مقالات مختارة

دعوات تفكيك قبة الصخرة… من وراءها؟

علي الصالح
1300x600
1300x600

سؤال افتراضي حتى الآن وقد يعتبره البعض جنونيا، لكنه ليس مستبعدا ولا مستحيلا، بعد كل ما شاهدناه وعايشناه من تصرفات دولة الاحتلال وأعوانها، وتحركاتهم المريبة في غضون الأشهر القليلة الماضية.

السؤال هو: هل يمكن أن تكون مطالبة المستوطنين بتفكيك قبة الصخرة ومسجدها، لإقامة هيكلهم المزعوم لاستقبال المسيح المنتظر لها أساس؟

 

وهل هذه فكرة جنونية؟ أم أنها فكرة مطروحة لجس النبض، ومعرفة ردود الأفعال عليها تمهيدا للإقدام على الخطوة التالية، خاصة أن سلطات الاحتلال تقوم بأعمال حفر حثيثة في ساحة البراق والقصور الأموية، ضمن مشروع استكمال تهويد جنوب غرب المسجد الأقصى، أضف إلى ذلك أن طاقم مسّاحين إسرائيليين، اقتحموا الحرم القدسي قبل أيام بحراسة الشرطة، وشرعوا في عمليات مسح، لكل أجزاء المسجد، مستخدمين أجهزة مسح ضوئي إلكتروني ثلاثي الأبعاد، بدعوى أن أعمال المسح تجري لأغراض سياحية. ويذكر في هذه المناسبة أن رسم الهيكل المزعوم موجود وجاهز للتنفيذ.


وأمام هذه الإجراءات الإسرائيلية المستجدة، قد يستيقظ الفلسطينيون والمسلمون ذات صباح وقد تبخر المسجد الأقصى وقبة الصخرة ومسجدها، عندئذ لن يكون بوسعهم فعل شيء أمام الواقع الجديد سوى الندم، حيث لا ينفع الندم والبكاء على الأطلال وعض الأصابع.

 

ونذكّر مجددا بما قالته غولدا مائير رئيسة وزراء دولة الاحتلال (التي تحظى بإعجاب الكاتبة سهام القحطاني في جريدة «الجزيرة» السعودية) في اليوم التالي لحرق المسجد الأقصى علم 1969 «لم أنم ليلتها وأنا أتخيل كيف أن العرب سيدخلون إسرائيل أفواجا أفواجاً من كل حدب وصوب، لكنني عندما طلع صباح اليوم التالي ولم يحدث شيء أدركت أن بمقدورنا أن نفعل ما نشاء فهذه أمة نائمة».

 

ألا يمكن وهذا أيضا سؤال افتراضي، أن تكون تصرفات أطراف عربية وصمتها وتحركاتها وإجراءاتها واتفاقاتها، هي التي شجعت المستوطنين وأقنعتهم بمطالبة حكومتهم بالتدخل لدى الحكومة الأردنية ودائرة شؤون الأوقاف الإسلامية في القدس، بتفكيك قبة الصخرة ومسجدها، وبذلك يضربون عصفورين بحجر واحد، أولا مساعدة الرفاق الجدد «المستوطنين» في إسرائيل على التخلص من مشكلة الحرم القدسي، الذي يقف حجر عثرة في «طريق السلام الإسرائيلي» وثانيا تمكين المستوطنين من بناء هيكلهم المزعوم.

السلام يكون بين دولتين متحاربتين، لا بين دول لا تجمعهما حدود جغرافية، ولم يطلقا يوما رصاصة واحدة صوب بعضهما بعضا

ونسأل كل من يعتقد أن هذه مجرد تخريفات صحافية، ولا يصدق أن يصل الانحطاط ببعضنا إلى هذا الحضيض، ما الذي قد يقف في طريق إقدام هؤلاء «البعض» على مثل هذه الخطوة، بعد أن أماطوا اللثام عن وجوههم الحقيقية في التعامل الفاضح مع دولة الاحتلال، والدوس على كل المحرمات.


* فعلى سبيل المثال لا الحصر ألم يتعد نظام محمد بن زايد في الإمارات جميع الخطوط الحمر، وهو يبرم مع يوسي داغان رئيس مستوطنات شمال الضفة، أو كما تفضل زبانيته تسميتها باسمها الاحتلالي «يهودا والسامرة» وعلى تراب إمارة دبي، أربعة عقود، لتصدير منتجات المستوطنات من نبيذ وطحينة وزيت وزيتون مسروق من المزارع الفلسطينية.

 

ووصف داغان، خلال إشرافه على عملية التصدير، قوله «إنه يوم تاريخي للسامرة ودولة إسرائيل». وحسب «القناة السابعة» الإسرائيلية، فإن أولى الشحنات التجارية من منتجات المستوطنات، وصلت فعلا إلى أسواق إمارة دبي.


والشيء بالشيء يذكر، فقد انطلقت قبل أيام في لوكسمبورغ أعمال جلسة الاستماع الأولى لمحكمة العدل الأوروبية، في قضية منع دخول منتجات المستوطنات إلى الأسواق الأوروبية، وكانت محكمة العدل الأوروبية قد أصدرت حكما قضائيا في نوفمبر2019 لتمييز منتجات المستوطنات، من خلال وضع إشارة واضحة بأنها «منتجات مستوطنات إسرائيلية من الأراضي المحتلة» بما فيها الجولان.


