار
واسود وجه العابثين من اليمين من اليسار
من لحية الشهداء يخرج – أمتي-
ضوء النهار
لمشايخ الأرض القرار
والقدس مجد وفخار
والقدس للدنيا القمر
في القدس قد نطق الحجر
لا مؤتمر.. لا مؤتمر
أنا لا أريد سوى عمر

(6)

يا إخوتي في اللد في يافا وفى أرض النقب
لا تسمعوا صوت العرب
لا تفقهوا لحن العرب
ركعوا فما بقيت ركب
لا تلقموا الطعم ولو كان ذهب
وحجارة السجيل عنوان الغضب
أو كلما ضاءت بأفقي نجمةٌ
جاءت لتطفئها جيوش أبى لهب
لك يا حبيب القلب روحي والعصب
ورمى بك الله العظيم
بنى قريظة والعرب
ورفعت رايات الجهاد
وما تعبت من التعب
والقدس نار ولهب
والقدس للدنيا القمر
في القدس قد نطق الحجر
لا مؤتمر.. لا مؤتمر
أنا لا أريد سوى عمر

(7)

تجري الشموس على أصابع قاذف
المقلاع تعطينا الهوية
وعلى جبين مخيمات المجد
نكتب قادسية
وإذا تهدم منزلي
تحت الجدار أرى الوصية
لا تتركوا علم الجهاد
فتلكم أغلى قضية
ما زال في صدري بقايا أخوية
أين الصواريخ وأين القاذفات العربية؟!
أين المدافع والجحافل والجيوش الأموية؟!
أين الفرات وأين نيلك يا كنانتنا الأبية؟!
بل أين هارون الرشيد يعيد أمجادي إليّه؟!
أنا لا أريد مسيرة
أنا أريد البندقية
واأمة الإسلام، واعربي أريد البندقية
والقدس وا خجلي ضحية
والقدس للدنيا القمر
في القدس قد نطق الحجر
لا مؤتمر.. لا مؤتمر
أنا لا أريد سوى عمر

*كاتب وشاعر فلسطيني
التعليقات (1)
minoch
السبت، 11-03-2023 08:10 ص
ثم أكمل نضاله الشعري في أقرب حانة