في
الوقت الذي تتصاعد فيه التهديدات
الإسرائيلية باتجاه
إيران، فإن التقديرات
العسكرية تبدي تشاؤما إزاء القدرة على تحمل خيار مهاجمتها بسبب قدراتها على إحداث
أضرار جسيمة بدولة الاحتلال، مع أنه منذ العام 2008، أعدّ جيش الاحتلال سلاح الجو
لمهاجمة المفاعل
النووي الإيراني عندما كان صغيرًا ومركّزًا في مكان واحد. أما
اليوم، فقد نما هذا المفاعل، وتصاعد النفوذ الإيراني.
يتسحاق
بريك، الجنرال الإسرائيلي البارز، أكد أنه "في السنوات العشرين الماضية، رسمت
إسرائيل مرارًا وتكرارًا الخط الأحمر مع إيران بشأن معدل تخصيب اليورانيوم، وهددت
بمهاجمتها إذا تجاوزت هذا الخط، الذي بدأ بتخصيب 20٪ من اليورانيوم، لكنه وصل الآن
إلى نسبة 84٪، وحتى اليوم تستمر إسرائيل بتهديد إيران عندما تبث عبر التلفزيون صور
تدريبات مشتركة مع الولايات المتحدة لمهاجمة برنامجها النووي".
وأضاف
في مقال نشرته صحيفة "
مكور ريشون"، وترجمته "عربي21"، أنه "في السنوات العشرين ذاتها، لم تجهز إسرائيل جبهتها الداخلية، ولا الجيش، لردّ
إيراني محتمل على هجوم إسرائيلي على مفاعلها النووي، مع أن ردها سيكون قاسيا وقويا
بآلاف الصواريخ، وإطلاق الطائرات دون طيار كل يوم على المراكز السكانية والأهداف
الاستراتيجية، وصولا لشنّ
حرب إقليمية ستؤدي كل يوم لمئات من مواقع التدمير،
وخسائر فادحة، ودمار هائل، وكارثة لم تشهدها إسرائيل منذ إنشائها".
وكشف
أنه "في عام 2008، استعد الجيش لمهاجمة المفاعل النووي الإيراني، واستثمرت
الدولة 11 مليار شيكل في تجهيز الطائرات للهجوم، وهو ما لم يتحقق في النهاية، بزعم
أن الهجوم سيؤخر تقدم الإيرانيين بتطوير القنبلة النووية لعدد قليل فقط من الأشهر،
ومن ناحية أخرى التقدير الإسرائيلي أن الردّ الإيراني سيتسبب بخسارة تقدر بالمئات،
مع أنه اليوم أصبح الوضع أكثر تعقيدًا، فالإيرانيون لديهم عدة مواقع متناثرة في
أعماق الأرض، وقدرة إسرائيل على مهاجمتها لتأخير تقدمهم في تطوير القنبلة النووية محدودة
جدا".
وأكد
أنه "في المقابل سيكون رد إيران وتداعياته على إسرائيل قاسيا وهائلا يفوق
عشرات المرات رد الفعل الكامل الذي كانت ستحصل عليه لو هاجمتها في 2008، لكن الأسئلة
التي يطرحها كل إسرائيلي على نفسه: إذا كانت الدولة في السنوات العشرين الماضية
تنوي مهاجمة المفاعل النووي الإيراني، فلماذا لم يعدّ قادتها الجبهة الداخلية
والجيش ليتمكن من التعامل مع رد فعل الإيرانيين وتداعياته".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار
إلى أن "عدم وجود جواب حقيقي عن هذا التساؤل يكشف حجم الفوضى الإسرائيلية من
الدرجة الأولى والغطرسة وانعدام المسؤولية الرهيب من قبل القيادة الأمنية
والسياسية تجاه الإسرائيليين، مع أنه حينها لو تم تنفيذ الهجوم فقد كان من الممكن
أن يكونوا مستعدين بشكل أفضل، ويستوعبوا ردة فعل الإيرانيين وعواقبها، ما سيسمح للاحتلال
بشنّ هجوم كاسح على ايران، أما اليوم فقد ضعفت الدولة كثيرًا، لأن تهديداتها ضد ايران
لم تعد تؤخذ على محمل الجد".
تشير
الإحباطات الإسرائيلية بشأن التردد في مهاجمة المفاعل النووي الإيراني إلى أن الجيش
والجبهة الداخلية ليسا على استعداد لحرب إقليمية تندلع بعد الهجوم، لأنه إذا كانت
نية الاحتلال تنفيذ هذا الهجوم حقيقية، فمن الضروري أولاً وقبل كل شيء أن يجهز
جبهته الداخلية وجيشه لامتصاص الضربة الشديدة التي ستؤدي لحرب إقليمية تستعد لها
إيران وحلفاؤها.
في
الوقت ذاته، فإن الاحتلال سيكون مطالبا بالتعامل مع حرب في ستة ساحات في نفس الوقت:
إيران، وسوريا، ولبنان، وقطاع غزة، والضفة الغربية، وفلسطينيي48، وإلا فستكون كارثة
رهيبة هنا في دولة الاحتلال، لأن الجيش ليس جاهزًا لهذه الحرب، وفي حال هاجمت
إسرائيل المفاعل النووي الإيراني قبل أن تعد الجيش والجبهة الداخلية للحرب، فإن
المسؤولية المباشرة عن الكارثة الخطيرة التي ستقع على الإسرائيليين ستوضع على عاتق
القيادة السياسية والأمنية في تل أبيب.