تقارير

قرار (242) الأشهر دوليا والأكثر غموضا!

القرار 242 نص على إنهاء حالة الحرب و"الاعتراف ضمنا بإسرائيل" دون ربط ذلك بحل قضية فلسطين (أرشيف)
القرار 242 نص على إنهاء حالة الحرب و"الاعتراف ضمنا بإسرائيل" دون ربط ذلك بحل قضية فلسطين (أرشيف)

ربما يقف على رأس قائمة القرارات الدولية التي صدرت عن الأمم المتحدة، وبقي لنحو ربع قرن الأكثر تداولا في منطقة الشرق الأوسط، وفي كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وهو في نفس الوقت أحد القرارات التي بقيت حبرا على ورق، ولم ينفذ منه أي بند سوى ما يخدم المصالح الإسرائيلية.

القرار رقم (242) هو قرار أصدره مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1967، وجاء في أعقاب حرب حزيران / يونيو 1967 والتي أسفرت عن هزيمة الجيوش العربية واحتلال الضفة الغربية وسيناء والجولان.

اعتبر القرار وقتها حلا وسطا بين عدة مشاريع قرارات طرحت للنقاش بعد الحرب. وورد في المادة الأولى: "انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت في النزاع الأخير". وقد حذفت "أل" التعريف من كلمة "الأراضي" في النص الإنجليزي بهدف المحافظة على الغموض في تفسير هذا القرار، وعدم الحديث عن أراض محددة للاختلاف بين النصين الفرنسي والإنجليزي، وكلاهما يعد نسخة رسمية، ترك مجالا واسعا للتأويل، فالنص الإنجليزي، تحدث عن انسحاب إسرائيلي من "أراض محتلة" دون أن يحدد ما هي هذه الأراضي، في حين نصت النسخة الفرنسية على "انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت في النزاع الأخير".. 

 

رغم أن القرار (242) لا يأتي على ذكر فلسطين ولا على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، ويحتمل الغموض واللبس في صياغته إلا أنه اعتبر مرجعية دولية في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وهو الوثيقة الدولية الوحيدة التي تدعو إلى الانسحاب من الأراضي العربية التي احتلت في حرب 1967.

 


ونص القرار على إنهاء حالة الحرب و"الاعتراف ضمنا بإسرائيل" دون ربط ذلك بحل قضية فلسطين التي اعتبرها القرار مشكلة لاجئين يجب العمل على "تسويتها". وشكل هذا القرار منذ صدوره الأساس في كل المفاوضات والمساعي الدولية والعربية لإيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي.

وجاء نص القرار على النحو التالي: 

"إن مجلس الأمن، يعرب عن قلقه المستمر إزاء الأوضاع الخطيرة في الشرق الأوسط. ويؤكد أنه لا يجوز اكتساب الأراضي بالحرب، كما يؤكد على الحاجة للعمل من أجل سلام عادل ودائم يسمح لكل دولة في المنطقة بالعيش بأمن.

ويؤكد كذلك أن كل الدول الأعضاء قد التزمت بموافقتها على ميثاق الأمم المتحدة، بالعمل وفق المادة الثانية من الميثاق.

1 ـ يؤكد أن تنفيذ مبادئ الميثاق يتطلب إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط يجب أن يشمل تطبيق المبادئ التالية:

أ ـ انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من أراضٍ احتُلت في النزاع الأخير.
ب ـ إنهاء كل حالات الحرب والمطالب المتعلقة بها، واحترام السيادة ووحدة الأراضي والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة والاعتراف بها، بالإضافة إلى حقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها دون تهديدات أو استخدام القوة.

2 ـ ويؤكد على ضرورة:

أ ـ ضمان حرية الملاحة عبر الممرات المائية الدولية في المنطقة.
ب ـ التوصل إلى تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين.
ج ـ ضمان عدم انتهاك حرمة الأراضي والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة عن طريق اتخاذ إجراءات من بينها إقامة مناطق منزوعة السلاح.

3 ـ يطلب من السكرتير العام تعيين ممثل خاص للتوجه إلى الشرق الأوسط من أجل إقامة اتصالات بالدول المعنية ومواصلة هذه الاتصالات من أجل دعم الجهود الرامية إلى تحقيق تسوية سلمية ومقبولة وفق نصوص ومبادئ هذا القرار.

4 ـ يطلب من السكرتير العام تقديم تقرير إلى مجلس الأمن بصدد سير مهمة ممثله الخاص في أقرب وقت ممكن". 

وتمر الذكرى 53 لصدور قرار (242) بعد أن دخلت القضية الفلسطينية منعطفا خطيرا بعد تحالف أمريكي إسرائيلي لتصفية هذه القضية، بما يخالف القرارات الدولية وفي مقدمتها القرار الشهير.

فقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية ما عرف إعلاميا بـ "صفقة القرن" المزعومة، التي دعت إلى إقامة حكم ذاتي فلسطيني تحت مسمى "دولة" على مناطق ومساحات غير متصلة جغرافيا، وتقطع أوصالها المستوطنات الإسرائيلية التي واصلت نموها وتوسعها على حساب الأراضي الفلسطينية.

وقد ألحقت فترة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضررا كبيرا في القضية الفلسطينية بعد أن أعلنت عام 2019، أنها لم تعد تعتبر الاستيطان "غير قانوني".

وعمدت إلى إنكار حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة وفعلت أكثر من ذلك بأن أنكرت وجود ما يسمى لاجئين أصلا، وبدأت خطوات تنفيذية في هذا الشأن حين حاصرات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وأوقفت تمويلها لهذه المنظمة الحيوية.

وزاد من تعقيد القضية الفلسطينية وضياع حقوق الفلسطينيين موجة تطبيع العلاقات بين عدد من الدول العربية ودولة الاحتلال.

ورغم أن القرار (242) لا يأتي على ذكر فلسطين ولا على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، ويحتمل الغموض واللبس في صياغته إلا أنه اعتبر مرجعية دولية في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وهو الوثيقة الدولية الوحيدة التي تدعو إلى الانسحاب من الأراضي العربية التي احتلت في حرب 1967.

وفي جميع الأحوال فقد كان الغموض متعمدا ومقصودا بهدف إبقاء القرار ولأنه كان بمثابة مساومة بين واشنطن وموسكو صاغها رئيس الوفد البريطاني لدى الأمم المتحدة اللورد كارادون بدهاء فكان ينتقي الكلمات والأحرف بعناية فائقة خرج في نهايتها القرار (242) أحد القرارات الحاسمة في الصراع العربي الإسرائيلي التي وضعت على الرف دون تنفيذ.

التعليقات (0)