* وما معنى إقدام أحد أفراد الأسرة الحاكمة في الإمارات على شراء 50% من أسهم نادي بيتار القدس، أو كما يفضل أن يسميه الشريك الجديد الشيخ حمد بن خليفة بيتار يورشلايم. وهو النادي الأكثر يمينية وتطرفا، ومشجعوه من غلاة التطرف ومعاداة العرب والمسلمين، ويخطون جداريات تشتم العرب، خاصة الإماراتيين والمسلمين والرسول الكريم.


* وبماذا نفسر المشاركة في إشعال الشمعدان في ساحة البراق، التي يطلق عليها اليهود ساحة المبكى، احتفاء بعيد حانوكا (الأنوار) وسبقهما إلى ذلك سفيرا الإمارات والبحرين في لندن في إشعال الشمعدان.
وهل كان هناك وحتى فترة ليست بالبعيدة من كان يعتقد أن سيأتي اليوم الذي سيسمح فيه لانضمام كاتبة إماراتية مثل نجاة السعيد كمعلقة وكاتبة عمود إلى صحيفة «إسرائيل اليوم» الناطقة باسم نتنياهو، التي يملكها الملياردير شيلدون أدلسون، الذي توفي قبل أيام، صاحب أكبر شركة كازينوهات في العالم، الذي دعم حملة ترامب الانتخابية بمئتي مليون دولار. وتعد هذه الصحيفة من أشد الصحف العبرية تطرفا ويمينية وعنصرية.


وما هو قصد من يدفع زبانيته للإشادة بجيش الاحتلال، واعتباره الأكثر إنسانية، اليس الإساءة للشعب الفلسطيني وقضيته وشهدائه وأسراه وجرحاه.
وهل كان يمكن أن نسمع يوما من «عربي» وهو يتباهى بإعلان صهيونيته على شاشات التلفزيون.

من يأتي أفعالا كهذه، أو يسمح بها لا يستبعد ارتكابه كبائر الفواحش الخيانية، ولن تردعه قبة صخرة ولا مسجد أقصى، ولا حتى كل فلسطين. من يسمح بذلك على حساب المصالح الوطنية الفلسطينية ليس عنده محرمات ولا خطوط حمر.

 

ومن ذا الذي يستطيع أن يردعه؟ فما فعله ويفعله نظاما البحرين والإمارات تجاوز كل شيء معقول وغير معقول، وما كنا لنصدقه قبل نحو عام حتى ونحن نعرف أن هذا النظام كان يهرول، على نحو غير مسبوق، نحو توقيع اتفاق العار والمذلة والخيانة مع دولة الاحتلال.

 

ويخطئ من يصف هذا الاتفاق بالسلام، فالسلام يكون بين دولتين متحاربتين، لا بين دول لا تجمعهما حدود جغرافية، ولم يطلقا يوما رصاصة واحدة صوب بعضهما بعضا لا من قريب ولا من بعيد.


وأخيرا وبالمقارنة فقد وقع 60 شابا إسرائيليا في سن التجنيد على عريضة موجهة لوزيري جيش الاحتلال والتعليم، ورئيس الأركان، أعلنوا فيها رفضهم الخدمة في الجيش بسبب الاحتلال. وينتقدون جهاز التعليم بسبب المواضيع التي تبرزها مثل تشجيع التجند للجيش الإسرائيلي، والرواية الصهيونية في دراسة التاريخ والتوراة، وأيضا بسبب الأمور التي يتجاهلها مثل طرد العرب الفلسطينيين في1948 وخرق حقوق الإنسان في المناطق المحتلة عام 1967.

 

وتناول الشباب «سياسة الأبرتهايد» التي تنعكس في وجود نظامين مختلفين للقانون، الأول للفلسطينيين، والثاني لليهود و»تراث النكبة والاحتلال» الذي ينعكس من بين أمور أخرى في عنصرية المجتمع، وفي الخطاب السياسي التحريضي وعنف الشرطة».


وأختتم بما قاله القس رفائيل ورنك من الحزب الديمقراطي الذي فاز بمقعد مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا، وهو من أجرأ وأشد المدافعين عن القضية الفلسطينية ويربط الفصل العنصري، الذي تمارسه دولة الاحتلال بالتمييز العنصري ضد الأمريكيين من أصول افريقية في الولايات المتحدة.

 

ويدافع بشراسة عن حقوق الفلسطينيين، فقد صرح أكثر من مرة، اذا كان اعتبار «شعار حياة السود مهمة» معاديا للبيض، فإن حياة الفلسطينيين مهمة وإن اعتبروها «معادية للسامية».

 

وينضم القس ورنك إلى مناصري القضية الفلسطينية داخل الكونغرس، الذين تتزايد أعدادهم تدريجيا وباطراد ما يبشر بالخير.

 

عن صحيفة القدس العربي 

0
التعليقات (0)

خبر عاجل