ملفات وتقارير

ترامب أم بايدن.. مع من تكمن مصلحة عمّان؟

انسحاب أمريكا من المنطقة كان له انعكاسات على عمّان- البيت الأبيض
انسحاب أمريكا من المنطقة كان له انعكاسات على عمّان- البيت الأبيض

يثير قرب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع إجراؤها في الـ 3 تشرين الثاني/نوفمبر القادم، تساؤلات حول موقف الأردن الافتراضي تجاهها، وهل تكمن مصلحته في فوز ممثل الحزب الجمهوري الرئيس الحالي دونالد ترامب، أم ممثل الحزب الديمقراطي جو بايدن؟.

ومما يرفع وتيرة هذه التساؤلات؛ أن المزاج الرسمي الأردني لم يكن صافيا تجاه قرارات ترامب المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وخصوصا نقل السفارة الأمريكية للقدس والاعتراف بها عاصمة لـ"إسرائيل"، و"صفقة القرن" التي كرر العاهل الأردني عبدالله الثاني مرارا رفضه لها ضمنيا بإعلان تمسكه بـ"حل الدولتين"، مؤكدا أنه لن يقبل أن تمارس عليه أية ضغوط بسبب مواقفه من القضية الفلسطينية والقدس.

الأقل ضررا

ويرى المحلل السياسي فرج شلهوب أن "من الصعب القول بأن مصلحة الأردن تكمن في فوز ترامب أو بايدن، إلا أن التقديرات العامة تشير إلى أن بايدن ربما يكون الأقل ضررا على الأردن".

وأوضح لـ"عربي21" أن السياسة الأمريكية بالمجمل معادية للمنطقة العربية ومن ضمنها الأردن المرتبط بشكل وثيق بالقضية الفلسطينية، "إلا أن مشروع صفقة القرن الذي تبناه ترامب؛ يشكل قنبلة نووية تهدم كل الأسس التي قامت عليها السياسة الأمريكية التقليدية وقرارات الأمم المتحدة".

وتابع شلهوب: "أما بايدن فهو يتبنى مشروعا مختلفا سيساهم في تخفيف الضغوط التي مارستها إدارة ترامب على الأردن لفرض صفقة القرن التي تريد أن تحل القضية على حساب الأردن، ويريد لهذا الأخير أن يلعب أدوارا فوق طاقته".

وأضاف أن الدولة الأردنية غير متوافقة مع خطة ترامب تجاه القضية الفلسطينية، لافتا إلى أن تحفظ الأردن على صفقة القرن "يترك صدى في السياسة الأمريكية؛ كونه يشي بشذوذ طرح ترامب إلى حد أن لا تقبله دولة معتدلة وحليفة لأمريكا كالأردن".

ولفت شلهوب إلى أن السياسة الأمريكية عموما تتعامل مع الأردن باعتباره دولة مهمة لواشنطن في الإقليم، وكل من ترامب وبايدن ينظران لأهمية الانفتاح على الأردن وكسر موقفه ليكون قريبا أو متوافقا مع التصورات الأمريكية.

واستدرك: "لكن لا نستطيع أن نقول إن هناك علاقة استراتيجية تحافظ على مصالح الأردن وأمريكا معا، فأمريكا ستفرض سياستها في المنطقة سواء كانت مؤذية للأردن أو لم تكن كذلك".

ولفت شلهوب إلى أن فوز ترامب سيؤثر سلبا على الإصلاح السياسي في الأردن، فمن الواضح أن الديمقراطيين الذين يمثلهم بايدن يدفعون حلفاءهم إلى تبني سياسات الديمقراطية والانفتاح، أما ترامب فهو ليس معنيا بهذا الأمر، بل هو يتحالف مع أشد الديكتاتوريات العربية ويساعدها ويغطي على جرائمها واستبدادها.

وأعلن بايدن خلال حملته الانتخابية معارضته صفقة القرن وسياسة التوسع الاستيطاني الذي تمارسه "إسرائيل"، مؤكدا أنه إذا فاز بالرئاسة؛ سيجدد الحوار مع الفلسطينيين، وسيفتتح مجددا قنصلية بلاده شرقي القدس.

