مقالات مختارة

أمريكا.. ماذا بعد ترامب؟

فارس الحباشنة
1300x600
1300x600

هل سيكون اقتحام انصار وموالي ترامب للكونغرس الفصل الأخير من استعراضات سيرك بهلوانية امتزجت بالجد والتهريج، وأفقدت الديمقراطية الأمريكية صورتها وبريقها، وتعبيرها عن الرأي العام باختلاف اتجاهاته المختلفة والمتعددة، وبل كادت أن تحيط بالديمقراطية؟ وسمعنا كيف ثار غضب سياسيي أمريكا والغرب بتوصيف ما جرى بأنه تشويه وتلويث للديمقراطية الأمريكية.


ترامب مضارب سياسي. ولا يريد الخسارة ولا يحتملها، رغم اعتذاره عما قام به أنصاره من اقتحام الكونغرس. لربما هي مسافة زمنية ضئيلة كادت أن تهدم هيكل الديمقراطية الأمريكية على رؤوس الجميع دون استثناء، ولا فرق بين أتباع وأنصار وموالي ترامب عن بادين، فالجمل بمن حمل!


ولعل العرب أكثر شعوب الكرة الأرضية أصيبوا بالدهشة من الديمقراطية الأمريكية، فماذا قد جرى في بلاد العم السام؟ أمريكا أكبر مصدر للديمقراطية وحقوق الإنسان، وأم الديمقراطيات والليبرالية، فهل يعقل ما جرى إذن؟


ومن بعد غزوة الكونغرس، ماذا سيقول الرئيس الجديد بايدن وفريقه السياسي والدبلوماسي لحلفاء وأصدقاء أمريكا في العالم، وتحديدا في الشرق الأوسط؟ وكيف سيقيمون الديمقراطيات الناشئة وحديثة الولادة والمعتاشة على التمويل ووصايا الخارجية الأمريكية؟


الجمهور العربي تفجر ضحكا وسخرية واجتاحت هاشتاغات: «الربيع الأمريكي وترامب يستعين بوزير داخلية عربي» وسائل التواصل الاجتماعي. لربما هي أقدار، ومن لعنات وحكم التاريخ أن يسخر عربي من الديمقراطية الأمريكية، وهو في حياته لم يصل إلى صندوق اقتراع، وإن وصل إلى الصندوق فإن إرادته الانتخابية والسياسية تكون مشوهة.


وليست مصادفة ما شاهدنا من صور لمؤيدي ترامب يرتدون الكابوي الأمريكي، ويدسون على الكابيتول المؤسسة المقدسة بالديمقراطية الأمريكية. وهي إشارة إلى أن ثمة تيارا بالمجتمع الأمريكي متحمس ومؤمن بأفكار ترامب. وقد اختاروا التمرد على المؤسسة الرسمية والنظام الديمقراطي، وفي ملابسهم وما يرتدون من إشارات تمثل انتصارا لـ «ثقافة الكابوي»، وهي من وجوه أزمة وهشاشة الديمقراطية الأمريكية.


وما قد أعلن دستوريا فوز بايدن بالرئاسة الأمريكية. وقد ذهب ترامب مع أدراج شهوة جامحة ومجنونة بالبقاء في السلطة بأي ثمن، وعدم التنازل عن الرئاسة بالطرق السلمية. ترامب نرجسي انتخبه الأمريكيون، وخرج من البيت الأبيض بالدم والسلاح والعنف السياسي، وخسارته في معركة الرئاسة قسمت المجتمع الأمريكي بين صفين وتيارين وفريقين مع وضد ترامب.


فهل تحيا الترامبية لتكون مشروعا مضادا ونقيضا لأدبيات الديمقراطية الأمريكية، وتيارا يناهض الطبقة والنخبة السياسية التقليدية؟ وكتلة ترامب الغاضبة هل ستثور على المؤسسات المالية الرأسمالية الكلاسيكية، ونسمع أخبارا عن اقتحام لويل ستريت والبنك الفدرالي الأمريكي ومؤسسات المال في نيويروك وشيكاغو؟ أسئلة في عارض أزمة أمريكية، لربما لا تطوى فصولها بتتويج بايدن رئيسا منتخبا، ولا إعلان ترامب عن خسارته في انتخابات الرئاسة.


دعونا ولنر.. ماذا ستحمل الأيام القادمة لأمريكا ما بعد ترامب؟

 

(عن صحيفة الدستور الأردنية)

0
التعليقات (0)