أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن أسفه العميق إزاء وفاة وفقدان عشرات المهاجرين وطالبي اللجوء عقب
غرق قاربهم قبالة السواحل
التونسية قبل أيّام.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم الجمعة، أرسل نسخة منه لـ
"عربي21": إنّ القارب المطاطي الذي أبحر من سواحل مدينة زوارة شمال غربي
ليبيا كان يحمل على متنه نحو مئة من المهاجرين وطالبي اللجوء، قبل أن يتعرض للغرق يوم الإثنين الماضي قبالة سواحل ولاية "صفاقس" جنوب شرقي تونس، ما أدّى إلى فقدان 76 وإنقاذ 24، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
ووفق معلومات تلقّاها المرصد الأورومتوسطي، ينحدر أغلب الضحايا من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وبعضهم من جنسيات عربية، غير أنّه لم يتسن حتى الآن تحديد جنسيات الغرقى بشكل دقيق.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّه مع هذه الحادثة، يرتفع عدد الضحايا الموثّقين من المهاجرين وطالبي اللجوء إلى نحو 800 منذ بداية العام الحالي، قضوا في أكثر من 85 حادثة غرق في مياه المتوسط، وهو ما يساوي تقريبًا ذات العدد في ذات المدة من العام الماضي، ويؤشر بشكل واضح على تجاهل الأطراف المعنية بذل أي جهود لإنقاذ أرواح هؤلاء الأبرياء.
وأكّد أنّ جهود البحث والإنقاذ المتواضعة وضعف الاستجابة لمناشدات قوارب المهاجرين التي تعرّضت للغرق ساهم بشكل مباشر في زيادة أعداد الضحايا، إذ في بعض الحالات يتم اكتشاف حوادث الغرق من قوارب صيد تصادف مرورها في مكان الحادثة، ولا تكون مجهزة بأي من المعدات اللازمة لعمليات الإنقاذ.
ولفت إلى أنّ دول الاتحاد الأوروبي وخاصة دول المقصد تستمر في سياساتها المتشددة تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء، ما يدفعهم إلى اللجوء لطرق ومسارات خطيرة للوصول إلى أوروبا. كما تواصل تلك الدول توفير الدعم لعمليات الصد والإرجاع العنيفة إلى دول غير آمنة، دون النظر إلى الانتهاكات المروّعة التي يتعرض لها
المهاجرون وطالبو اللجوء في تلك الدول.
وقالت باحثة شؤون الهجرة واللجوء في المرصد الأورومتوسطي "ميكيلا بولييزي": "المقلق في التعاطي مع حوادث غرق المهاجرين وطالبي اللجوء أنّ الأطراف المعنية تُريد على ما يبدو أن تستمر حالة التعاطي الاعتيادية مع هذه الحوادث، وكأنّ أرواح الضحايا ليست مهمة ولا تستدعي أي تحركات خاصة لوقف هذه المأساة المستمرة".
وأضافت: "من المهم كمدافعين عن حقوق الإنسان أن نستمر بإعلاء الصوت ضد جميع السياسات التي تتسبب بشكل مباشر أو غير مباشر في استمرار حوادث غرق المهاجرين وطالبي اللجوء في البحر المتوسط. موت المئات كل عام لأسباب يُمكن تفاديها ليس أمرًا طبيعيًا ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يكون كذلك".
وكان المرصد الأورومتوسطي وثّق في تقرير سابق تصاعد أعداد الغرقى من المهاجرين وطالبي اللجوء وكذلك الواصلين إلى أوروبا خلال العام الماضي، إذ تشير الأرقام إلى وصول نحو 116,573 مهاجرا وطالب لجوء إلى أوروبا عبر البحر المتوسط خلال عام 2021، أي بزيادة أكثر من 20% عن عام 2020، والذي شهد وصول 88,143 مهاجرا وطالب لجوء. وبالمثل شهد ذات العام تصاعدًا في أعداد الوفيات والمفقودين في البحر المتوسط، إذ سُجّل وفاة وفقدان نحو 1,864 شخصًا منهم 64 طفلًا، بزيادة تقدر بنحو 21% عن عام 2020 الذي قضى فيه 1,401 شخص.
ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى مسؤولية دول المنشأ والمقصد وجميع الأطراف الأخرى ذات العلاقة بتقديم المساعدة والعون لمن تقطعت به السبل في البحار، والعمل باتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، والتي أكّدت على وجوب إنقاذ ومساعدة الأشخاص الذين تتقطع بهم السبل في البحار، وكذلك الاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ، التي حثّت الدول الساحلية على التنسيق لإنقاذ المكروبين في البحر، والذين يكونون على مقربة من سواحلها.
وجدد المرصد الأورومتوسطي دعوته إلى إعادة إطلاق مهام الإنقاذ الرسمية الأوروبية، وضرورة تسيير دوريات دائمة لضمان التعامل الفعّال مع أي حوادث غرق محتملة، والتعامل بمنظور إنساني واحد مع جميع الضحايا في مختلف أنحاء العالم.
وطالب المرصد الأورومتوسطي الاتحاد الأوروبي بالعمل على توفير قنوات آمنة للهجرة، بما يؤدي إلى حماية المهاجرين وطالبي اللجوء من استغلال تجار البشر، بالإضافة إلى تطوير آليات وظروف الاستقبال، وعدم التعسف في رفض طلبات اللجوء، والعمل على نحو إيجابي لإدماج المهاجرين واللاجئين في مجتمعاتهم الجديدة.