هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت مواقف النظام المصري الأخيرة في الملف الليبي تساؤلات عن ما إذا كانت القاهرة ستحسم موقفها بالتخلي أخيرا عن اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ومساعيه الانقلابية على المؤسسات الشرعية في طرابلس.
وكان رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي قد استقبل وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، مؤخرا، مؤكدا لها دعم المجلس الرئاسي في طرابلس، وحكومته، والعمل من أجل وحدة واستقرار ليبيا.
جاء ذلك في سياق سلسلة من المواقف المصرية "الجديدة" على مدار الأشهر الأخيرة، بعد سنوات من دعم حفتر بل والتهديد بالتدخل عسكريا لإنقاذه، العام الماضي، ومنع الجيش الليبي من انتزاع مدينة سرت الاستراتيجية منه.
ورأى خبراء أن ورقة حفتر لم تعد رابحة بالنسبة للقاهرة، التي لا تريد أن تخرج عن الإجماع الدولي بشأن ليبيا من ناحية، وتسعى بالفعل لتأمين حدودها الغربية وتحقيق المزيد من الاستقرار هناك، من ناحية أخرى.
تحرك براغماتي
وفي حديث لـ"عربي21"، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير عبد الله الأشعل، إن هنالك بالفعل توجها جديدا.. "بدأ يدرك مصالح مصر ويتصرف ببراغماتية سياسية بعيدا عن أي مزايدات من أطراف أخرى".
وحول موقف مصر من حفتر وتراجع دعمها له أكد الأشعل أنه ربما لم يعد ورقة رابحة على الأقل في هذا التوقيت، وأن مصر فضلت أمنها واستقرار حدودها الغربية على المغامرات العسكرية غير المحسوبة، والتي كانت تقف وراءها الإمارات، بحسبه، لا سيما في ظل الدعم الدولي المتنامي لاستقرار الجارة الغربية وإنهاء النزاع العسكري هناك.
حفتر خارج الحسابات المصرية
ومن جانبه قال الخبير بالشأن الليبي خيري عمر، إنه بالفعل يمكن القول إن مصر حسمت أمرها تجاه ليبيا وأرادت الاستقرار لهذا البلد لضمن الاستقرار على الحدود.
ومن هنا، فإنه -بحسب "عمر"- تعاملت مصر مع الحكومة الليبية في العاصمة طرابلس باعتبارها الحكومة المعترف بها دوليا، فضلا عن إثباتها قدرتها على تحقيق الاستقرار.
اقرأ أيضا: الدبيبة والمنفي يستقبلان رئيس مخابرات مصر.. والأخير يلتقي حفتر
وقال عمر، في حديث لـ"عربي21"، إن هذا الخيار كان قد تم إقراره في القاهرة منذ العام الماضي، باستضافة فاعليات ومؤتمرات ليبية وهو ما مهد للتوافق والمخرجات الحالية التي رفعت عن مصر أعباء كثيرة فيما لو استمر النزاع العسكري.
وأضاف: "بالنسبة لموقف القاهرة من خليفة حفتر فهو لا يمثل لها أي خيار سياسي ولا تراهن عليه كثيرا.. منذ فشل هجوم طرابلس كانت مصر تعيد النظر في أمور كثيرة بشأن حفتر، بداية من التراجع عن الدعم العسكري، مرورا بمحاولات التوفيق بين المتنازعين، وصولا إلى تجاوز حفتر والتنسيق مع طرابلس".
وحول تأثير بعض الدول على القرار المصري بشأن ليبيا، وخاصة الإمارات وتركيا، قال عمر: "كانت هناك ضغوط قوية من الإمارات على القاهرة للاستمرار في الحل العسكري، ولكن كفة التوجه للحل السياسي داخل مصر ومؤسساتها السيادية انتصرت في نهاية المطاف، وربما هذا أغضب أبو ظبي، لكن يجب مراعاة أن مصر في مرمى نيران الأزمة بينما الإمارات بعيدة تماما".
وبشأن التواجد التركي ورؤية مصر له قال: "ربما يكون الأمر حوله جدل لكن يبدو أن هناك تفاهمات ما بين الطرفين أدت إلى هذه النتائج الأخيرة وقناعة كل طرف بما حصل عليه، وأن ما جمعهما هو التعاطي مع الاتجاه الدولي لاستقرار ليبيا وإنهاء النزاع العسكري وهو ما توافق عليه الطرفان أيضا".
"لا تخلي عن حفتر"
أما خبير العلاقات الدولية السيد أبو الخير فيقول: "لا أعتقد أن ما تقوم به مصر تجاه ليبيا والحكومة الليبية الحالية يأتي في إطار الاستراتيجية، ولكن ما يريده النظام هو ألا يكون بعيدا عن ترتيبات الوضع هناك حتى لا يخرج من المشهد ويكون على علم بما يجري".
وأضاف خبير العلاقات الدولية في حديثه لـ"عربي21" أن مصر "ما زالت مستمرة فى الانحياز لحفتر وتبادل الزيارات"، مؤكدا أن دعم القاهرة لحفتر هو "الاستراتيجية الثابتة لها في ليبيا، وهو رأس الثورة المضادة التي أيدتها مصر في كل الدول.. مصر تريد معرفة ما يجري حتى تستطيع دعم حفتر بما يناسب المرحلة".