مقابلات

مستشار وزير أوقاف مصر الأسبق لـ"عربي21": المقاطعة سلاح مهم

الصغير: المؤسسات الدينية بمصر صارت أقسام شرطة تابعة للداخلية
الصغير: المؤسسات الدينية بمصر صارت أقسام شرطة تابعة للداخلية

الشعوب تجاوزت الحكام في أزمة الرسوم المسيئة


موقف ماكرون من أزمة الرسوم تتسم بالغباء السياسي، والمقاطعة أوجعته

 
رد الفعل الإسلامي الرسمي جاء ضعيفا، باستثناء تركيا وباكستان وماليزيا


شيخ الأزهر يحاول الحفاظ على مكانة الأزهر وشيخه رغم ما يواجهه


المؤسسات الدينية بمصر صارت أقسام شرطة تابعة للداخلية

هناك تواطؤ دولي بشأن قضية فلسطين والقدس، والتطبيع خنجر في ظهر الأمة

عبر مستشار وزير الأوقاف المصري السابق الشيخ محمد الصغير عن تقديره لموقف الشعوب الإسلامية من الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما أشاد باستخدامها لسلاح المقاطعة في معاقبة فرنسا ورئيسها وحكومتها لموقفها من هذه الرسوم، واصفا ذلك بالإبداع من جانب هذه الشعوب.

ووصف الداعية وعضو اتحاد علماء المسلمين في حواره مع "عربي21" هذه الرسوم بالحملة الممنهجة التي تتصف "بالعنصرية البغيضة"، وهي "تعبير عما تخفيه صدور الغرب ودوله من الإسلام والمسلمين ورسولهم الكريم بدعوى حرية التعبير، وهو ما لا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال؛ لأن حرية التعبير لا تعني أبدا الإساءة للمقدسات والرموز الدينية والأنبياء".


كما تناول عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في حواره واقع المؤسسات الدينية ودورها وعلاقتها بالحكام، سواء بمصر أو العالم الإسلامي، والمشاكل التي تعاني منها هذه المؤسسات ومحاولات تطويعها، سواء من جانب دولها أو الدول الممولة لها.

ووصف الداعية الإسلامي المؤسسات الدينية بمصر بأنها أقسام شرطة تابعة لوزارة الداخلية.

وتاليا تفاصيل الحوار:

الإساءة رسالة عنصرية بغيضة

كيف ترى الإساءة لرسولنا الكريم مؤخرا بدعوى حرية التعبير؟


الإساءة كلمة سيئة، ومن قام بها ارتكب فعل سيئا، ولا يمكن وصف ذلك بأنه حرية تعبير بحيث يصل الأمر إلى الإساءة للأنبياء والمقدسات، فهذا نوع من العبث وليس كما يدعي الغرب أنه من حرية التعبير، وهو ما حاول أن يروجه مؤخرا الرئيس الفرنسي ماكرون.

وما هي الرسالة التي ترسلها هذه الرسومات المسيئة؟


قضية الإساءة في الغرب ليست عنوانا لحرية التعبير، ولكنها رسالة تعبر عما يجيش بالصدر من بغض وكره للإسلام، وتكشف عن نفَس عنصري بغيض، وتعبير عما تخفيه صدورهم من بغض وكره للإسلام والمسلمين.

الموقف الشعب والرسمي

وكيف ترى ردة فعل العالم الإسلامي على هذه الرسومات المسيئة؟

ردة الفعل على هذه الإساءات تسير في مسارين، مسار رسمي؛ دول وحكومات، وهذا كان أقل من المتوقع وأدنى من المستحق، ومع ذلك كان هناك بعض المواقف من جانب تركيا وباكستان وماليزيا. ولكن بشكل عام، لم يكن الموقف الرسمي بالقوة المطلوبة، ولكن يجب الإشارة هنا إلى موقف شيخ الأزهر ومفتي سلطنة عمان، وهو موقف يحترم.