وأكد أن حل الدولتين هو الطريق الوحيد لضمان حق الفلسطينيين بدولتهم من جهة، ولأمن "إسرائيل" على المستوى البعيد من جهة أخرى، متهما ترامب بأنه "زعزع قضية تقرير المصير للفلسطينيين، وعمل على تقويض الأمل بحل الدولتين".

خلاف شكلي

ويرى المحلل السياسي هشام البستاني، أن المصلحة المباشرة للأردن تكمن في فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، على اعتبار أن الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب كان منحازا بشكل صريح للمشروع الصهيوني التوسعي الذي يشكل تهديدا مباشرا للأردن.

 

 

اقرأ أيضا: انتقادات متبادلة بين ترامب وبايدن وإلغاء مناظرتهما الثانية


واستدرك البستاني في حديثه لـ"عربي21" بالقول: "لكن يجب أن نتذكر دائما أن الجمهوريين والديمقراطيين بتعدد توجهاتهم مؤيدون للكيان الصهيوني، ويعتبرونه حليفا استراتيجيا، وبالتالي فإن الفارق بين بايدن وترامب سيكون شكليا لا نوعيا".

وأضاف أن فوز بايدن سيخفف ضغوط ترامب المتعلقة بصفقة القرن على الأردن "لأن هذا المشروع خاص بالإدارة الحالية وليس عليه إجماع أمريكيا"، مستدركا بأن الخلاف بين ترامب وبايدن حول صفقة القرن يتركز في كونها ستؤمن لـ"إسرائيل" أمنا استراتيجيا أم لا؟ "ففي النتيجة؛ كلاهما يتنافس على تحقيق أمن الكيان الصهيوني".

وذهب البستاني إلى القول بأنه "قد يكون وجود شخص منحاز بشكل واضح للكيان الصهيوني كترامب؛ أفضل بالمعنى الاستراتيجي من شخص يداهن ويقدم السم على شكل عسل، كبايدن".

وأكد أن الأردن لا يملك القدرة على التأثير في السياسة الأمريكية، "ولا يوجد أي نوع من أنواع التوازن في العلاقة بين الطرفين"، مضيفا أن هناك توجهات أمريكية بفرض إرادة واشنطن على الأردن وغيرها من الدول؛ إما عن طريق التهديد بقطع مساعداتها لهذه الدول، أو تجاهلها تماما، كما حصل في موضوع الاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" وصفقة القرن.

ولفت إلى أن المساعدات الأهم التي تقدمها الولايات المتحدة للأردن هي تلك العسكرية التي تساعده على الاستمرار بالوجود والقوة، وتوفر الخلفية الأمنية لاستقرار السلطة، لافتا إلى أن المساعدات الاقتصادية من حجم الموازنة لا تعدو مبلغا بسيطا ربما لا يتجاوز الـ10 بالمئة.

ورأى البستاني أنه لن تكون ثمة انعكاسات للانتخابات الأمريكية على مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي في الأردن، معللا ذلك بأن هناك انسحابا أمريكيا كبيرا بالمنطقة، وخصوصا أن خطاب الديمقراطية وحقوق الإنسان الذي تتذرع به أمريكا للتدخل في شؤون الدول العربية لم يعد رائجا وتبين كذبه.

ويعتبر برنامج المساعدات الأمريكية للأردن، أحد حلفاء واشنطن الأساسيين في الشرق الاوسط، من أكبر برامج المساعدات الأمريكية في العالم، ويعتمد اقتصاد المملكة الى حد ما على المساعدات الخارجية، وخصوصا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج.

وبحسب الموقع الرسمي للسفارة الأمريكية في عمّان؛ فإن الولايات المتحدة ملتزمة منذ أكثر من 70 عاما بالعمل لازدهار واستقرار جميع الأردنيين.

وبين الموقع أن الولايات المتحدة قدمت منذ عام 1951 وحتى نهاية 2017 أكثر من 20 مليار دولار أمريكي كمساعدات للأردن.

وفي 15 شباط/فبراير 2018 وقعت الأردن والولايات الأمريكية مذكرة تفاهم غير ملزمة تعهدت خلالها الأخيرة بتقديم مساعدات للأردن بمبلغ 6.375 مليار دولار خلال خمسة أعوام.

التعليقات (0)