تابعت الأوساط الإسرائيلية عن كثب ما قالت؛ إنه "تلميح" وزير الخارجية السعودي مؤخرا، أن بلاده ستجهز نفسها بالأسلحة
النووية لخلق بُعد للردع ضد إيران، ولذلك تحولت الأنظار الإسرائيلية على الفور إلى
باكستان؛ لأنه منذ أربعين عاما، صدرت شائعات عن انخراط
السعودية في مشروعها النووي، لكن ما يقلق إسرائيل، هو نشوء التقارب الحاصل بين السعودية والصين.
ورغم الاهتمام العالمي والإقليمي بشكل أساسي بكأس العالم في قطر، لكن المحافل الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تراقب ما تعتبره "الغليان المستمر" في الشرق الأوسط، بزعم أنه خلال اجتماع للقادة العرب في أبو ظبي قبل أيام، وضع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان "مسدسا على الطاولة"، وإن كان ضمنيا، لكن الرسالة كانت واضحة تماما، حول عما ستفعله بلاده إذا امتلكت إيران أسلحة نووية، فأجاب أن "كل الخيارات مفتوحة، والسعودية ستبذل قصارى جهدها حتى لا تظل معرضة لهذا التهديد".
أمير بار شالوم الخبير العسكري في موقع "
زمن إسرائيل" العبري، شرح كلام الوزير السعودي قائلا؛ إنه "من الناحية الضمنية، فإن المملكة تقول إنها ستجهز نفسها بأسلحة نووية لخلق بُعد للردع ضد إيران، أما السؤال الذي يطرح نفسه، فهو من أين ستحصل على هذه القدرة؟ مع العلم أنه لأكثر من أربعة عقود هناك شائعات كثيرة حول انخراطها في المشروع النووي الباكستاني، لاسيما وأنه كلما تأخرت المحادثات مع إيران بشأن اتفاق نووي جديد، زاد احتمال حصول المملكة على قنبلة نووية".
وأضاف في مقال ترجمته "
عربي21"، أنه "لا أحد يقول الأشياء الصريحة لشراء قنبلة جاهزة من باكستان، لكن التلميحات السعودية في هذا السياق واضحة، وكذلك تحليل علاقات البلدين، لكنهما لم يؤكدا أبدا هذه الشائعات. أما أكبر تلميح لمثل هذا الانخراط، فجاء على لسان علي عواض عسيري سفير الرياض السابق في إسلام أباد بين 2001-2009، بإعلانه أن السعودية ساعدت خلال السبعينيات الرئيس ذو الفقار علي بوتو لإحباط طموحات الهند النووية".
وزعم أن "الانتباه جيدا للصياغة تحمل تلميحا واضحا للغاية، ولعل لمحة تاريخية عن علاقات البلدين تشير لعمق تعاونهما في التكنولوجيا النووية، رغم أن المملكة لم تتجاوز في أي وقت خطّا أحمر بهذا الشأن؛ لعدم المخاطرة بالانتقاد أو العقوبات الدولية، ولكن في 1999، وفور انتهاء باكستان سلسلة من التجارب النووية الناجحة، زارها الأمير سلطان وزير الدفاع آنذاك، حيث اصطحبه رئيس الوزراء نواز شريف بجولة في موقع تخصيب اليورانيوم في "كويتا"، ثم زار مصنعا عسكريا لعرض صواريخ باليستية مصنعة محليا، قائمة على تكنولوجيا كوريا الشمالية، وتحمل رؤوسا حربية نووية".
وتساءل: "لماذا من المهم جدا لباكستان أن تظهر للسعودية عناصر قدراتها النووية، مع أنها أنشأت مصنعًا للصواريخ بعيدة المدى في قاعدة الوطا العسكرية قرب الرياض، ومن تحليل صور الأقمار الصناعية، يشبه المصنع في الحجم والتصميم مصنعا باكستانيا مماثلا بمدينة خانبور، بهدف تطوير صواريخ بعيدة المدى تعتمد على الوقود الصلب".
لا تمتلك المحافل الإسرائيلية، في ضوء المكشوف على الأقل، معلومات دقيقة عن خطوات سعودية باتجاه حيازة سلاح نووي، لكنها في الوقت ذاته ترجح أن القناة الباكستانية مهمة للمملكة بغرض إنجاز هذا الملف، ولعله ليس من قبيل الصدفة أن ولي العهد محمد بن سلمان يحرص على زيارة باكستان بشكل متكرر، وحتى 2019 زارها ثلاث مرات، وفي أول زيارة له في 2016، بعد عام من توقيع الاتفاق النووي الإيراني، أعلنت باكستان والسعودية عن اتفاقية تعاون عسكري شامل.
في الوقت ذاته، تطرح الأوساط العسكرية الإسرائيلية تساؤلات ما زالت بدون إجابة، عما يمكن أن تقدمه باكستان للسعودية، في ضوء امتلاكها أسلحة أمريكية متطورة، بجانب التكنولوجيا والمعرفة في بناء نظام الردع النووي، لكن القلق الإسرائيلي زاد جرعة مؤخرا عقب زيارة رئيس
الصين إلى السعودية، وما حظي به من استقبال كبير تمثل بحضور الملك سلمان وولي عهده، بعكس ما كان عليه الحال إبان زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي استقبله مسؤول سعودي برتبة صغيرة بمدينة جدة.
مع العلم أن دولة الاحتلال والولايات المتحدة ترصدان عن كثب تفاصيل الحوار المستمر بين الصين والسعودية، وسط اعتقاد أن مصنع الصواريخ السعودي مصمم لتطوير النسخة السعودية من صاروخ M-11 الصيني، كما تجري الرياض محادثات مع بكين حول التعاون في المشاريع النووية المدنية، بعد أن كانت أحد مطالبها من واشنطن عندما دخل بايدن البيت الأبيض، لكنها لم تتلق إجابة بعد، مما جعل السعوديين الذين لا ينتظرون، ينتقلون إلى الصين.