وماذا عن الموقف الشعبي؟

شعبيا؛ امتلكت الشعوب سلاحا حضاريا وسلميا تمثل في المقاطعة واستعملته بذكاء، وبدأ يؤتي ثماره الفعلية تجاه فرنسا، وهذا موقف رائع وفيه إبداع، وكشف عن جانب من قدرة الشعوب على تغيير الأحداث بعيدا عن الحكام.

وكيف ترى موقف الرئيس الفرنسي ماكرون من الرسومات المسيئة؟

تبني ماكرون للرسوم المسيئة يدل على غباء سياسي وعدم وضوح رؤية وقلة التجربة، وهذا مرده لقلة خبرته السياسية وتغليب صوت الشباب والحماس على صوت العقل، وكان يجب عليه أن يدرك أن الاسلام هو الدين الثاني في فرنسا، وأن المسلمين هناك ساهموا في إيصال ماكرون للسلطة، لكن فرنسا هي راعية الكاثوليكية في العالم، وحاول ماكرون مخاطبة اليمين المتطرف ومداعبة مشاعره. ولكن تراجع ترامب وعنصريته، ربما يجعل ماكرون يراجع حساباته ولا يستعمل هذا النفس العنصري البغيض، ولا يحاول تحقيق مكاسب سياسية، وهو ما حذر منه رئيس أساقفة تولوز بفرنسا ووزير العدل الفرنسي، وهذه أصوات عاقلة بالداخل الفرنسي ينبغي أن يسمع لها.

سلاح المقاطعة

وهل أوجع سلاح المقاطعة ماكرون وفرنسا؟


سلاح المقاطعة هو سلاح شعبي استخدمته الشعوب قبل ذلك ونجح بالهند وجنوب أفريقيا، والشعوب الإسلامية أبدعت في استعماله، وساعد في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، وكان تأثيره قويا؛ خاصة أن السيطرة فيه كانت للشعوب، وهو ما اعترفت به فرنسا وطالبت بإنهاء هذه المقاطعة بلهجة تفتقد للياقة واللباقة، ولكن لا بد من الاستمرار فيها حتى تحقيق أهدافها واستمرارها ونجاحها حتى نحقق أهدافنا بوضوح، ويمكن للمسلمين استخدام سلاح المقاطعة ضد الحكومات التي تمارس أي عنصرية ضدهم، كما يحدث ضد القدس في فلسطين والإيغور في الصين والروهينغا في ميانمار.


وماذا عن حوار ماكرون مع قناة الجزيرة؟

 
لا أعتقد وقفَ المقاطعة بسبب حوار ماكرون المتعجرف مع فضائية الجزيرة ورفضه الاعتذار الواضح، مما أعطى المقاطعة حيوية وانتشارا أوسع.

المؤسسات الدينية بمصر وتراجع دورها

كيف ترى وضع المؤسسات الدينية في مصر؟

 
المؤسسة الدينية في مصر عبارة عن مثلث له ثلاثة أضلاع، رأسه وقمته مشيخة الأزهر وهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية وهذه برئاسة شيخ الأزهر، وضلع تمثله وزارة الأوقاف، وضلع تمثله دار الافتاء، وهذان الضلعان كأنهما قسم شرطة، فكما هناك مباحث السياحة مثلا أيضا هناك مباحث الأوقاف والإفتاء؛ لأنهم يعبرون عن النظام، ولذا يحاول النظام أن يحدث وقيعة بين الإفتاء والأزهر، وأن يخرج الإفتاء عن إشراف الأزهر ويجعله عمامة مساوية لعمامة الأزهر، ولكنهم فشلوا في ذلك ولم يستطع البرلمان أن يفعل ذلك، وحكم مجلس الدولة بعدم دستورية القانون وعواره الدستوري.

وماذا عن شيخ الأزهر؟


شيخ الأزهر يمثل الدولة، ولكنه يحاول أن يحافظ على الأزهر وإصلاحه ومكانة شيخ الأزهر وينأى بالأزهر عن السياسة، وهذه المواقف من شيخ الأزهر أغضبت السيسي.

وهل يستطيع السيسي إقالة شيخ الأزهر؟

من الصعب أن يقوم السيسي بهذا الإجراء كما حدث مع وزير الدفاع ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابقين، رغم أن القانون حصن منصبيهما. صحيح أن السيسي ليس له خطوط حمراء، ولكن كلفة إقالة شيخ الأزهر أكبر من المكاسب، ولشيخ الأزهر عوامل قوة بالداخل والخارج لها كلمة على السيسي، تستطيع أن تحصن شيخ الأزهر وتمنع إقالته.

وهل يمكن تطوير هذه المؤسسات واستعادة دورها؟

المؤسسات الدينية نالها من العطب ما نال كل المؤسسات في مصر وهي جزء من النظام، وبعد الثورة كانت هناك محاولات للإصلاح، ورأينا كيف كان أداء وزارة الأوقاف وكيف أن برلمان الثورة أعاد هيئة كبار العلماء وقانون الوقف، وجعل ما يتعلق بالمناصب القيادية من قبل هيئة كبار العلماء يتم بالاختيار والشورى، وعند استعادة مصر ستكون هذه المؤسسات في الطليعة، وستعود وتسترد مكانتها الطبيعية سريعا بإذن الله.

فلسطين والتطبيع

كيف ترى القضية الفلسطينية وما يجرى في القدس؟

هي قضية المسلمين الأولى والعدو نفسه جعلها قضية دينية منذ البداية حين سماها "إسرائيل" على اسم نبي، وكذلك الاستيطان والاحتلال يقوم على الديانة اليهودية وحدها.

والعالم كله متواطئ مع جرائم الاحتلال، ومما زاد الطين بلة أن الدول الإسلامية التي كانت تتبنى القضية بدأت بالتطبيع، وباتت هذه الأنظمة خنجرا في ظهر الأمة، واتسع لها لحاف "إسرائيل" وأصبح عليها جنابة لا يطهرها ماء البحر أو ماء النهر.

هناك منظمات إسلامية مثل المؤتمر الإسلامي وغيرها، كيف ترى أداءها تجاه القدس؟

أداؤها باهت تجاه القدس، وهي المحتلة وليس القدس فقط، فهي متأثرة بدول المقر أو التمويل، ولا تتحرك خطوة إلا بدعم الدول الراعية أو الداعمة، وليس لها موقف يذكر أو ينشر تجاه هذه القضية العادلة والمقدسة.

وماذا عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين؟

هي مؤسسة وهيئة علمائية ولا تتبع لدولة بعينها، وإنما هي مؤسسة لعلماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، لكنها تعاني بعض المشاكل؛ مثل عدم وجود دعم كاف لها، ومحاربة بعض الدول الإسلامية والعربية لها، ووضع العلماء على قوائم الإرهاب. هذا كله يحدّ من دوره ولا يسمح له أن يقوم بدوره كما ينبغي.

أيضا هناك بالاتحاد من يمثل دولته ووجهة نظرها، ويحاول أن يؤثر على قرارات الاتحاد وعلى اتجاهاته، بما يتناسب مع الدولة التي ينتمي لها أو يقيم فيها، وهذا شيء مؤسف بالطبع.

وماذا عن دورك وموقعك في الاتحاد؟

أصبحت عضوا بمجلس الأمناء وهذا الاختيار يكون بالاقتراع المباشر، وعلماء الاتحاد هم من يختارون ذلك بالاقتراع السري المباشر لأعضاء الأمانة العامة، أو مجلس الأمناء، أو رئاسة الاتحاد.

وأرى أنه آن الأوان لأن أكون عاملا مساعدا في تحقيق بعض ما يتمناه العالم الإسلامي والأمة، وإذا شعرت بأنني لا أستطيع أداء دوري نظرا لبعض العقبات التي أشرت إليها، سأتقدم باستقالتي أو لا أترشح للدورة القادمة.


 
0
التعليقات (0)

خبر عاجل